العلمان الأمريكي والتركي.(أرشيف)
العلمان الأمريكي والتركي.(أرشيف)
الثلاثاء 7 نوفمبر 2017 / 13:27

أمريكا تميز بين تركيا و.. رئيسها المعادي للغرب

بعدما كانت تركيا حليفاً استراتيجياً وثيقاً للولايات المتحدة، لم تسع، خلال السنوات الأربع الأخيرة، للابتعاد عن واشنطن في مجال التنسيق السياسي وحسب، بل سببت توترات وسياسات عدائية وسط العلاقات بين الحليفين.

تأتي الاعتقالات الأخيرة لأمريكيين في تركيا، كشكل من استعراض القوة ينفذه أردوغان أمام ناخبين أتراك، وكإشارة على عزمه على قيادة "تركيا الجديدة"

وعن محاولات واشنطن تعديل دبلوماسيتها تبعاً للمواقف التركية، وسعيها لوقف المسار التركي المعادي، كتب في موقع "وور أون ذا روكس" كل من ليسيل هينتز، أستاذة العلاقات الدولية والدراسات الأوروبية لدى "معهد الدراسات الدولية المتقدمة" التابع لجامعة جون هوبكينز، وبليز ميستزال، مدير برنامج الأمن الوطني لدى "مركز سياسات الحزبين الجمهوري والديموقراطي" أن الولايات المتحدة لم تتحرك لوقف المشاكسات التركية إلا في 9 أكتوبر( تشرين الأول)، عندما أدخلت تركيا إلى سجونها قائمة جديدة من المواطنين والدبلوماسيين الأمريكيين المعتقلين لديها.

 لكن الطريقة التي ردت بها واشنطن لم تكن مجدية، وتعكس سوء فهم لدوافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. إذ بتعليقها منح تأشيرات زيارة لغير المهاجرين من الأتراك، أضرت واشنطن بمصالح أتراك عاديين، عوضاً عن معاقبة أردوغان، وقدمت خدمة مجانية له عبر تأكيده للأتراك أن الغرب يعاديهم.

تناقض استراتيجي
ويشير هينتز وميستزال إلى أن واشنطن لا تزال تنظر إلى تركيا كلاعب هام مفيد في ضمان مصالحها في الشرق الأوسط، وخصوصاً في سوريا والعراق في مرحلة ما بعد داعش. لكن التعامل مع أنقرة يزداد صعوبة يوماً بعد يوم.

ولدى استنتاجها بأن حليفها في الناتو أصبح حليفاً مشكوكاً فيه، بدأت واشنطن التحول نحو سياسات تقوم على تحقيق مصالح متبادلة وصفقات تجارية، عوضاً عن تبني قيم مشتركة. وهكذا نشأت هذه البراغماتية الأمريكية الهادفة لعقد صفقات تعاون مشترك يحصل فيها كل طرف على ما يرغب به.

سوء فهم وعدم تقدير
ولكن، بحسب الباحثين، يقود هذا النهج صناع السياسة إلى سوء فهم وعدم تقدير النظام في أنقرة. فقد انطوت تلك السياسة على اعتقاد أنه طالما سعت واشنطن لعقد صفقات، فلا بد لأنقرة أن تتعامل معها بنفس الطريقة. وتبعاً لهذا الخط في التفكير، يجب أن تستند تصرفات تركيا إلى شكل من التفاوض، عوضاً عن اعتقال أمريكيين وعاملين في سفارتها في أنقرة، وأخذ رهائن لمبادلتهم بشيء ما.

تأييد
ويبدو أن أردوغان قد أيد وجهة النظر تلك، مشيراً إلى استعداده مبادلة قس أمريكي، آندرو برونسون، برجل الدين التركي فتح الله غولن المقيم طوعاً في أمريكا، والمتهم بتدبير المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2016.

لكن، في حقيقة الأمر، وعوضاً عن تحقيق مكاسب عبر مبادلة رهائن، يسعى الرئيس التركي إلى توجيه إشارة أخرى، وذلك عقب توقيعه صفقة مع روسيا لشراء منظومة الصواريخ الدفاعية S-400، ولكي يقول إن تركيا دولة قوية يحسب لها حساب، ولا تملى عليها أوامر.

عرض قوة
وبحسب الباحثين، تأتي الاعتقالات الأخيرة لأمريكيين في تركيا، كشكل من استعراض القوة ينفذه أردوغان أمام ناخبين أتراك، وكإشارة على عزمه على قيادة "تركيا الجديدة".

عند هذه النقطة، يكمن التحدي الحقيقي أمام الولايات المتحدة، ليس في كيفية الرد بالمثل على كل موقف تركي معادٍ لأمريكا، بل في كيفية مواجهة جهود أردوغان الحثيثة لإقناع الأتراك بأن مستقبلهم لم يعد يتعلق بالغرب.

ولذا، يرى الباحثان أن واشنطن بحاجة اليوم، وعوضاً عن التركيز على سياسات تعاون مشترك، لأن تمنع تركيا من التخلي عن دعائم تحالفها الغربي، ضمن الناتو والاتحاد الأوروبي. وذلك يتطلب التمييز بين تركيا الدولة وأردوغان رئيسها المعادي للغرب.