مقاتلون من حزب الله على إحدى الجبهات.(أرشيف)
مقاتلون من حزب الله على إحدى الجبهات.(أرشيف)
الجمعة 17 نوفمبر 2017 / 13:03

لبنان بين نارين...إعلان بعبدا حجر زاوية لتحالف سياسي أوسع

حذر الكاتب مايكل يونغ من وضع لبنان في مرمى نيران الحرب بين حزب الله وخصومه، لافتا أنه بغض النظر عن اقتراحات الأطراف الخارجية لتقويض نفوذ حزب الله، فإن البراغماتية هي السبيل الوحيد للمضي قدما، وأن معاقبة لبنان بسبب حزب الله ستكون خطأ.

يجب إقامة تحالف واسع بين القوى السياسية وجماعات المجتمع المدني اللبنانية من أجل الانفتاح والصراحة والمعارضة المستمرة لمشاركة لبنان في التحالفات الإقليمية العدائية

ويلفت يونغ، في مقال نشرته صحيفة "ذا ناشونال" الإماراتية، إلى أن الدولة اللبنانية تتعرض مجدداً لاتهامات بأنها لا تبذل جهوداً كافية لاحتواء حزب الله، وبالنسبة إلى المنتقدين الذين يدركون جيداً أنه لا شيء تقريباً يمكن اتخاذه ضد حزب مسلح تسليحاً جيداً ومدعوماً من إيران وحلفائها، تُعد مثل هذه الاتهامات بمثابة رسالة صريحة بوقف جميع المساعدات إلى لبنان لأنه مؤيد لإيران.

إيران تشكل خطراً على العالم
ويشير يونغ إلى دعوات خفض جميع المساعدات العسكرية للجيش اللبناني؛ إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في تغريدة الأسبوع الماضي: "لبنان = حزب الله، وحزب الله = إيران، إذا لبنان = إيران، والأخيرة تشكل خطراً على العالم"، فضلاً عن تأكيده من قبل أن إسرائيل لن تسمح بوجود إيران ووكلائها على طول حدودها، وأن إسرائيل سوف تحمي مصالحها بأي طريقة تراها مناسبة.

ويتساءل يونغ عن الخيارات المتاحة أمام اللبنانيين، أو على الأقل أغلبية اللبنانيين الرافضين لأجندة حزب الله في المنطقة ولا يرغبون في فرض معارك حزب الله الإقليمية على لبنان.

شبح الحرب الأهلية
ويقول يونغ: "لا تستند الاتهامات الموجهة إلى لبنان على حلول مقنعة؛ حيث أن قيام الجيش اللبناني بمحاربة حزب الله سيقود إلى الحرب الأهلية وانقسام الجيش على الأرجح لأن العديد من الضباط والجنود الشيعة يعارضون شن عمليات تستهدف مجتمعهم، ومن غير المحتمل أن يتخذ الجيش اللبناني قراراً من هذا القبيل؛ نظراً لطبيعة الطوائف المتعددة لضباط الجيش، وبالطبع سوف يعترض كثيرون على تبني سياسة فاشلة بالأساس".

ويضيف يونغ أنه على العكس من ذلك، إذا كان خصوم حزب الله يرغبون في قيام لبنان بمعارضة الحزب في كل منعطف سياسي، فإن هذا يعني دفع لبنان بشكل فعال إلى الدخول في حالة من الجمود السياسي وانهيار الحكم. فعلى سبيل المثال من شأن رفض التعاون مع حزب الله في الحكومة أو حتى البرلمان أن يسفر عن "أزمة سياسية" في وقت يحتاج فيه لبنان إلى اتخاذ تدابير سياسية واقتصادية لتحسين مواردها المالية الهشة والبنية التحتية المتدهورة.

