الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 / 16:40

أكاديميون أجانب لـ24: اللوفر أبوظبي سيغدو سفيراً للمشهد الثقافي في الإمارات

24 - أبوظبي- آلاء عبدالغني

أيام معدودة تفصل المنطقة برمتها عن افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، الصرح الحضاري والثقافي الأضخم عربياً والأبرز في جزيرة السعديات بالعاصمة الإماراتية أبوظبي، والذي سيأتي بعد عشر سنوات من العمل الدؤوب والجهود الحثيثة ليؤكد مكانة الإمارات الرائدة على الخارطة العالمية للثقافة.

24 رصد آراء عدد من الأكاديميين الأجانب المتخصصين بالثقافة والفنون في جامعة نيويورك أبوظبي، والذين أكدوا أن متحف اللوفر الذي تحتضنه العاصمة الإماراتية أبوظبي، هو إنجاز إنساني بالدرجة الأولى، لكونه يجسد جسراً ثقافياً يربط بين أشكال الثقافة والفنون المتنوعة والمتعددة التي تتمازج وتتآلف تحت قبته الفضية، جامعة الإرث الثقافي والتراثي الخصب لدول وشعوب مختلفة، ما يؤكد أن الفن فوق جميع الحواجز الجغرافية والزمنية، والرابطة التي تنصهر فيها جميع الاختلافات والانتماءات لتنقل إرث الماضي بنكهة الحاضر وحداثة المستقبل.

وأكدوا أن دولة الإمارات منارة تشع منها أعمال الفن والثقافة إلى سائر أرجاء العالم، وأن متحف اللوفر أبوظبي سيغدو سفيراً للمشهد الثقافي الخصب والمتنامي في دولة الإمارات ليختزل هذا المتحف قصة طموح غير محدود، ويكون نقطة الانطلاق لإنجازات تزرع بذور الثقافة والمحبة وقبول الآخر في المنطقة والعالم.

ترسيخ مكانة أبوظبي

وبدوره قال مساعد عميد الفنون في جامعة نيويورك أبوظبي الأستاذ ديفيد دارتس:  "سيساهم افتتاح متحف اللوفر أبوظبي في إثراء مشهد الفنون والثقافة في دولة الإمارات والمنطقة عموماً، كما سيلعب هذا الصرح الثقافي المرموق دوراً محورياً في ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز ثقافي رائد ووجهة رئيسية لدراسة وتطوير شتى أشكال الفن والثقافة، إضافة إلى دعم وإثراء المنظومة المحليّة لمؤسسات ومجموعات الفنون والثقافة في الدولة".

وأشار إلى أن الفنون تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافيّة، وعاملاً مؤثراً في قدرة المجتمعات على التخيل والابتكار والإبداع والتجريب، وتتمتع مجالات الفن وكذلك الفنانون بقدرة مميزة على إثراء وبلورة الفهم والوعي البشري، مضيفاً: "من المؤكد أن الالتزام تجاه مشروع مرموق مثل اللوفر أبوظبي سيلعب دوراً محورياً في دفع عجلة الابتكار الثقافي والتكنولوجي، وبلورة الرؤى النقدية، والتأسيس لأشكال حيوية من التبادل الإنساني".

الاستثمار في الفنون
وأفاد دارتس أن دولة الإمارات وضعت رؤيةً واعدة لبناء مؤسسات ثقافية عابرة للحدود لضمان أن يكون العالم العربي في طليعة قطاعات الفن والثقافة العالمية،وقال: "من الواضح أن الحكومة الإماراتيّة تدرك جيداً أن الاستثمار في الفنون هو استثمار ناجح في قطاع يسهم بتوليد فرص العمل، ناهيك عن كونه حجر الزاوية لدعم السياحة ومسيرة التنمية الاقتصادية، وتحفيز الاقتصاد القائم على المعرفة والإبداع، ولاشك أن افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، والتعاون الوثيق مع مؤسسة جوجنهايم، وتطوير متحف زايد الوطني، إلى جانب الأبحاث المستمرة والمنح الدراسية بمجال الفنون في جامعة نيويورك أبوظبي سيثمر عن إحداث توسّع لافت على مستوى قطاعات الفنون والثقافة في الإمارات خلال السنوات القليلة المقبلة، وقد استطاعت دولة الإمارات تعزيز مكانتها كمركز حيوي نابض للفنون والثقافة في العالم العربي، وذلك بفضل تضافر العديد من الجهود الجماعية، لاسيما التي بذلتها مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان ومؤسسة الشارقة للفنون ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إلى جانب التنسيق والتعاون مع الفعاليات والمعارض الفنية العالمية مثل بينالي الشارقة ومعرض فن أبوظبي ومعرض آرت دبي ومعرض أيام التصميم دبي".

مشروع مرموق

ومن جانبها، نوهت رئيس برامج الأدب والكتابة الإبداعية في جامعة نيويورك أبوظبي ديبورا ليندساي ويليامز، إلى أن "افتتاح متحف اللوفر أبوظبي ينطوي على أهمية بالغة ليس لكونه مشروعاً ثقافياً مرموقاً بحد ذاته فحسب، وإنّما كمنصة رائدة من المتوقع أن تُحدث تأثيراً إيجابياً كبيراً يطال شتّى أشكال الفنون والثقافة في المنطقة".

