القدس (أرشيف)
القدس (أرشيف)
الأربعاء 13 ديسمبر 2017 / 11:10

حينما ينتهك رئيس الدولة الأقوى القانون الدولي

عبدالعزيز التويجري - الحياة

من الواضح أن القرار الخطير الذي اتخذه الرئيس الأمريكي رونالد ترامب مساء يوم الأربعاء الماضي، يمكن وصفه بأنه قرار متناقض تماماً مع الهدف الذي أعلن أنه يرمي إليه، فهو ليس مساهمة من الإدارة الأمريكية في العملية السلمية لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، ولكنه تعطيل للجهود التي بذلت حتى اليوم في هذا الاتجاه، ونسف لما تحقق حتى الآن من نتائج وإن كانت غير ذات أهمية عملية فوق الأرض، وعودة إلى الوراء، والانفتاح على المجهول، وتشجيع لإسرائيل على مواصلة تهويد القدس وبناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، في مزيد من التحدي للشرعية الدولية الممثلة في قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

فهذا قرار الحرب وليس قرار السلام، يكافئ المحتل المغتصب الأرض، ويطعن صاحبَ الأرض الشرعي، ويُسقط عن الولايات المتحدة هيبتها باعتبارها الدولة الأقوى والقوة الأعظم في هذا العالم التي من المفترض أن تكون حامية الأمن والسلم الدوليين، وينزع عنها أي شرعية أو صدقية للقيام بأي دور مستقبلاً في عملية السلام، هذا إذا كانت قد بقيت فرصة لاستكمال هذه العملية.

لكن السؤال الذي لا بد أن يُطرح في هذا الظرف الدقيق والحرج، هو ماذا سيكون موقف جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي حِيال القرار الكارثة الذي اعتمده ووقع عليه الرئيس الأمريكي ترامب أمام كاميرات العالم بكل غطرسة ووقاحة؟، هل سيقع الإجماع العربي الإسلامي على موقف موحّد يردّ على القرار الأمريكي هذا بما يلزم من حزم وحسم وجدية في التصرف، ويفهم العالم كلّه أن العرب والمسلمين كافة، أي مليار ونصف المليار من البشر، يقفون صفاً واحداً متراصاً في وجه القوة العظمى التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي للقدس العربية المسلمة؟.

وليس مجدياً في شيء أن يسارع المراقب هذا الحدث الذي هزّ العالم العربي الإسلامي، إلى اقتراح ما يتوجب القيام به، وقد اندفع بعضهم فاشتط وبالغ وتجاوز حدوده، لكن الأمر الذي لا يمكن التقاعس عنه، هو دعوة المجموعتين العربية والإسلامية إلى التحرك السريع في الاتجاه الصحيح، للردّ المناسب على قرار الرئيس الأمريكي المناهض للقانون الدولي، ولدعم حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة المعترف بها دولياً وغير القابلة للتصرف، وللعمل بجد وصدق لإنقاذ القدس العربية المسلمة من الضياع، لأن في الاعتراف الأمريكي بها عاصمة لإسرائيل، ترسيخاً للاحتلال وتقنيناً للاغتصاب واعترافاً بالأمر الواقع بالقوة.

إن القدس أمانة في أعناقنا جميعاً في هذا الجيل وفي الأجيال المقبلة التي من حقها علينا أن نحمي هذه الأمانة ولا نضيعها، فهذه المدينة التي فيها المسجد الأقصى المبارك مقدسة لا يمكن التفريط بها وهي مدينة محتلة باعتراف القانون الدولي، ولا بد للاحتلال أن يزول، حتى وإن اعترفت الإدارة الأمريكية به، في لحظة ضعف للعرب والمسلمين، "وتلك الأيام نداولها بين الناس".