دولة داخل الدولة
وفي ظل غياب الحلول الجاهزة والمناسبة، يعتبر يونغ أن مطالبة الأطراف الخارجية لبنان "بالقيام بالمزيد" إزاء حزب الله هي في حقيقة الأمر بمثابة تأكيد على أن لبنان ليس قادراً أن يفعل الكثير، ومن ثم فإن لبنان سيدفع الثمن ويتحمل تداعيات ذلك، إنها الفكرة التي يروج لها معارضو تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني، ومن خلال ذلك تمهد إسرائيل وحلفاؤها لانتقام ضخم ضد لبنان في حال اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله في المستقبل.

ويوضح يونغ أن حزب الله يشكل تهديداً حقيقياً بالنسبة إلى لبنان كدولة، ولا يمكن السكوت عليه وعدم القيام بأي شيء ضده. وفي كثير من المجالات يمثل إشكالية أسوأ بكثير من وجود منظمة التحرير الفلسطينية قبل الحرب الأهلية في لبنان عام 1975 التي أنشأت في ذلك الوقت "دولة داخل الدولة" واشتبكت مع الدولة اللبنانية، وأسهمت العوامل الطائفية في تأجيج الحرب الأهلية وقتها.

ولكن ثمة فارق كبير بين منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله، بحسب كاتب المقال، يتمثل في أن الأخير لبناني بالأساس وليس فصيلاً خارجياً، وعندما قام الإسرائيليون بغزو لبنان في عام 1982 كان بإمكانهم طرد القيادة الفلسطينية (وهي عملية كررها الجيش السوري عندما عاد ياسر عرفات إلى شمال لبنان في عام 1983)، أما في حالة حزب الله، فإن هذا الخيار ليس مطروحاً لأن بنيته التحتية وقيادته جذورها راسخة في الدولة اللبنانية.

الخيارات المتاحة
ويقول يونغ: "ولكن ما هي الخيارات التي لا تزال متاحة أمام خصوم حزب الله الذين لا يطمحون إلى رؤية لبنان ممزقاً بسبب الصراعات الإقليمية؟ وعلى الأرجح أن الإجابة لن يرضى عنها أولئك الذين يفضلون اتخاذ تدابير جذرية إزاء حزب الله، وهي (الصبر) من وجهة نظري. ومع ذلك، فإن الصبر لا يعني السكون، وإنما أقصد السعي إلى إقامة تحالف واسع بين القوى السياسية وجماعات المجتمع المدني اللبنانية من أجل الانفتاح والصراحة والمعارضة المستمرة لمشاركة لبنان في التحالفات الإقليمية العدائية".

ويشير يونغ إلى أنه ربما يعارض البعض هذا الاقتراح بحجة أنه سيتم تقويضه بسبب ولاء الطوائف المجتمعات اللبنانية لعوامل إقليمية معينة، فضلاً عن أن مثل هذا التحالف الذي كان موجوداً بين عامي 2005 و2011 وإجراءاته لم تتمكن إلى حد كبير من منع انتشار حزب الله في سوريا. ولكن النقطة الرئيسية في هذا الاقتراح ترتكز على بناء الزخم لزيادة مسؤولية حزب الله ومنعه من المخاطرة باتخاذ إجراءات تعرض لبنان للخطر، وستكون النتائج منقوصة في أفضل الأحوال ولكن إذا عمد حزب الله إلى اتخاذ إجراءات، مثل التورط في حرب مع إسرائيل تلحق أضراراً عنيفة في لبنان، فإن المجتمع الشيعي على وجه الخصوص ربما يعارض انتشار أجندة حزب الله .

ويحض يونغ في ختام مقاله على اعتبار الوثيقة الصادرة عن لجنة الحوار الوطني في لبنان "إعلان بعبدا" لعام 2012 نقطة جيدة للبداية والتي تتعهد بالتخلي عن الصراعات السياسية والإقليمية والدولية، وحتى مع تجاهل حزب الله لهذه الوثيقة في سوريا، فإنه يمكن اعتبارها حجز الزاوية لتحالف سياسي وطني يكتسب زخما في لبنان.