وقالت: "لقد شهدنا إبداع العديد من الأشخاص الذي قدّموا فنوناً رائعة ومثيرة للاهتمام، وهو ما تجلّى بوضوح خلال فعاليات رائدة مثل بينالي الشارقة، ومشهد المعارض الفنية في دبي بشكل عام، ولكن متحف اللوفر أبوظبي يوفر منصة استثنائية داعمة لهذه الفنون، حيث يمكن للفنانين المحليين انتقاء مواضيع محددة من المتحف، أو تقديم سرود وقصص متباينة مع تلك التي يقدّمها المتحف، ونأمل جميعاً أن يتوافد الناس إلى هذا الصرح الضخم للتعرّف على المشهد الغني للفنون المحلية".

الانفتاح على الآخر

وأضافت: تساعدنا الفنون على التفكير ملياً في حياتنا الخاصة، وكذلك الانفتاح بحريّة على حياة الآخرين، حيث يمكننا من خلال مخيّلتنا اختبار حياة مختلفة عن حياتنا، وبالتالي سنتعرّف على شخصيات وأطباع البشر، وسننفتح عليهم أكثر بدلاً من رؤيتهم كأناسٍ غرباء عنّا، فعلى سبيل المثال، قد نتعجب من الإبداع الذي تجسده منحوتة مذهلة عمرها ألفي سنة ليس فقط بسبب المهارة الفنية المتجسدة فيها فحسب، بل لأننا ندرك اللمسات الإنسانية الواضحة في جوهرها، بغض النظر عمّا إذا كان هذا العمل مصدره من مصر أو الصين أو غرب أفريقيا".

وأردفت قائلة: "يُجمع الكثيرون على أن مجالات الفن والثقافة تلعب دوراً هاماً في مستقبل حياة السكان بدولة الإمارات، وهو ما يتجلّى من خلال التزام الحكومة الراسخ تجاه المتاحف والمهرجانات الأدبية وما إلى ذلك، أضف على ذلك أيضاً الالتزام تجاه التعلم أكثر عن الفنون والثقافة في المدارس، وذلك بهدف تنمية المواهب الفنية وتنمية المخيلة الإبداعية لدى الشباب، إضافة إلى تشجيع الناس على تنمية شغفهم تجاه الاطلاع على مجالات الفن والثقافة".

منارة ثقافية
ومن جهته، قال المدير الفني التنفيذي في مركز الفنون بجامعة نيويورك أبوظبي بيل براجين: "يمثل افتتاح متحف اللوفر أبوظبي إضافة غنية ستسهم في إثراء المشهد الفني والثقافي بشكل عام، وقد لمسنا بأنفسنا مدى تميّز الناس الذي زاروا جامعة نيويورك أبوظبي لإثراء معارفهم ومداركهم الفنيّة عبر متابعة العروض البصرية في المعارض الفنية ضمن الجامعة ومنصة (مساحة المشروع)، إضافة إلى مشاهدة العروض الأدائية في مركز الفنون، كما شهدنا أيضاً تنظيم العديد من الحوارات الفنية بين برامج جامعة نيويورك أبوظبي والمؤسسات الثقافية الأخرى مثل منارة السعديات و(معرض 421)، ومع افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، سوف تصبح جزيرة السعديات وجهة رئيسية أكثر تميزاً بالنسبة لرواد الثقافة والفن من شتّى أنحاء العالم، إلى جانبها مكانتها كمنارة ثقافية تساهم على مدار العام في تثقيف وتوعية الجماهير التي ستلهمنا جميعاً من خلال شغفها وثراء معارفها".

تعزيز القيم
وتابع قائلاً: "تساهم مجالات الفنون والثقافة في تعزيز قيم التعاطف والتفاهم بين البشر، فهي توضّح لنا مدى التشابه بطرق مختلفة بين البشر بصرف النظر عن الزمان والمكان، كما تجعلنا نقدّر الأساليب العديدة التي نعبّر من خلالها عن هذه القواسم المشتركة عبر أنماط تعبيريّة متنوعة، ونحن نعلم جيداً أن الفرق والاختلاف لا يعني بالضرورة وجوة "فجوة"، فنحن جميعاً نُحب ونختبر تجارب الفرح والحزن والسعادة، ولكننا نختار طرقاً متنوعة للتعبير عن ذلك؛ ولاشك أن الفنون تعلّمنا أن نجد أنفسنا وندرك ذاتنا من خلال بعضنا البعض".

وأكد براجين أن "المشهد الفني والثقافي في دولة الإمارات يحرز تقدماً بشكل كبير، إذ أن الطبيعة العالمية الفريدة للدولة، إلى جانب التراث المحلي الغني يسهم في ابتكار نموذج جديد من أجل المستقبل، ومن خلال ابتكار المساحات التي تحتضن هذه التعبيرات الثقافية وسط أجواء مفعمة بالحوار الإيجابي، فإن الإمارات تقدم إمكانيات جديدة لبقية العالم".

دور متنامي

وأضاف: "من خلال تطوير أعمال التكليف الفني وتقديم أعمال جديدة مثل حفل الأوبرا (حكاية المزارع) المقتبس عن رواية (أوكتافيا إي بتلر) والذي تقدّمه كاتبة الأغاني وعازفة الجيتار توشي ريجون بالتعاون مع والدتها برنيس جونسون، والذي سيتم عرضه لأول مرة عالمياً بالتزامن مع افتتاح متحف اللوفر أبوظبي بين 9 و11 نوفمبر (تشرين الثاني) تبرهن دولة الإمارات مجدداً على مكانتها كمنصة كبرى لتسليط الضوء على أهم الأعمال الفنية الجديدة، والتي ستنتقل إلى كافة أرجاء العالم، وستكون سفيرة للمشهد الثقافي الخصب والمتنامي في دولة الإمارات، التي ستكتسب بالتالي أهمية كبرى بوصفها منارة تشع منها أعمال الفن والثقافة إلى سائر أرجاء العالم".