الجمعة 24 نوفمبر 2017 / 14:13

الشكوك حولهما لن تزول قريباً.. سنة صعبة لقطر والخليفي

كتب مايكل لونغ في مجلّة "برو ميديا سبورتس" البريطانية عن التدقيق والتحقيق اللذين يطاردان قطر هذه السنة وتحديداً أذرعها الرياضيّة. ويشتهر القطري ناصر الخليفي بأنه الرئيس والمدير التنفيذي لنادي باريس سان جيرمان، لكنّه يتولّى عدداً آخر من المسؤوليات. فهو رئيس مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار الرياضي المموّل من الدولة والذي يوجّه الثروة السيادية بشكل كبير إلى الصناعة الرياضية بما فيها النادي الفرنسي نفسه الذي اشتراه في يونيو (حزيران) 2011.

في سنة 2011، كان الرئيس السابق للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم خوليو غروندونا، غاضباً لأنّه كان لا يزال متوجّباً على القطريين أن يدفعوا له عدة ملايين من الدولارات كرشاوى ثمناً لصوته

إضافة إلى تخطيطه لدفع الجهاز من أجل الاستثمار على الصعيد العالمي، يتولى الخليفي رئاسة مجلس إدارة مجموعة بي إن الرياضيّة التي أطلقت سنة 2012 وأنفقت مليارات الدولارات على حقوق النقل. وقد توسّعت المجموعة في الخارج عن طريق التنمّر فدخلت إلى أسواق مثل فرنسا وأمريكا الشمالية وأستراليا. ومع جمع كلّ هذه الأدوار، استطاع الخليفي أن يدخل عالم الأعمال الرياضية العالمية بعدما كان محترفاً لكرة المضرب. "لكن مع النفوذ الأكبر، يأتي التدقيق الأكبر".

تحقيق رفيع المستوى

في وقت جذبت الاستعدادات القطرية لكأس العالم 2022 الانتقادات من قبل العديد من الجهات بسبب مخالفتها الواضحة لحقوق الإنسان، وفي سنة وجدت قطر نفسها في أزمة ديبلوماسية بعدما قاطعها عدد كبير من جيرانها بسبب دعمها للإرهاب، وقع الخليفي في مرمى تحقيقات رفيعة المستوى. فبعدما كسر نادي باريس سان جيرمان الرقم القياسي من خلال انتداب اللاعب البرازيلي نيمار دا سيلفا بصفقة بلغت 222 مليون يورو، دخل سريعاً في صفقة أخرى لكسب توقيع لاعب موناكو كيليان أمبابي ب 180 مليون يورو، تبدأ بعقد إعارة في السنة الأولى. وأطلق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيقاً لتحديد ما إذا كانت الصفقتان قد خرقتا قواعد اللعب المالي النظيف.

ملفّ آخر
وبافتراض أنّ هذه المسألة لم تكن كافية لإثارة القلق، فقد وجد الخليفي نفسه هدفاً لتحقيق جنائي يقوده النائب العام السويسري حول شراء حقوق النقل لمباريات كأس العالم. وترتبط الاتهامات برشاوى قدمها الخليفي للأمين العام السابق للفيفا جيروم فالكه للحصول على حقوق نقل مباريات كأسي العالم 2026 و 2030 في بعض الدول. لكن هذا ليس كلّ شيء كما يؤكد لونغ.

مفاوضات سرية لصفقة ب 212 مليون

في محكمة فيدراليّة أمريكية في بروكلين، قال سانتياغو بينيا، مدير مالي سابق في شركة تسويقية أرجنتينيّة تدعى "فول بلاي غروب" وهي إحدى الشركات المتهمة بدفع رشاوى لمسؤولين رياضيين في أمريكا الوسطى واللاتينية، إنّ الخليفي دخل سابقاً كرئيس لجهاز قطر للاستثمار الرياضي في مفاوضات سرية مع فول بلاي لشرائها. وبعدما عمل في الشركة بين 2009 و 2015، أصبح بينيا شاهداً مهماً بالنسبة للمدعين العامين الأمريكيين. وكشف الأخير أنّ الخليفي كان يعمل على هذه الصفقة مع هوغو وماريانو جينكيز اللذين كانا متهمين بالفساد والاحتيال وتبييض الأموال ضمن تحقيق واسع أعقب مداهمة عناصر من الأمن فندق زيورخ في مايو (أيار) 2015.

