حشود عراقية على مداخل كركوك.(أرشيف)
حشود عراقية على مداخل كركوك.(أرشيف)
الجمعة 20 أكتوبر 2017 / 10:47

الحرب في العراق لن تنتهي في غياب استراتيجية أمريكية

24- زياد الأشقر

كتب إميل سيمبسون في موقع مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه في الوقت الذي لا يزال يتعين السيطرة على الجيوب الأخيرة لداعش في العراق، فإن الإنقسامات الطائفية في البلاد بدأت تطفو على السطح بينما يتبدد العدو المشترك.

النجاح العسكري للولايات المتحدة على داعش ينطوي مخاطر اندلاع أعمال عنف تفتت العراق لأنه ما من عدو مشترك تتحد الأطراف معاً ضده

فبينما كانت القوات العراقية النظامية والميليشيات الشيعية تدخل مدينة كركوك التي تقع في مركز الأراضي وحقول النفط المتنازع عليها بين حكومة إقليم كردستان والحكومة العراقية الإثنين، أصدرت السفارة الأمريكية بياناً قالت فيه إن "داعش لا يزال العدو الحقيقي للعراق، ونحن نحض كل الأطراف كي تبقي تركيزها على الإنتهاء من تحرير بلادهم من هذا الخطر". وردد القائد العسكري الأمريكي على الأرض الميجور جنرال روبرت وايت، الأمر ذاته،، قائلاً: "إننا مستمرون في تأييد الحوار بين السلطات العراقية والكردية. الجميع يجب أن يبقى مركزاً على إلحاق الهزيمة بعدونا المشترك، داعش، في العراق".

ماذا بعد "التحرير"؟
ورأى سيمبسون غرابة في الوصول إلى هذه النقطة، "ففي الحرب، يفترض بالاستراتيجية أن تربط الفعل الميداني على الأرض بأهداف سياسية أوسع. ومع ذلك، فإنه منذ غزو العراق عام 2003، ركزت الولايات المتحدة وحلفاءها على أهدافهم العملانية من دون وضع خطة سياسية"، مضيفاً: "كان لدينا دائماً استراتيجية سياسية قائمة على السلبية ومن دون مثيل سياسي إيجابي يقول لنا، لا ما لا نريده، ولكن ما نريده. ويمكن أن نحاول تحرير العراق وليبيا أو سوريا من خطر معين، لكن ماذا بعد؟".

أداء استراتيجي عاجز
وأضاف أنه لا حاجة كي أضيع الكلمات في استرجاع تفاصيل الفشل الأكبر في التخطيط الاستراتيجي في التاريخ الأمريكي- ألا وهو غياب أي خطة سياسية جدية لما بعد غزو العراق عام 2003. كان ذلك بمثابة إداء استراتيجي عاجز من البيت الأبيض ووزارة الدفاع ومجلس الأمن القومي، ولا يزال من الصعب حتى الآن تصديق حدوثه.

ليبيا وسوريا

وفي ليبيا عام 2011، أدى الإخفاق في التخطيط لما سيلي سقوط معمر القذافي إلى الفوضى الجهادية. ويبدو الآن أن موسكو ستمكّن رجلها المشير خليفة حفتر من الإمساك على الأقل بنصف البلاد. وبكلام آخر، هناك احتمال لظهور دولة تدور في الفلك الروسي على أعتاب أوروبا، ستطلق الحرية لتدفق اللاجئين عبر البحر إلى أوروبا.
    
وفي سوريا، عجز الذين دفعوا نحو تدخل أمريكي في الرد على سؤال حول كيفية تفادي فوضى جهادية على غرار ما حصل في ليبيا إذا ما أُطيح فعلاً ببشار الأسد، مما جعل الثوار المسلحين بلا استراتيجية سياسية. والنتيجة، كانت حملة أمريكية مرتجلة.

حلقة مفرغة
وقال سيمبسون "نحن مجدداً ندور في حلقة مفرغة: نقترب من نجاح عسكري ضد داعش لكننا نخفق في تحديد السلام الذي سيلي ذلك، لأنه لا توجد محاولة جدية حتى لتعريف السلام سلفاً. وهذا ما يحصل عندما تركز على هزيمة عدو عسكرياً لكن لا تهتم باستراتيجية سياسية".

وحذر من أن النجاح العسكري للولايات المتحدة على داعش ينطوي مخاطر اندلاع أعمال عنف تفتت العراق لأنه ما من عدو مشترك تتحد الأطراف معاً ضده، داعياً إدارة دونالد ترامب إلى وضع استراتيجية سياسية الآن، لأن النافذة تقفل بسرعة، أمام تكرار أخطاء الماضي.