رئيس زيمبابوي المقال روبرت موغابي (أرشيف)
رئيس زيمبابوي المقال روبرت موغابي (أرشيف)
الأربعاء 22 نوفمبر 2017 / 08:49

نقرير: زيمبابوي على شفا أسوأ أزمة سياسية منذ استقلالها بعد استقالة موغابي

استقال رئيس زيمبابوي روبرت موغابي (93 عاماً) أمس الثلاثاء بعد انهيار نظام حكمه الاستبدادي الذي دام 37 عاماً خلال بضعة أيام على على إثر تولي الجيش السلطات وتخلي حزبه عنه ووضعه أمام خياري التنحي أو الإقالة.

ومن شأن هذه الاستقالة أن تضع حداً لإحدى أسوأ الأزمات السياسية في زيمبابوي منذ استقلال البلاد عن بريطانيا في 1980.

والإعلان المدوي جاء على لسان رئيس البرلمان جاكوب موديندا في ختام جلسة طارئة أمس في هراري كانت تناقش مسألة إقالة موغابي الذي هيمن على كافة مفاصل الحياة العامة في زيمبابوي على مدى عقود.

وسرعان ما بدأت الاحتفالات في العاصمة هراري باستقالة موغابي، وأطلق السكان أبواق سياراتهم وصيحات الابتهاج وحلقات الرقص، وتلا رئيس البرلمان رسالة من رئيس الدولة جاء فيها "أنا روبرت موغابي أسلم رسمياً استقالتي كرئيس لجمهورية زيمبابوي مع مفعول فوري" وسط تصفيق النواب.

وأضاف موغابي في رسالته: "اخترت ان أستقيل طوعاً، يعود هذا القرار إلى رغبتي في ضمان انتقال سلمي للسلطة من دون مشاكل وعنف"، وفي خطوة لها رمزية كبيرة قام رجل بإزالة صورة لموغابي من إحدى قاعات البرلمان حيث كان النواب يتجمعون للمشاركة في الجلسة الطارئة.

وقام آخر باستبدال الصورة بأخرى للنائب السابق للرئيس إيمرسون مانانغاغوا الذي كان في الماضي أحد أقرب حلفاء الرئيس والمنافس الأبرز لزوجة موغابي غرايس لخلافته، والذي أدت إقالته في 6 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري إلى اندلاع الأزمة.

وأشار حزب "الاتحاد الوطني الأفريقي لزيمبابوي-الجبهة الوطنية" (زانو-الجبهة الوطنية) إلى أن مانانغاغوا قد يتم اختياره سريعاً رئيساً بالوكالة لقيادة البلاد في هذه المرحلة المتقلبة، وقال المتحدث باسم الحزب سيمون خايا مويو "سيعود مانانغاغوا خلال الساعات الـ 24 المقبلة وسيكون هو من سيؤدي القسم ليكون رئيساً لمدة 90 يوماً".

وأمام المبنى الذي عقدت فيه الجلسة الطارئة لإقالة موغابي حمل رجل طفلاً حديث الولادة مبتسماً يرمز إلى الأمل بالمستقبل، قابلته الحشود بالهتاف والترحيب، وجاءت الاستقالة في ختام أسبوع غير مسبوق شهدته زيمبابوي سيطر خلالها الجيش على البلاد ونزل عشرات الآلاف من السكان إلى الشوارع في تحد لموغابي ولمطالبته بالتنحي.

وأعلنت الولايات المتحدة أن استقالة موغابي تشكل فرصة تاريخية للتغيير ويمكن أن تسهم في إنهاء العزلة التي تعاني منها البلاد على الساحة الدولية، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت إن "مستقبل زيمبابوي يجب أن يقرره أبناء زيمبابوي"، داعية إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

وقالت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إن "استقالة روبرت موغابي تمنح زيمبابوي فرصة لصنع طريق جديد متحرر من القمع طبع حكمه"، وأضافت: "خلال الأيام الأخيرة شاهدنا رغبة شعب زيمبابوي في إجراء انتخابات حرة وعادلة إضافة إلى فرصة إعادة بناء اقتصاد البلاد عبر حكومة شرعية".

وعلق وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون: "لن أدعي الأسف على سقوط موغابي"، معتبراً أن هذا الأمر يمكن أن يشكل منعطفاً، بارقة أمل لزيمبابوي، وأضاف في بيان أن "الأولوية الفورية هي السماح لزيمبابوي بأن تكون لها حكومة شرعية منبثقة من انتخابات حرة وعادلة بموجب الدستور، هذا ما تأمل المملكة المتحدة برؤيته"، مؤكداً أن لندن تدعم هراري لتحقيق هذه الغاية.

وكان مانانغاغوا النائب السابق لرئيس زيمبابوي ضم صوته أمس إلى جميع الذين يطالبون بالاستقالة الفورية للرئيس روبرت موغابي المتمسك بالسلطة، وبعد حوالي أسبوع على تحرك الجيش بسبب عزله، خرج منانغاغوا عن صمته للمطالبة هو أيضاً بإقالة رئيس الدولة الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد منذ 37 عاماً.

وأطيح بمنانغاغوا (75 عاماً) في 6 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري، بناء على إلحاح السيدة الأولى التي تنازعه خلافة رئيس الدولة البالغ 93 من العمر، وأدت الإطاحة بمنانغاغوا المؤيد للنظام ولبطل النضال من أجل تحرير زيمبابوي، إلى تدخل الجيش الذي يسيطر على البلاد منذ ليل 14 إلى 15 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري.

ومنذ ذلك الحين، قاوم أكبر الرؤساء سناً في الحكم في العالم، النداءات إلى الاستقالة التي وجهها العسكريون والشارع وحزبه الذي تخلى عنه وذلك قبل أن يستقيل مساء أمس، ودعا قدامى المحاربين في حرب الاستقلال الذين يشكلون أحد أركان النظام، إلى التظاهر من الآن لتسريع سقوط الرئيس الطاعن في السن.

وكانت السيدة الأولى غرايس موغابي سبب الأزمة السياسية الحالية، فبناء على إلحاحها، تم استبعاد نائب الرئيس منانغاغوا في 6 نوفمبر(تشرين الثاني) 2017، فقد كان يقطع عليها الطريق لأن تخلف زوجها الذي يعاني من وضع صحي هزيل، عندما يحين الأوان.

وقد قررت قيادة حزب "الاتحاد الوطني الافريقي لزيمبابوي-الجبهة الوطنية" (زانو-الجبهة الوطنية) التي عقدت الأحد الماضي اجتماعاً طارئاً، اإقالة روبرت موغابي من رئاسة الحزب وأمهلته حتى ظهر أول أمس الإثنين للتخلي عن منصب رئيس البلاد، وإلا فستبدأ إجراءات إقالته.

وقال الزعيم الشعبي الواسع النفوذ كريس موتسفانغوا، "إذا لم يقدم استقالته، فسنطلب من سكان زيمبابوي أن يدلوه على طريق الخروج"، وأضاف منانغاغوا أن "الشعب أثبت بوضوح من دون عنف رغبته الكبيرة في التغيير".

وحاول الجيش الذي ينفي القيام بانقلاب، التوصل بهدوء إلى إقالة رئيس الدولة، حتى يتجنب الانتقادات والتهديدات المحتملة من البلدان المجاورة، حيث ما زالت صورة "المحرر" روبرت موغابي حاضرة، وأكد رئيس الأركان أن "ضمانات كثيرة قد أعطيت وأن الرئيس وافق على خريطة طريق للخروج من الأزمة".