آلية لقوات سوريا الديمقراطية على مدخل الرقة.(أرشف)
آلية لقوات سوريا الديمقراطية على مدخل الرقة.(أرشف)
الإثنين 23 أكتوبر 2017 / 12:54

في سوريا والعراق.. جولات جديدة من التمرد تلوح في الأفق

في ظل استكمال الحملات العسكرية التي أدت لطرد داعش من العراق وسوريا، حذر زاكاري لوب، محرر بارز لدى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، من احتمال نشوب صراعات جديدة في حال استمرار الترتيبات السياسية الحالية.

إذا لم يجر المنتصرون في كلا البلدين ترتيبات سياسية لتوفير الخدمات لمدنيين وتسهيل عودة لاجئين، فإن ما تحقق، عبر معارك ضارية، قد يمهد لدورات لاحقة من التمرد والمقاومة

 ويرى الكاتب أن التراجع المتسارع لبصمة داعش يرفع مخاطر قيام مواجهات جديدة بين مختلف المجموعات المسلحة في العراق وسوريا، وفي بعض الحالات مع قوى أجنبية، تتنافس لبسط نفوذها في المناطق المحررة.

وفي الوقت نفسه، يحذر خبراء من أنه إذا لم يجر المنتصرون في كلا البلدين ترتيبات سياسية لتوفير الخدمات لمدنيين وتسهيل عودة لاجئين، فإن ما تحقق، عبر معارك ضارية، قد يمهد لدورات لاحقة من التمرد والمقاومة.

ويستهل الكاتب مقاله باعتبار دخول القوات العراقية مدينة الحويجة، خلال الشهر الحالي، بمثابة خسارة داعش لما تبقى له من نفوذ في العراق. ولكن تنتشر في مناطق خضعت سابقاً للتنظيم، ثلاث قوى، الجيش العراقي وميليشيات شيعية شبه رسمية، والبشمركة الكردية، التي تلقت مؤخراً ضربة قاصمة من القوتين السابقتين، وأجبرت على الخروج من كركوك الغنية بالنفط.

تحول لحرب عصابات
ويلفت لوب لبقاء داعش في آخر جيب له في غرب محافظة الأنبار، بمحاذاة الحدود السورية. وبعد خسارته معظم أراضيه في العراق، يتوقع محللون أن يعمد مقاتلو داعش، ممن نجوا من الجيش العراقي وميليشيات حليفة، لتبني تكتيكات حرب العصابات.

وأما بالنسبة إلى النازحين، ويقدر عددهم بثلاثة ملايين داخل العراق، وقد توزع ثلثهم ضمن محافظة نينوى، وعاصمتها الموصل. كما نزح من الموصل قرابة ثمانمائة ألف، خلال الحملة العسكرية الأخيرة لتحرير المدينة. وفي مناطق لم تشهد كثيراً من الدمار، كالقسم الشرقي من الموصل ومدينة تلعفر، سارع نازحون للعودة إلى بيوتهم. ولكن في أماكن أخرى، حيث تهدمت منازل وبنية تحتية، ولم يتبق إلا بعض الخدمات العامة، ما زال عدد كبير من النازحين يعيشون في معسكرات إيواء مؤقتة. كما منع زعماء عشائر عودة أقارب وأبناء من يشتبه بتعاونهم مع داعش.
  
تكلفة باهظة
وأما ما يتعلق بكلفة إعادة الإعمار، فتشير التقديرات إلى أنها قد تتجاوز مليار دولار، وخاصة بعد تهدم معظم المباني الأثرية في القسم الغربي من الموصل، بسبب قصف طائرات قوات التحالف مقاتلي داعش الذين تحصنوا فيها. كما تشتد الحاجة لترميم سد الموصل، والذي قد يهدد انهياره حياة ملايين العراقيين.

نصر آخر
وأما في سوريا، فقد تمكنت قوات كردية، مدعومة أمريكياً، من تحرير الرقة، عاصمة داعش سابقاً. كما تتعرض محافظة دير الزور القريبة، لقصف من قبل القوات السورية النظامية، مدعومة بقوة جوية روسية، لطرد ما تبقى من مقاتلي التنظيم.

ويشير لوب إلى وجود مسؤولين أمريكيين حالياً في شمال سوريا للتحضير لإدارة الرقة. وتدعم قوات "قسد" الكردية تشكيل مجلس حكم مدني في الرقة، وتقوم قوات أمريكية بتدريب ميليشيا لحفظ الأمن في المدينة. وليس من الواضح بعد مدى سيطرة حرب الاتحاد الديمقراطي ( بي واي دي) على تلك المناطق، لكن بعض المتابعين يشككون بأن مقاتلين أكراداً سيضمون مناطق حرروها إلى منطقتهم، روغوفا، ذات الحكم الذاتي بفعل الأمر الواقع.

توترات أشد
ويرى متابعون أن الأوضاع سوف تصبح أكثر تعقيداً في محافظة دير الزور. فقد تظهر توترات جديدة إذا اعتبرت الغالبية العربية هناك أن الأكراد الذين يديرون منطقتهم مجرد محتلين. وفي نفس الوقت، قد تنضم قوى مسلحة أخرى إلى المشاحنات، فيما يتسابق داعموهم من الخارج، كإيران وتركيا، لبسط نفوذهم في مناطق لا ترجح عودتها إلى السلطة المركزية في دمشق. ومن بين تلك القوى مليشيات الحشد الشعبي المدعومة إيرانياً، والتي تعبر الحدود من العراق، ومقاتلون من السنة العرب مدعومون من الأردن والولايات المتحدة الأمريكية. ويقول مراقبون إن سوريين أكراداً يتعمدون السيطرة على المنطقة الغنية بالنفط في سوريا، لاستخدامها لاحقاً كورقة ضغط من أجل الحصول على حكم ذاتي في ظل تسوية مستقبلية.

عودة لاجئين
وفي ما يتعلق بعودة لاجئين سوريين من دول مجاورة ومن دول أوروبية، فقد عاد طوعاً قرابة 600 ألف لاجئ، من أصل 5 ملايين سوري ما زالوا يقيمون خارج سوريا، ويخشى بعضهم من العودة في ظل عدم استقرار الأوضاع في مناطقهم، أو خشية من الاعتقال، أو السوق إلى الخدمة العسكرية الإلزامية.

وعند الحديث عن إعادة إعمار سوريا، يقدر خبراء البنك الدولي بأنها قد تكلف ما بين 100 و 200 مليار دولار. 

لكن باعتقاد الباحث، بدون تحقيق عملية انتقال فعلية وشاملة تفيد جميع السوريين، فإن المشاركين في تمويل مشاريع إعادة الإعمار سوف يترددون في تقديم أموالهم خشية خسارتها لصالح فئة صغيرة تستغل حالة الانفلات الحاصل في عدد من المناطق السورية.