جنود أمريكيون في أفغانتسان.(أرشيف)
جنود أمريكيون في أفغانتسان.(أرشيف)
الخميس 16 نوفمبر 2017 / 15:05

أمريكا في أفغانستان...انتهى وقت الحرب

رأى الباحثان بمعهد كاتو، سحر خان وتريفور ثرال، في مقال نشرته مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية، أن لا أسباب وجيهة للوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، وأن الولايات المتحدة لا تستطيع الاستمرار في حرب هناك.

إذا لم تعتمد الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً، فإن النتائج الوحيدة المؤكدة في أفغانستان ستكون لمزيد من الإصابات بين أفراد القوات العسكرية الأمريكية وإهدار مليارات الدولارات، فضلاً عن تزايد استياء الكثيرين في المنطقة من التدخل الأمريكي المستمر

ويشير الباحثان إلى ما أعلنه مؤخراً ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بشأن إرسال ثلاثة آلاف جندي إضافي إلى أفغانستان لتعزيز الإستراتيجية الجديدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمواجهة طالبان. ويعكس قرار الناتو أهمية التأكد من أن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم أسباب وجيهة للاستمرار في مثل هذا الاحتلال الطويل والمكلف وغير الفعال، وبينما كان ترامب يبحث البقاء في أفغانستان وهو ما اعترف بأنه قرار صعب، ظهر عاملان جديدان يدفعان إلى البقاء، ولكنهما "معيبان" بشكل خطير بحسب الباحثان.

أداة إستراتيجية
ويوضح الباحثان أن العامل الأول يتمثل في أنه لا ينبغي النظر إلى المهمة في أفغانستان على أنها تستهدف بناء الأمة؛ حيث أن أفغانستان مجرد "أداة إستراتيجية"، فهي الجناح الشرقي في الكفاح الأوسع ضد التطرف والإرهاب، وبغض النظر عما إذا كانت الولايات المتحدة تلتزم بتقديم المساعدة في إعادة بناء أفغانستان، فإن الإدعاء بأن أفغانستان ينبغي التعامل معها باعتبارها "أداة إستراتيجية" يبعث على القلق، والأخطر من ذلك أيضاً هو افتراض أن الولايات المتحدة تحتاج إلى قواعد عسكرية في أفغانستان لمواجهة التطرف العنيف، وقد أكدت الأدلة المستمدة من السنوات الست عشرة الماضية أن النهج العسكري ليس الوسيلة الأكثر فاعلية لمكافحة الإرهاب أو التطرف.

الحرب العالمية ضد الإرهاب

ويلفت الباحثان إلى أن الإرهاب والتطرف قد تزايد بصورة هائلة في الدول التي تدخلت فيها الولايات المتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وبينما يُعزى تقلب الشرق الأوسط إلى حد كبير إلى اندلاع ما يُطلق عليه "الربيع العربي" في عام 2011، ويرتبط عدم الاستقرار في جنوب آسيا بالأسلحة النووية للهند وباكستان، فإن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية قد تفاقمت بالفعل في المنطقتين مع بداية الحرب العالمية ضد الإرهاب في عام 2001. وعلاوة على ذلك تؤكد البحوث أن الهزيمة العسكرية نادراً ما تقود إلى نهاية الجماعات الإرهابية، ووفقا للأدلة التاريخية حتى الآن فإنه ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الوجود الأمريكي الموسع من شأنه أن يحقق أي فوائد إستراتيجية.

الاستقرار الإقليمي
ويرتكز العامل الثاني للبقاء الأمريكي في أفغانستان على أنه حتى لو لم تهزم الولايات المتحدة طالبان أبداً، فإن الوجود الأمريكي في أفغانستان سيساعد على منع انهيار باكستان؛ حيث أن العواقب الناجمة عن تفكك باكستان ستكون شديدة وستتجاوز كثيراً جنوب آسيا، وربما يؤدي فشل الدولة إلى سقوط الأسلحة النووية الباكستانية في أيدي داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية التي تهدف إلى مهاجمة الولايات المتحدة، فضلاً عن تدفق اللاجئين بشكل لم يسبق له مثيل إلى منطقة تعاني فعلاً من زيادة عدد السكان والتشريد الجماعي، ولذلك يرى البعض أن الوجود الأمريكي في أفغانستان يستهدف تأمين الاستقرار الإقليمي.
    
العمق الإستراتيجي
ويعتبر الباحثان أن تفكك باكستان ليس وشيكاً ولا محتملاً؛ فهي تتصدى للإرهاب المحلي وتؤكد المؤسسة العسكرية أنها نجحت في القضاء على الملاذات الآمنة للإرهاب بشكل عام، وعلاوة على ذلك لا توجد صلة قوية بين استقرار أفغانستان وأمن باكستان، ولا يخفى على أحد أن سياسة باكستان طويلة الآمد "العمق الإسترايتجي" ترتكز على الضعف السياسي والاقتصادي لأفغانستان المستمر لأجل غير مسمى، وكذلك لا يعتمد نهج باكستان بدرجة كبيرة على من يسيطر على كابول؛ إذ تدعم باكستان طالبان منذ تأسيسها ولديها حوافز قوية للعمل مع أفغانستان، ولكن هل تشعر الولايات المتحدة بالارتياح إزاء تأثير باكستان على أفغانستان؟ إنه التساؤل الأكثر أهمية في هذا الصدد الذي يطرحه الباحثان.
   
وينتقد الباحثان الفكرة القائلة إن الولايات المتحدة تسهم في استقرار أفغانستان؛ وبخاصة لأن قوة طالبان تتنامى وتتزايد إلى حد كبير لمحاربة القوات الأمريكية في أفغانستان التي يتم التعامل معها باعتبارها "دولة أجنبية محتلة"، ومن ثم فإن بقاء القوات الأمريكية يجعلها هدفاً للهجمات ومبرراً لحمل السلاح. وكانت تحفظات ترامب بشأن الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان قائمة على أسس سليمة رغم المخاوف من انهيار حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية، لاسيما أن أسباب ضعف الحكومة تتمثل في الفساد وإساءة استخدام السلطة والنزاعات الداخلية وكلها أشياء لا يمكن للجيش الأمريكي السيطرة عليها.

لا أسباب وجيهة
ويخلص الباحثان إلى أنه لا أسباب وجيهة للوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان، والخيار الوحيد القابل للتطبيق هو وضع خارطة طريق للتفاوض على تسوية دبلوماسية مع العناصر الفاعلة الرئيسية داخل أفغانستان، التي يجب أن تشمل طالبان. وعلى الرغم من أن مثل هذا النهج لن يحقق النصر الواضح الذي وعد به الرئيس ترامب، فإنه أفضل نتيجة متاحة لأنه يضع حداً لسياسة مكلفة وفاشلة.

ويختتم الباحثان: "إذا لم تعتمد الولايات المتحدة حلاً دبلوماسياً، فإن النتائج الوحيدة المؤكدة في أفغانستان ستكون لمزيد من الإصابات بين أفراد القوات العسكرية الأمريكية وإهدار مليارات الدولارات، فضلاً عن تزايد استياء الكثيرين في المنطقة من التدخل الأمريكي المستمر".