الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. (أرشيف)
الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. (أرشيف)
الثلاثاء 5 ديسمبر 2017 / 13:34

عبدالعزيز بوتفليقة.. حفار قبور الإسلام السياسي

نشرت صحيفة "موند أفريك" الفرنسية تقريراً بعنون "بوتفيلقة حفار قبور الإسلام السياسي"، تطرقت فيه إلى حقيقة تراجع زخم الإسلام السياسي في الجزائر، مشيرة إلى أن ذلك تجلى في الانتخابات المحلية الأخيرة التي تلقت فيها الأحزاب الإسلامية صفعة، على غرار حركة مجتمع السلم، في ظل فقدانها لمقاعد ضمن البلديات والمجالس المحلية للولايات، مع العلم أن الجزائر تعد من بين الدول العربية القليلة التي يعيش فيها الإسلام السياسي حالة من التفكك.

أضحى الإسلاميون الجزائريون مجبرين على السير في طريق سياسي مليء بالألغام بعدما ظنوا أن بوتفليقة سيكون بمثابة محطة انطلاقهم نحو السلطة، ليكتشفوا أنه كان نقطة نهايتهم

وقالت الصحيفة إن هذا الوضع الصعب لم يأتِ من فراغ بل يعتبر وليد استراتيجية وظفها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منذ توليه الرئاسة عام 1999. وقد استغل بوتفليقة الانقسامات التي شهدتها الأحزاب الإسلامية في الجزائر لخدمة مصالحه.

إقناع الإسلاميين
وأكدت الصحيفة أن بوتفليقة استهل مخططه للإيقاع بالإسلاميين في فخه من خلال إقناع حركة الإخوان المسلمين، المتجسدة في حركة مجتمع السلم التي أسسها محفوظ نحناح، بالانضمام إليه لقيادة الجزائر. وقد أقنع بوتفليقة الإسلاميين بأهدافه زاعماً أنه ينوي طي صفحة العشرية السوداء التي شهدت أعمال عنف دامية. وخلال تلك الفترة، كان حزب حركة مجتمع السلم ثاني أقوى حزب سياسي في الجزائر.

ولفتت الصحيفة إلى أن النية المبيتة لبوتفليقة كانت ترتكز أساساً على ضمان عدم ظهور حزب إسلامي آخر يمثل امتداداً للجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي قاتلت غالبية قادتها إلى جانب حركة التمرد خلال العشرية السوداء. وقد كانت هذه النوايا محور "الصفقة" التي وقعها بوتفليقة مع العسكريين، وفي مقدمهم "دائرة الاستعلام والأمن" التي يشرف عليها الجنرال توفيق.

إجهاض محاولات انبثاق حركة إسلامية
وأشارت الصحيفة إلى أن بوتفليقة عمل جاهداً على إجهاض أي محاولة لانبثاق حركة إسلامية جديدة على غرار الجبهة الإسلامية للإنقاذ خلال التسعينات. وقد عمد الرئيس الجزائري إلى بث الفرقة والنزاعات في صلب هذه الحركة حتى يسهل عليه التحكم بها. في هذه الأثناء، تمكن عبد العزيز بوتفليقة من كسب تعاطف قدماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعدما سمح لهم بالاندماج من جديد في الحياة المدنية بعد مضي 10 سنوات على اندلاع الحرب.

خبث سياسي
 وبعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم يتبق أمام بوتفليقة سوى حركة مجتمع السلم، التي تسيطر على عدة مناصب وزارية هامة على غرار وزارة التجارة، والنقل، والمالية. وبالاعتماد على "خبثه السياسي"، تسلح بوتفليقة بكل الوسائل على غرار تكليف نشطاء حركة مجتمع السلم بمهام معقدة من شأنها أن تغرقهم في فضائح مالية متعلقة بالفساد. ولعل أبرز دليل على ذلك، عملية الاختلاس التي تورط فيها الوزير عمار غول والتي جاءت على خلفية تشييد الطريق السيارة "شرق - غرب".

وأكدت الصحيفة أن بوتفليقة قد خلق حالة من الاضطراب في صفوف أسلاف محفوظ نحناح وأسلاف عباسي مدني الذي ترأس الجبهة الإسلامية للإنقاذ بين 1989 و 1992. بعد ذلك، عمد الرئيس الجزائري إلى عزل مؤسس حركة النهضة الإسلامية في الجزائر، عبد الله جاب الله الذي كان مقرباً من رئيس دائرة الاستعلام والأمن، الجنرال توفيق، الذي كانت تربطه به علاقات جيدة.

عمار غول "حصان طروادة"

وأضافت الصحيفة أن بوتفليقة استغل عمار غول حتى يكون "حصان طروادة" بغية نسف آخر الحركات الإسلامية القوية من الداخل. وخلال 2012، أجبر عمار غول على تقديم استقالته من حركة مجتمع السلم، ليؤسس بعد ذلك حزبه الخاص ويضم إليه العديد من كوادر حركة مجتمع السلم. مع مرور الوقت، أضحى "تجمع أمل الجزائر"، الذي أسسه عمار غول، أول حزب "إسلامي" يتحالف مع الرئيس بوتفليقة، كما تفوق هذا الحزب على باقي الفصائل الإسلامية الأخرى في البلاد.

وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الحاضر، أضحى الإسلاميون الجزائريون مجبرين على السير في طريق سياسي مليء بالألغام بعدما ظنوا أن بوتفليقة سيكون بمثابة محطة انطلاقهم نحو السلطة، ليكتشفوا أنه كان نقطة نهايتهم.