الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الأحد 19 نوفمبر 2017 / 13:24

التحالف الأمريكي – التركي خرافة بدأت مع الحرب الباردة

في الأسبوع الأخير، تسبب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمزيد من التوتر في العلاقات الأمريكية – التركية التي تسير من سيئ إلى أسوأ. فقد زعم أردوغان بأن "جواسيس" تسللوا إلى بعثات أمريكية في تركيا، وأن بلاده لم تكن ترى في السفير الأمريكي لدى تركيا، جون باس، ممثلاً شرعياً للولايات المتحدة.

تعاون عدد من الأحزاب التركية مع إيران منذ سنين، ولكن تلك حقيقة تغيب عن أذهان مسؤولين ما زالوا متعلقين بأسطورة الحرب الباردة، عندما عملت تركيا جنباً إلى جنب مع أمريكا في محاربة الاتحاد السوفييتي

وبهذا الشكل أثار الرئيس التركي أزمة ديبلوماسية رداً على قرار الحكومة الأمريكية بوقف منح تأشيرات غير الهجرة للأتراك.

وفي هذا السياق، كتب في مجلة "ناشونال إنترست"، ستفين كوك، زميل بارز لدى "مجلس إيني إنريكو لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا" التابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، آن القرار الأمريكي جاء رداً على اعتقال متين توباز، موظف في السفارة الأمريكية، وعمل لسنوات مع مكتب وكالة مكافحة المخدرات في العاصمة التركية، أنقرة. ولكن توباز اتهم بدعم منظمة فتح الله غولن الذي تحمله الحكومة التركية مسؤولية تدبير الانقلاب الفاشل في صيف العام الأخير. وقد ردت الحكومة التركية بالمثل عندما أمرت بوقف منح أمريكيين تأشيرات زيارة إلى تركيا، قبل أن يوجه أردوغان خطاباً شديد اللهجة لأمريكا والغرب عامة.

لائحة الخلافات

وبحسب الكاتب، تأتي قضية توباز ضمن قائمة طويلة من الخلافات التي عصفت بالعلاقة الأمريكية بتركيا، خلال السنوات القليلة الأخيرة. وبات اليوم واضحاً أن تركيا وأمريكا هما أقل من حلفاء وشركاء، لا بل هما متناحرتان ومتنافستان استراتيجيتان، وخاصة في الشرق الأوسط.
ولكن، وبرأي كوك، من الخطأ تحميل أردوغان بمفرده مسؤولية تردي تلك العلاقات، بل، في الواقع، اتجهت الولايات المتحدة وتركيا نحو مسار تصادمي منذ يوم عيد الميلاد في عام 1991، عندما تفكك الاتحاد السوفييتي.
  
ثلاثة عوامل
ويلفت الكاتب لتركيز معظم التحليلات والتعليقات بشأن تركيا، خلال العقد الأخير، حول تشديد أردوغان لقبضته الشخصية على السلطة، وهو أمر حقيقي، لكن تم تجاهل ثلاثة عوامل هامة. فمن ناحية أولى، وبالرغم من كون أردوغان هو صانع القرار الرئيسي، فإن أفكاره حيال القوة التركية وعدم الثقة بالغرب تلقى دعماً واسعاً بين الأتراك، ولأسباب تاريخية. ومن جانب آخر، لا تتشارك الولايات المتحدة مع تركيا لا في القيم ولا في المصالح. وأخيراً تغير العالم كثيراً منذ أوج التحالف الأمريكي – التركي قبل ربع قرن.

ديناميكيات دولية
وبالنظر لتغير ديناميكيات دولية، كان مقدراً للعلاقة الأمريكية مع أي حزب حاكم لتركيا أن يصيبها التوتر عند هذه النقطة. فقد تعاون عدد من الأحزاب التركية مع إيران منذ سنين، ولكن تلك حقيقة تغيب عن أذهان مسؤولين ما زالوا متعلقين بأسطورة الحرب الباردة، عندما عملت تركيا جنباً إلى جنب مع أمريكا في محاربة الاتحاد السوفييتي.

أوهام
كذلك، يلفت الكاتب إلى ما ظنه بعض العاملين في السياسة الخارجية، في بداية التسعينات، من أن تركيا سوف تقود جمهوريات آسيا الوسطى بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي. وفي النصف الثاني من ذلك العقد، نظر صناع القرار الأمريكي لأنقرة باعتبارها كمحرك نحو تحقيق الأمن والسلام في الشرق الأوسط. وفي الآونة الأخير، نظر إلى تركيا بوصفها "نموذجاً" لدول عربية تسعى لبناء مجتمعات ديموقراطية أكثر ازدهاراً وديموقراطية.

مبالغة
وبحسب كوك، فشلت جميع تلك المشاريع لأنها تمت بناء على مبالغات بقدرات تركيا، وسوء تقدير لإرث تاريخي يتعلق بالهيمنة العثمانية على الشرق الأوسط، وعلى سوء قراءة لسياسات محلية تركية، ولوجهات نظر القيادة الحالية للعالم من حولها. وهكذا، مع كل فشل، اتسعت الهوة بين الولايات المتحدة وتركيا.

خيبات

ويقول الكاتب إن ذكر تلك التفاصيل مهم للغاية، ولكن هناك شيء ساهم في التوصل إلى تلك الخيبات. وبدأت المؤسسة الخارجية الأمريكية تدرك ببطء أن كل ما كان لديها من أفكار حول تركيا لم يكن صحيحاً. فإن زعماء البلاد، بمن فيهم القادة العسكريون، ليسوا ديمقراطيين ولا ميالين للغرب. إنهم، في الواقع، شديدو الريبة حيال الغرب، وبخاصة الولايات المتحدة. ولذا لم تكن يوماً علاقة تركيا بأمريكا دافئة، كما هو الحال مع حلفاء آخرين، كبريطانيا أو كألمانيا.