تظاهرة تدعو إلى تحرير الصحافيين المسجونين في إيران.(أرشيف)
تظاهرة تدعو إلى تحرير الصحافيين المسجونين في إيران.(أرشيف)
الخميس 23 نوفمبر 2017 / 12:10

لن تغيّر سلوكها طوعاً.. إيران من أكبر سجون الصحافيين عالمياً

تطرّق الباحث في الشؤون الإيرانية ضمن مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات تزفي كان إلى استهداف إيران المتزايد مؤخراً للصحافيين الأجانب. فخلال الأشهر والأسابيع الماضية، شنّ النظام الإيراني هجمات سيبيرية ضدّ الصحافيين في الخارج، وقاد تحقيقاً جنائياً ضدّ النسخة الفارسية من هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.

يبدو أنّ السلطات الإيرانية تنظر إلى أي انتماء لبي بي سي على أنّه جريمة

واتّهم زوراً ناشطة بريطانية-إيرانية بأنها تتآمر لتغيير النظام من خلال تعليم الصحافة. وهذا يعكس خوف طهران الدائم من أن يعمد الصحافيون الغربيون إلى اختراق الدولة حاملين عقائد أجنبية مناهضة للإسلام الشيعي. في التاسع من الشهر الحالي، خلص تحقيق لمركز حقوق الإنسان في إيران إلى أنّ قراصنة من الحرس الثوري أرسلوا في السادس من نوفمبر رسائل إلكترونية تحمل برمجيات خبيثة إلى ثلاثة صحافيين مقيمين في أوروبا والولايات المتحدة وكذلك لمحام عن حقوق الإنسان في أمريكا.

برمجيات خبيثة
إنّ الهجوم البرمجي الخبيث يحمل أهمية بارزة لقدرته على قرصنة حواسيب ماك عوضاً عن استهداف فقط برامج ويندوز وأندرويد. وصدر تقرير عن مجموعة أمنية سيبيرية في فبراير 2017 أشار إلى أنّ إيران بدأت تطور برمجيات خبيثة ضدّ حواسيب ماك التي تقدّم حماية أكبر من التهديدات العنكبوتية. وبذلك، تُبرز الهجمات الأخيرة تطوراً في قدرات إيران السيبيرية.

وزير الخارجية البريطاني يسحب بيانه

في الرابع من نوفمبر، أصدر القضاء الإيراني اتهامات ضدّ ناشطة بريطانيّة إيرانيّة في جمعية خيرية وهي نازانين زغاري راتكليف التي حُكم عليها بعقوبة سجن وصلت إلى خمس سنوات العام الماضي بناء على اتهامات بالتجسس. إنّ الاتهامات الجديدة التي وُجهت إليها بـ "نشر حملة دعائية سياسية ضدّ النظام" أتت عقب بيان غير صحيح أصدره وزير الخارجية البريطانية بوريس جونسون يشير فيه إلى أنّ راتكليف زارت إيران لتعليم الصحافة. ويشرح كاتب المقال أنّ الأخيرة سافرت إلى إيران لكي تزور عائلتها إبّان قضائها لعطلتها. مع ذلك، استندت طهران إلى بيان جونسون لتبرير الاتهامات الجديدة التي يمكن أن تزيد عقوبتها بخمس سنوات إضافية. بعدها، سحب وزير الخارجية بيانه ودعا إيران إلى إطلاق سراح راتكليف.

الانتماء إلى بي بي سي.. جريمة
في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، انتقدت الأمم المتحدة إيران لتجميدها أصول حوالي 150 صحافياً من بي بي سي بالنسخة الفارسية في شهر أغسطس (آب) الماضي ثمّ شنّت تحقيقاً جنائياً ضدّهم على قاعدة الانخراط في "مؤامرة ضدّ الأمن القومي". وقال دايفد كاي، المقرر الخاص للأمم المتحدة في شؤون حرية التعبير، وعاصمه جهانكير المقرّرة الخاصة لحقوق الإنسان في إيران، "يبدو أنّ السلطات الإيرانية تنظر إلى أي انتماء لبي بي سي على أنّه جريمة".

ونقل الكاتب عن موقع جافان الإيراني الناطق باسم الحرس الثوري محاولته تبرير ملاحقة الشبكة تحت ستار استمرار إيران في "الحرب الناعمة" ضدّ بريطانيا. وكتب رئيس تحرير الموقع عبدالله غانجي: "أليست البي بي سي في خدمة أعداء الجمهورية الإسلامية الذين يقدمون خبراء أكاديميين من أماكن لم يسمع بها أحد؟ لماذا على إيران ألا تراهم كأعداء؟ أليست ملكيات الأعداء جزءاً من غنائم الحرب؟" ويبيّن هذا التصريح أنّ طهران تنظر إلى الصحافيين كجنود سريين في صراع أيديولوجي ضدّ إيران.

2000 جلدة

بحسب وجهة نظر طهران، يريد الصحافيون أن يقوّضوا شرعية النظام عبر نشر محتويات يزعزع العقيدة الشيعية التي توجّه النظام وتعتقد إيران أنّ الشبكة العنكبوتية وتحديداً وسائل التواصل الاجتماعي هي التي أدت دورا رئيسياً في إطلاق المظاهرات الشاملة سنة 2009 في إيران. بهذا المعنى، يرقى آخر هجوم إيراني على الصحافيين إلى استمرار المسار نفسه الذي اعتمدته السلطات منذ ذلك الحين. وقالت جهانكير إنّ قانون العقوبات الإيراني ينزل عقوبة الجلد (74 جلدة) إلى أي شخص ينتقد الحكومة أو ينشر أخباراً خاطئة. فمنذ سنة 2009، واجه 40 صحافياً ومدنياً على الأقل ما مجموعه 2000 جلدة.

أكبر السجون

أمّا منظمة مراسلين بلا حدود فتدعو إيران بأنّها واحدة من "أكبر السجون للصحافيين" حول العالم وحلّت في المرتبة 165 من أصل 180 سنة 2017 على مؤشر حرية الصحافة العالمية الذي تصدره. من المنظار الإيراني، لا يهدد الصحافيون بقاء النظام وحسب بل أيضاً روح الدولة. لهذا السبب يرى كاتب المقال أن لا تفاؤل كثيراً بأن تغيّر إيران سلوكها طوعاً في المستقبل.