وفقاً لشهادة بينيا خلال محاكمة ثلاثة مسؤولين سابقين في كرة القدم، كان للصفقة أن تنقل حيازة 51% من فول بلاي مقابل 212 مليون دولار، مع إمكانية حيازة 19% إضافية خلال تاريخ لاحق، مع حق عائلة جينكيز بإدارة الشركة بعد إتمام الصفقة. لكن في النهاية، لم يعد الجهاز القطري مهتماً بتلك الصفقة بعدما تخوّف على ما يبدو من تحقيقات وزارة العدل الأمريكية. وكانت سمعة الشركة في الحضيض فيما حاولت عائلة جينكيز الهرب من المحاكمة. كما تبين، كان بينيا يعمد إلى محو الرسائل الإلكترونية المرتبطة بالمفاوضات من أجل "حماية الشركة" من أضرار إضافية.

أسئلة ملحّة
بعد شهادة بينيا، أكد ناطق باسم الجهاز القطري في حديث لنيويورك تايمز الأمريكية أنّ المحادثات قد حصلت. فالدوحة تسعى دوماً للاستثمار بأصولها، لكن بعد الدراسة قررت قطر ألّا تتابع المحادثات، وهذا يحصل في أحيان كثيرة كما قال الناطق. ومع أنّه لا اقتراحات بأي خطأ من جانب القطريين في فول بلاي كما يكتب لونغ، ترفع شهادة بينيا أسئلة ملحّة حول نوايا الخليفي والجهاز القطري على صعيد الرياضة العالمية. من الواضح أن قطر رأت في تلك المجموعة فرصة جذّابة وطريقاً مباشراً إلى سوق كرة القدم في أمريكا اللاتينية. لكن هل كان هنالك ما هو أبعد من مجرّد الاستثمار الرياضي لو تمت الصفقة؟

تفادى رصاصة!
مثّلت فول بلاي ثلث شركة داتيزا وهي شركة سيّئة الصيت تنخرط مع وكالات تسويقية منافسة للحصول على حقوق مرتبطة بمباريات كوبا أمريكا من خلال أساليب غير شرعية وقد وجدت متآمرة بحسب تحقيق أمريكي. لو تمت الصفقة لاكتسبت بي إن حقوقاً أمّنت لها منصّة للدخول إلى أمريكا اللاتينية، ويضيف لونغ أنّ هيئة البث ومقرها ميامي صنّفت نفسها على أنّها بي أن الأمريكيتين، علماً أنّ قنواتها لا تغطّي إلّا الولايات المتحدة وكندا. وفي جميع الأحوال، يبدو أنّ جهاز قطر للاستثمار الرياضي تفادى رصاصة بعدما سحب اهتمامه بإجراء الصفقة. لكن مع ذلك، ما زال هنالك أسئلة معلقة حول الصفقة المقترحة.

ما قضية الرمز "كيو2022"؟

من غير الواضح مثلاً ماذا عرف الخليفي عن سلوك جينكيز. ففي حين قال ناطق باسم الجهاز للغارديان البريطانية أنّ الشركة قررت إيقاف المحادثات "بعد تدقيق أقرب"، لفت بينيا في شهادته إلى أنّ الخليفي كان يناقش الصفقة "لأكثر من سنة". كذلك، كشف بينيا أنه احتفظ بدفتر حساب للرشاوى المدفوعة لمسؤولين من خلال شركات تلقت الأموال غيرالمشروعة وقد دوّنها من خلال أسماء رمزية. وخلال شهادته كشف بينيا أنّ اثنين من المدفوعات كانت مسجّلة باسم "كيو2022" وهذا يقترح أنّ رشاوى تمّ دفعها من أجل التصويت لصالح استضافة قطر كأس العالم.

غضب لأنّ قطر لم تدفع ثمن صوته!
وقال أليخاندرو بورزاكو، المدير التنفيذي السابق لوكالة تورنيوس إي كومبيتنسياس المتورّطة مع داتيزا، أنّه في سنة 2011، كان الرئيس السابق للاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم خوليو غروندونا، غاضباً لأنّه كان لا يزال متوجّباً على القطريين أن يدفعوا له عدة ملايين من الدولارات كرشاوى ثمناً لصوته. ويختم لونغ تقريره كاتباً: "هنالك شيء واحد مؤكّد: إنّ الشكوك المحيطة بنشاطات الدولة (القطرية) في الرياضة – وب (نشاطات) الخليفي نفسه، ليس مرجحاً لها أن تختفي في أي وقت قريب".