الملك سلمان بن عبدالعزيز.(أرشيف)
الملك سلمان بن عبدالعزيز.(أرشيف)
الأربعاء 29 نوفمبر 2017 / 20:28

هيئة للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية

القضاء على داعش ومن هم في فلكه يبدأ بتنوير العقول، وتصحيح المفاهيم الدينية المختلطة، وتدمير كل الأفكار الهدامة هُوَ الطريق الآمن للاستقرار والانفتاح

 في قرار تاريخي، أمر الملك سلمان بن عبد العزيز بإنشاء هيئة للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية، تتخذ من المدينة المنورة مقراً لها. والاحتفاء بهذا القرار ضرورة تاريخية، لأنه عندما يصدر قرار كهذا من السعودية فإنه سيؤثر حتمًا في تغيير تشريعات وذهنيات ومواقف في العالم الإسلامي. وميزة هذا القرار أنه يكلف مجلساً من كبار رجال الدين الإسلامي- دون اختصاص مدرسة فقهية- من مختلف أنحاء العالم الإشراف عليه، للتأسيس لمرحلة جديدة، فالتقدم مرهون بوجود مثل هذه الأطروحات المحركة للتحولات الاستثنائية.

وهذا القرار خطوة أخرى تبرهن على رسالة السعودية -الدينية- المشرّفة في إبراز الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام، الذي يمد يده إلى العالم سلاماً وتعايشاً وتسامحاً.

أخطر ما في إرهاب اليوم هو سرعة استجابة الشباب له، لأنه  تم إنتاج خطاب عصري إعلامي براق قادر على إقناعه بلغته. فهو نتاج تمدد فكر يعتمد في مضمونه على الأحاديث الضعيفة أو الخلافية أو الشاذة أو الصحيحة التي تبعد عن سياقها الصحيح.

وبسبب قدرة التنظيم عبر منتجاته الإعلامية والميديا المصاحبة له، يحاول استدعاء تاريخ مضطربٍ - الخلافة- وماضٍ تشوبه الفوضى في مرحلة يتقدم العقلُ البشري في تحضره وإنجازاته وتحَرُّرِه، فالعزلة عن مجتمعه بثقافة بائسة، قيد حرية وإرادة الشباب نحو المستقبل.

فتصميم الإرهابيين على مواصلة حربهم ضد الشعوب من دون أي وازع ديني أو أخلاقي، يؤكد بشكل قاطع أن ما يغذي هذا التوجه هو المخزون الفقهي المزيف أو المختل، ونشر التفاسير المغلوطة، وإعادة إنتاج القراءة في نصوص "السلفية الجهادية التكفيرية" المتواترة، ومفهوم "الجهاد" عند هؤلاء غالباً ما تختلط بالجريمة والعنف، ولكن بخطاب إعلامي يحمل بريقاً وهالة من التقديس، وهي نصوص غير أصيلة، ولا تخرج عن تراث العنف المسلح منذ بداياته.
 
ويتطور هذا الخطاب وتتشكل طرائق تفكيره مع الأحداث الجسام التي يتعرض لها، في ظل افتقاره إلى ثقل شرعي ثابت، لأنه هذا الفكر متغير ومتحول. عموماً، ما يعانيه هذا الفكر بأنه يحمل موروثاً عقدياً دقيقاً قد تخطاه العقل المسلم بمراحل، وتعداه بالتفكير الفقهي المعتدل، وهذا ما يدعونا إلى عدم الاكتفاء بمعالجة الإرهاب في مظاهره أو ظواهره بل استئصال جذورالإرهاب وفلوله وتجفيف منابع فكره.

المعضلة في الإسلام السياسي بجميع توجهاته ورموزه، هو تشبثه بالآراء الضالة ورفضه التجديد والتطوير.  ويأبى هذا الفريق الخروج من التزمت والانغلاق، إلى رحاب الانفتاح والحوار، ونجاحنا لمقارعته مرهون بهذه المشاريع الخلاقة- هيئة للتدقيق- وهو أمر يعلق عليه كثير من الأمل، مع الترقب الحذر !!

لا نخفي توجسنا مع إنتهاء أهم التنظيمات الوحشية في أرض العراق وسوريا بقدرتها على أن تتقولب وتتمحور بخطابات مغايره عما آلفناه، وتراجعه في الميدان سيخلق واقعاً مناسباً له ومستترا بخطابات باهتة ومترنحة تارة وموجة في أحيان كثيرة ؟!

التدليس على الدين وتسييسه أفضل طريقة لتحقيق المصالح الخبيثة، وجراء ذلك، انتهكت حياة الناس وأزهقت أرواحهم من دون مراعاة لأي محرمات. فالقضاء على داعش ومن هم في فلكه يبدأ بتنوير العقول، وتصحيح المفاهيم الدينية المختلطة، وتدمير كل الأفكار الهدامة هُوَ الطريق الآمن للاستقرار والانفتاح، ومن دونهما ستبقى حواضن الإرهاب تتوالد وتتناسخ لتصبح عندئذ هي المنتصرة في المجتمعات العربيّة على الخصوص.