المرأة السعودية تستعد لقيادة سيارة بعد رفع الحظر.(أرشيف)
المرأة السعودية تستعد لقيادة سيارة بعد رفع الحظر.(أرشيف)
الخميس 19 أكتوبر 2017 / 20:02

دوحة الدبابير والغربان

منذ بدأت التغييرات في السعودية وماكينة العداوة القطرية تبثّ التقارير والأخبار والتعليقات السلبية عمّا يحدث للسعوديين، سواء من خلال إعلامها الرسمي، أو من خلال إعلامها شبه الرسمي المتمثل في "قناة الجزيرة"

زرع أمير قطر السابق بذور سياسة العداوة القطرية لدول وشعوب المنطقة، وتعهد برعاية النبتة وزير خارجيته، حتى غدت دوحة كبيرة يستظلّ تحتها الكارهون والظلاميون، وتنطلق من أعشاشها وأوكارها الدبابير والغربان لتعيث في الأرض فساداً.

وقد ترسّخت جذور هذه السياسة هناك إلى درجة أن تغيير رأس الهرم لم يغير من الأمر شيئاً، أعني تسليم الأمير السُلطة لابنه المدلل، إذ من الواضح أن الأخير مجرد خيال مآتة، تمرّ من فوقه الزنابير والغربان وهو لا حول له ولا قوة.

وثمة تصوّر خاطئ بأن هذه السياسة موجهة ضد النُظم الحاكمة في دول المنطقة، ولا شأن لها بالشعوب، وهو التصوّر الذي أدى ببعض السّذج، فضلاً عن بعض من كانوا يزورون الدوحة باستمرار بأيدٍ خالية، ويعودون منها بحقائب "سامسونايت" مليئة، إلى مناشدة الأفراد العاديين بترك السياسة لأهلها، لأن الأزمة التي صنعتها قطر لنفسها مع بقية الدول ــ في نظرهم ــ مجرد خلاف بين القادة، ولا شأن للشعوب بها.

وفعلاً لا شأن للشعب القطري بالأمر، فسياسات الدوحة في الأصل ليست موجهة ضد القطريين، ولن تمزّقهم، ولن تفسد حياتهم، ولن تخرب بيوتهم، ولن تدمر مستقبل أبنائهم، رغم أن هذا كله قد يحدث إذا استمرت الدوحة في هذا النهج الذي سيوقع القطريين في النهاية في الحفر التي حفرها نظامهم للشعوب الأخرى، والمهم في الأمر أن شعوب دول المنطقة معنية بكل ما تفعله قطر، بل هي معنية أكثر من حكوماتها.

ويعطي الموقف القطري من التغييرات التي تحدث في السعودية دليلاً "طازجاً" على حرص الدوحة على إلحاق الأذى بالأفراد العاديين وإفساد حياتهم، وهو حرص قديم وليس وليد الأزمة الحالية ليقول قائل إن قطر تضغط كما تتعرض للضغط، فقد دأبت الدوحة منذ عقدين كاملين، وإلى يومنا هذا، على الإضرار بالمواطن الإماراتي، والبحريني، والمصري، وغيرهم.

ولنعد إلى الدليل الحي الذي يحدث أمام أعيننا هذه الأيام، فقد ارتأت القيادة السعودية الجديدة إحداث تغيير في مختلف المجالات التي من شأنها تجويد الحياة في المملكة، وقائمة التغييرات متنوعة وكثيرة ومتسارعة إلى درجة أنه يصعب حصرها، والمهم في هذا أن الشعب السعودي موعود بتوفير الجودة في حياته، ويمكن ملاحظة ابتهاج السعوديين بما يحدث في بلادهم، واستبشارهم بالقادم من أيامهم، ولا أعتقد أنني أبالغ إذا قلت إن الشعب السعودي في هذه اللحظة هو أكثر شعب في العالم يشعر بالأمل.

هذا الفرح السعودي، فرح الناس، وهذا الاستبشار، استبشار الناس، وهذا الأمل، أمل الناس، سرى تياره وطاف أرجاء الكرة الأرضية، فرأينا دولاً تشيد بما يحدث في السعودية، ورأينا أشخاصاً من مختلف الجنسيات يفرحون للفرح السعودي.. ورأينا في المقابل سرادق العزاء في الدوحة، كأنّ الفرح السعودي أصابهم في مقتل.

منذ بدأت التغييرات في السعودية وماكينة العداوة القطرية تبثّ التقارير والأخبار والتعليقات السلبية عمّا يحدث للسعوديين، سواء من خلال إعلامها الرسمي، أو من خلال إعلامها شبه الرسمي المتمثل في "قناة الجزيرة"، أو من خلال إعلامها الذي يعمل من الخارج، أو عبر أشخاص قطريين ليسوا أفراداً عاديين في قطر، وثمة هدف قطري واحد من كل هذا: إفساد ما يحدث للسعوديين بنعيق غربانها، وقتل أملهم بغدٍ أفضل بلسعات دبابيرها.