رجل الأعمال التركي الإيراني الأصل رضا ضراب.(أرشيف)
رجل الأعمال التركي الإيراني الأصل رضا ضراب.(أرشيف)
الجمعة 1 ديسمبر 2017 / 11:48

هل تحولت تركيا إلى دولة للمافيا؟

بدأت الأسبوع الماضي محاكمة رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضراب، في مانهاتن، بنيويورك. وضراب الذي تربطه علاقات قوية بالرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أدار مشروع محكم لمبادلة النفط بالذهب، من أجل الالتفاف على العقوبات الدولية ضد إيران، ويتهم بتلقي دعم من أقارب وحلفاء لوزراء في الحكومة التركية.

ليست قضية ضراب إلا نموذجاً عن حالة أوسع في تركيا تتمثل في عودة ظهور الجريمة المنظمة

وقد اعتقلت السلطات الأمريكية ضراب في مارس (آذار) 2016، عندما كان يمضي عطلته في ميامي بولاية فلوريدا. ولكن كما أشار في مجلة "فورين أفيرز"، مريان جينجيراس، أستاذ مساعد لدى قسم شؤون الأمن الوطني التابع للكلية البحرية للدراسات العليا في مونتيري، كاليفورنيا، وهو مؤلف كتاب "سقوط السلطنة: الحرب العظمى ونهاية الإمبراطورية العثمانية"، فور بدء محاكمة ضراب، أسقطت تلك التهم عنه.

من متهم إلى شاهد
ولكن، كما يشير جنجيراس، ظهر ضراب مرة ثانية أمام محكمة أمريكية، لكي يكون شاهداً، وليقول إنه قدم رشى إلى وزير اقتصاد تركي، من أجل التحايل على العقوبات ضد إيران.

وبحسب الكاتب، أثارت تلك القضية غضب أردوغان لأنه قد يثبت تورطه في مساعدة إيران، ما دفعه لمهاجمة الولايات المتحدة، وانتقادها بحجة السقوط في فخ لإسقاط النظام التركي.

الجريمة المنظمة
وباعتقاد جينجيراس، ليست قضية ضراب إلا نموذجاً عن حالة أوسع في تركيا تتمثل في عودة ظهور الجريمة المنظمة. فقد انتشرت خلال السنوات العشر الأخيرة، التجارة غير المشروعة والتهريب عبر جميع أنحاء البلاد. ويعود جزء من ذلك التوسع لاندلاع الحرب الأهلية في سوريا في 2011، ولتردي الحالة الأمنية في العراق بعد ظهور داعش في 2014. وقد أدت تلك الحالة من عدم الاستقرار لانفجار في عمليات التهريب على طول الحدود الجنوبية لتركيا. وعلى سبيل المثال، أحبط قسم مكافحة المخدرات والتهرب والجريمة المنظمة في تركيا، (كوم)، في 2009 قرابة 800 عملية غير مشروعة لتهريب نفط، فيما قفز الرقم إلى 5000 عملية في عام 2011 ، واعتقل نحو 8000 شخص بتهم تهريب الهيرويين.

ارتباط
وبحسب الكاتب، ترتبط تلك الزيادة في التجارة غير المشروعة بأردوغان وحكومته. فقد فشلوا عامة بممارسة الحزم، أو التصميم على مواجهة تلك التحديات. كما لاذ مسؤولون أتراك بالصمت حيال ارتفاع عمليات التهريب، وامتنعت أنقرة، ولوقت طويل، عن الاستجابة لنداءات دولية بإغلاق حدودها مع سوريا رغم زيادة عدد المقاتلين الأجانب العابرين إلى سوريا عبر الأراضي التركية. ولم تتحرك أنقرة لبناء جدار حدودي بطول 900 كيلومتر إلا بعد الغزو التركي لسوريا في أغسطس (آب)، 2016. ولم تأت الاعتقالات الأخيرة والاستيلاء على 100 طن من النفط المهرب، في مارس(آذار) الأخير، إلا بعد ضغط دولي جاء إثر صدور تقارير جديدة عن عمليات تهريب للنفط وعمليات غير مشروعة تمت بين تركيا ومناطق خاضعة لداعش.
  
لا مبالاة وتورط
وإضافة إلى حالة اللامبالاة، يبدو أن الحكومة التركية تورطت مباشرة في ذلك النشاط الإجرامي. وقد ظهرت أكثر الأدلة الدامغة في ديسمبر ( كانون الأول) 2013، عندما اعتقل محققون أتراك ضراب وأبناء أربعة وزراء بارزين من الحزب الحاكم في تركيا (أي كي بي) بتهم غسيل أموال ودفع رشى، وتهريب يتعلق بخرق عقوبات ضد إيران. وكان لدى أردوغان علاقات وثيقة بأولئك الوزراء، وحيث كان رئيساً للحكومة التركية.
ويقول الكاتب إنه رغم تسبب التحقيقات باستقالة عدد من وزراء آي كي بي، هاجم أردوغان علانية مسؤولين في قسم مكافحة الجريمة (كوم)، وسواهم من البيرقراطيين بسبب ما اعتبره" انقلاباً قضائياً".

انتقام
ويلفت الكاتب لما قام به أردوغان، في يناير (كانون الثاني) 2014، بعدما أصبح رئيساً لتركيا، حيث أقال آلاف الضباط وموظفين آخرين من قسم كوم. وبعد شهر أطلق سراح ضراب، وأقفلت القضية فعلياً.