الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 27 أكتوبر 2017 / 12:13

أردوغان يغذي مشاعر العداء لأمريكا في بلاده

في العلاقات الدولية، والعمل الديبلوماسي، تتبع بعض الدول وسائل كالابتزاز والتهديد لتحقيق مصالحها، لكنها غالباً ما تغلف سياساتها بشكل من الكياسة والمرونة. إلا أن المواصفات لا تنطبق على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحسب دوغ باندو، زميل رفيع لدى معهد كاتو، ومساعد خاص سابق للرئيس رونالد ريغان.

أردوغان تصرّف كما فعل أدولف هتلر في عام 1933 عندما أحرق الرايخستاغ. فقد استغل الرئيس التركي الانقلاب كفرصة لقمع المعارضة، وعدَّ أي انتقاد بمثابة خيانة

وكتب باندو في مجلة "ناشونال إنترست" حول أردوغان الطامح لأن بصبح سلطاناً جديداً، خاصة مع كسبه مزيداً من السلطات، إضافة إلى بنائه قصراً رئاسياً فاخراً يتماشى مع تطلعاته. وقد اعترف بأنه معادٍ لأمريكا لأنها ترفض تسليمه الواعظ فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة، في العام الماضي.

مجالات للتعاون
لذا يدعو الباحث واشنطن للتوقف عن التظاهر بأن تركيا حليف لأمريكا، ويقول إنه ستبقى هناك مجالات للتعاون بين البلدين، ولكن يرجح أن تعارض الحكومة التركية الحالية المصالح والقيم الأمريكية، عوضاً عن دعمها.

وبرأي باندو، عندما فاز حزب أردوغان بالانتخابات في 2002، بدا محافظ اسطنبول سابقاً أشبه بزعيم حر. فقد ساعد على تفكيك الدولة ذات التوجهات الديكتاتورية القومية التي أنشأها مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك. وكان ليبراليون من بين أشد أنصار أردوغان. واعتبر البعض إعادته الجيش إلى ثكناته، أحد أهم إنجازاته. كما ساهم حزب العدالة والتنمية في تحسين معاملة المرأة، والتصدي للعنف الداخلي.

لكن، قبل بضعة سنوات، حول أردوغان مساره. وصرح مرة بأن الديمقراطية" تشبه قطاراً تنزل منه عندما تصل إلى وجهتك". ويبدو واضحاً أن الرئيس التركي وصل إلى غايته عندما فاز حزبه، في ثالث انتخاباته البرلمانية، في 2011. ومع انتشار تهم بالفساد في حكومته، أصبحت حكومة أردوغان تسلطية وإسلامية.

غولن
ويلفت باندو للدور الذي لعبه فتح الله غولن في صعود أردوغان. فالرجل الذي بنى حركة دينية واجتماعية دولية، عرفت باسم حزم، دعم طموحات الرئيس التركي الحالي. ولكن في 2013، انقلب السياسي على رجل الدين، رغم تحويل أردوغان تركيا نحو مسار إسلامي. فقد عمد كرئيس للوزراء (ومن ثم كرئيس) لإنهاء سيطرة الجيش الكمالي، العلماني النزعة، على السلطة، وسمح للأتراك بممارسة شعائرهم الدينية. ولكنه في وقت لاحق، وظف النظام لصالح غايات دينية، فقمع الحريات الاجتماعية للشعب التركي.

سياسة عدائية
ويرى الباحث أن سياسة أردوغان الخارجية أصبحت، بمرور الوقت، أكثر عدوانية. فقد تسامحت أنقرة مع نشاطات داعش عبر الحدود في سوريا. كما أجرت حكومة أردوغان عمليات عسكرية ضد أكراد سوريين تعاونوا مع قوات أمريكية في الحرب على داعش. ثم أسقط الجيش التركي طائرة عسكرية روسية في سوريا، ما عزز توترات مع موسكو. لكن أردوغان تصالح لاحقاً مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وطلبت أنقرة، العضو في الناتو، شراء منظومة إس 400، الروسية المضادة للصواريخ.

تدهور إضافي للعلاقات
ويشير باندو لتدهور إضافي طرأ على علاقة أردوغان مع أمريكا والغرب، بعد الانقلاب الفاشل في يوليو (تموز) 2016. وفي الواقع، لم يكترث أي من زعماء غربيين بمحاولة الاطاحة بالرئيس التركي، رغم أن سيطرة الجيش كانت بمثابة العلاج الذي سيقضي على المريض. وكان من المحتمل نشوب حرب أهلية في تركيا.

ويمضي الباحث للقول إن أردوغان تصرّف كما فعل أدولف هتلر في 1933 عندما أحرق الرايخستاغ. فقد استغل الرئيس التركي الانقلاب كفرصة لقمع المعارضة، وعدَّ أي انتقاد بمثابة خيانة. وتم اعتقال عشرات البرلمانيين والقضاة والمحققين وأساتذة الجامعات والمعلمين والصحفيين.

استهداف واشنطن
علاوة عليه، يلفت الباحث لاستهداف حكومة أردوغان لواشنطن، وحيث أشاع نظريات المؤامرة، وبات أربعة من بين كل خمسة أتراك يكنون مشاعر"سلبية" لأمريكا، ويعتقدون أن الولايات المتحدة وقفت وراء الانقلاب.

وبالإضافة لاعتقال قس أمريكي يقيم في تركيا منذ 23 عاماً، وعرض مبادلته بفتح الله غولن المقيم طوعاً في أمريكا، واعتقال عدد من الأمريكيين من أصل تركي، ومهاجمة حراس أمن أردوغان لمحتجين مسالمين تظاهروا أمام السفارة التركية في واشنطن احتجاجاً على زيارته الأخيرة لأمريكا، يواصل الرئيس التركي مهاجمة السياسات الأمريكية.

تعاون غير ثابت
وبرأي باندو، لم يعد التعاون الأمريكي – التركي ثابتاً وقوياً كما كان. ومع تنامي المشاعر العدائية في أوساط الشعب التركي، وفي ظل تحول عسكري وتسلط رئيس يتخذ قرارات عشوائية، لم تعد الاستفادة من قاعدة إنجيرليك التركية مضمونة. وعلاوة عليه، لم يعد أردوغان يخفي هجماته ضد أمريكا، بل قال في الذكرى الأولى للانقلاب: "يحاول، من يسمون أنفسهم حلفاء لنا، محاصرتنا داخل حدودنا".