رئيس وزراء لبنان سعد الحريري (أرشيف)
رئيس وزراء لبنان سعد الحريري (أرشيف)
الخميس 16 نوفمبر 2017 / 12:00

هل يستطيع الحريري؟!

الأهرام - مكرم محمد أحمد

رغم أن بعض اللبنانيين المرتبطين بميليشيا حزب الله الإرهابية يرفضون تصديق قصة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري التي أذاعها على العالم أجمع، ويجهدون أنفسهم بحثاً عن أي ثغرة تنقذ ماء وجه حسن نصر الله الذي يصر على أن الحريري كان شبه معتقل في الرياض، مع أن الحريري خرج بشحمه ولحمه على التلفزيون يؤكد أنه حر يستطيع أن يغادر الرياض إلى بيروت غداً، وأنه كتب إستقالته دون إملاء من أحد.

هدفه من ذلك أن يحدث صدمة إيجابية تمنع ميليشيا حزب الله من أن تأخذ لبنان إلى حافة الهاوية كما فعلت مرات سابقة، وأنه يمكن أن يعيد النظر فى استقالته شريطة أن تقبل ميليشيا حزب الله بإعادة صياغة علاقته بالدولة اللبنانية بحيث لا يصبح الحزب فوق الدولة، وتعود الأمور إلى نصابها الصحيح، ويتوقف الحزب عن أن يكون شريكاً في أي حرب خارج لبنان، ويقبل بالجيش الوطني اللبناني قوة ردع عسكرية وحيدة تملكها لبنان الدولة.

والحق أن الحريري الذي لا يزال يحظى بإجماع لبناني واسع فتح بإعلانه إمكانية العودة إلى منصب رئيس الوزراء الطريق إلى تسوية الأزمة، إن أدرك حزب الله حجم الخطر الذي يتهدد لبنان إذا انهارت وحدة لبنان، فضلاً عن رغبة إسرائيل العارمة في إنهاء وجوده، وعدم ممانعة الولايات المتحدة في تقليم أظافره، والجفاف المتواصل في شعبية الحزب في العالمين العربي والإسلامي بعد أن جاوز دوره، وأصبح طرفاً مصدراً للمتاعب وحليفاً لإيران على حساب وحدة لبنان، خاصة أن تكليف رئيس وزراء جديد سوف يؤدي إلى انقسام حاد بين الكتل اللبنانية في ظل غياب قدرة أي مرشح آخر غير الحريري على الحصول على الأغلبية البرلمانية.

كما أن الحريري يحظى بثقة كل الطوائف المسيحية التي تفضل أن تكون في حالة وفاق مع السعودية، دليل ذلك الزيارة الراهنة التي يقوم بها البطريرك الماروني إلى الرياض، لأن الكنيسة المارونية حريصة على علاقات جيدة مع السعودية قدر حرصها على دعم حياد لبنان في نزاعات المنطقة الإقليمية، وقدر قلقها من نفوذ ميليشيا حزب الله المتزايد وتمدده خارج أراضي لبنان، إضافة إلى وجود نصف مليون لبناني في السعودية ودول الخليج تشكل تحويلاتهم 60% من مجمل التحويلات إلى لبنان.

ومن ثم فإن السؤال الصحيح، هل تقبل ميليشيا حزب الله بأن تكون مجرد حزب لبناني شيعي لا يشكل جزءاً من محور إقليمي يعادي السعودية والعرب ويعمل لحساب طهران؟! وهل يملك الإرادة السياسية التي تمكنه من أن يعمل خارج نفوذ إيران ؟! وهل يسحب قواته في اليمن التي تدرب الحوثيين على إطلاق الصواريخ الإيرانية الصنع؟!، وهل يلتزم بسياسة جديدة في سوريا تساعد على تسوية الحرب الأهلية؟! أم أن حسن نصر الله مجبر على أن يلتزم سياسات طهران التي تهدد أمن السعودية والخليج وتقلق كل العرب، أم أن حسن نصر الله لا يدرك مدى خطورة عدم استجابة لبنان لهواجس أمن السعودية ودول الخليج ولا يعرف حجم الضعف المتزايد الذي طرأ على مكانة ميليشيا حزب الله في الشارعين المصري والعربي ولا يقدر معنى أن تسحب السعودية رعاياها من لبنان تحسباً لأن يتعرضوا إلى أي مخاطر تأتي من طهران وحزب الله!

وأظن أن حسن نصر الله يعرف أن أغلب القوى السياسية اللبنانية تفضل أن تكون في صف العرب والسعودية إن ظلت طهران وحزب الله على خيارهما الراهن، معاداة السعودية والعرب، والتدخل السافر في الشأن العربي، ومحاولة اختراق أمن العرب والخليج، وبالطبع فإن سعد الحريري الذي كان يستشعر دائماً أن هدف إيران إقحام لبنان في الصراع الإقليمي لمصلحة طهران، يعرف جيداً أن نجاحه في إعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان وسحبه من حافة الهاوية رهن بوقوف كل القوى اللبنانية مع سعد الحريري في حواره المنتظر مع حزب الله، لأن فشل سعد الحريري وهو الأصلح والأكفأ في ترميم الموقف اللبناني وتصحيح العلاقة بين حزب الله والدولة اللبنانية يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لا يتحملها لبنان.

وأظن أنها الحالة الوحيدة في التاريخ التي يرتهن فيها حزب طائفي وطناً متنوع الأعراق والأديان يضم السنة والشيعة والعرب والدروز والمسيحيين بجميع طوائفهم اعتاد التسامح والتعايش المشترك بدلاً من الكراهية وتصدير الثورة إلى جيرانه!