رتل من آليات الجيش العراقي (أ ف ب)
رتل من آليات الجيش العراقي (أ ف ب)
الجمعة 20 أكتوبر 2017 / 18:42

القوات العراقية قلبت ميزان القوى ومحت صورة الجيش الضعيف

استطاعت القوات العراقية بمواجهتها المقاتلين الأكراد وسيطرتها السريعة خلال الأيام الأخيرة على مناطق متنازع عليها مع إقليم كردستان، وأبرزها كركوك، وبعد طردها تنظيم داعش من مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، قلب ميزان القوى بشكل جذري في البلاد، وفق ما يؤكد خبراء.

خلال 14 عاماً، وفي مواجهة جيش حكومي ضعيف، سيطرت قوات البشمركة بشكل منهجي على مناطق متنازع عليها بين بغداد وأربيل.

لكن الأوضاع انقلبت تماماً خلال الأسبوع الحالي، إذ لم يستغرق الأمر سوى 48 ساعة كي تستعيد القوات المركزية العراقية السيطرة على جميع تلك المناطق من دون أي مقاومة تقريباً.

ورحب المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة واشنطن الكولونيل راين ديلون بهذا التطور، قائلاً إن القوات العراقية حسمت معركة الموصل التي "تعد من أصعب المعارك منذ عقود، ثم سيطرت على تلعفر والحويجة".

وأضاف: "يقال إنهم الآن، من أوائل قوات الأمن في المنطقة".

وتطلب الأمر سنوات لإعادة تشكيل القوات العراقية بمساعدة العديد من جيوش الدول الغربية.

بعيد الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، أقدم الحاكم المدني الأميركي حينها بول بريمر على حل القوات الأمنية العراقية التي اعتبرها آنذاك أداة بيد نظام صدام حسين.

وفي ذلك الوقت، كان أكثر من نصف القوات العراقية عبارة عن "جنود أشباح"، أي أسماء وهمية يتلقى أصحابها رواتب من دون أي تواجد لهم على الأرض، وفق ما يقول أحد المدققين.

كانت القوات العراقية في أسوأ حالاتها خلال الهجوم الواسع لتنظيم داعش في يونيو (حزيران) 2014، عندما سيطر التنظيم المتطرف على نحو ثلث مساحة البلاد.

ويقول الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إميل حكيّم إن "معنويات (القوات) كانت متدنية جداً"، وكانت "تعاني من الفساد والمحاباة في القيادة".

في عهد رئيس الوزراء حيدر العبادي، أقدمت الحكومة على إصلاحات في المؤسسة الأمنية، مستعينة بمدربين أجانب كانوا غادروا البلاد في العام 2011.

ويؤكد التحالف الدولي أنه درب منذ العام 2015، 119 ألف عنصر من القوات الأمنية بينهم 43900 عسكري، 20700 شرطي، 14400 من قوات مكافحة الإرهاب، و22800 من البشمركة.

ويوضح حكيم أن الإصلاحات "المهمة" التي قام بها العبادي والمصحوبة بـ"جهود أميركية واسعة لتسليح ودعم" العراق، أثمرت "قوة أكثر انضباطاً والتزاماً وأفضل (مستوى) في التماسك الذي أظهر قدراتها العسكرية في ساحة المعركة".

ويرى رئيس تحرير مجلة "جاينز" الأسبوعية المتخصصة بشؤون الدفاع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بأن القوات العراقية اليوم هي ثمرة ثلاث سنوات من تدريب وتسليح من جانب التحالف.

لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن "العراقيين أيضاً حسنوا على الأرجح أسلوبهم في مواجهة مشاكل الفساد والضعف اللوجستي وفي كيفية رفع المعنويات المتدنية" للقوات.

في المقابل، حصلت القوات الحكومية على دعم قوات الحشد الشعبي التي تضم فصائل ذات غالبية شيعية مدعومة من إيران، تعد أكثر من 60 ألف مقاتل وتشكلت في العام 2014 بعد فتوى إرهابية من أكبر مرجعية شيعية في البلاد لمواجهة تنظيم داعش.

وتخضع تلك الفصائل حتى الساعة لقيادة رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.

في المقابل، انعكست صورة قوات البشمركة التي كانت تتغنى بمقاتليها الأشداء، خصوصاً أنها لم تكن القوات الرئيسية في الحرب ضد تنظيم داعش في العراق.

ولم تشارك البشمركة في معركة استعادة الموصل، وكانت تقف على بعد ثلاثين كيلومتراً إلى شرق المدينة، ولم تخض أيضاً معارك لاستعادة تلعفر أو الحويجة ولم تشارك في أي من معارك محافظة الأنبار في غرب البلاد.

وعندما تقدم تنظيم داعش باتجاه مدينة اربيل، كان حال البشمركة حال القوات العراقية آنذاك، ومستعدة للفرار، لولا الدعم الذي قدمته لها إيران المجاورة.

ويرى حكيم بأن تقهقر القوات الكردية في كركوك "سببه انعدام التوافق السياسي"، موضحاً أن "الحرب ضد تنظيم داعش غطى على خلل الإدارة الكردية منذ سنوات".

من جهة أخرى، لا تزال صورة مقاتل البشمركة القديم الواقف على جبل بشاربين طويلين ووجه أسمر مجعد وكوفية تقليدية على رأسه وسروال عريض مدافعاً عن أرضه في ظروف قاسية، قائمة.

ويعتبر حكيم أن الجيل الجديد من البشمركة "ليست لديه القسوة والتماسك اللذين يمتلكهما القدامى"، لأن "الاستقرار والتطور الاقتصادي لكردستان العراق منذ العام 2003، أثراً على العقلية العسكرية للمجتمع الكردي".

في المقابل، لم يعد مقاتلو البشمركة يتسلمون إلا نصف رواتبهم منذ العام 2005، بسبب الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل، ما ينعكس سلبا على معنويات هؤلاء المقاتلين.