مقاتلون يتدربون في مكان ما في غزة.(أرشيف)
مقاتلون يتدربون في مكان ما في غزة.(أرشيف)
الأربعاء 13 ديسمبر 2017 / 15:08

الملاذات الآمنة...استهدافها أساسي لمنع هجمات جديدة

فور وقوع هجمات 9/11، بدا واضحاً تصميم الولايات المتحدة على محاربة الإرهاب. حينها قررت أمريكا منع شبكات خفية من الجهاديين، من الذين يعملون باسم نسخة محرفة من الإسلام، من تنفيذ هجوم كارثي على الأرض الأمريكية. وهكذا، ورغم بعض التعثر، طورت إدارة بوش آنذاك، ومن ثم إدارة أوباما استراتيجية لمحاربة ما غدا معروفاً باسم "الحرب الدولية على الإرهاب".

من أجل منع الإرهابيين من شن هجمات مستقبلية، لا بد من حرمان تنظيمات إرهابية من التواجد في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومات محكومة واستخدامها للتدريب والتخطيط، بدءاً من أفغانستان وصولاً لشمال أفريقيا

وكتبت، في مجلة "فورين أفيرز"، ليزا موناكو، باحثة رفيعة المستوى لدى كلية القانون في جامعة نيويورك، أن الولايات المتحدة عملت على تعطيل خطط ومكائد أينما كانت، وحرمان الإرهابيين من التخفي داخل ملاذات آمنة حيثما وجدوا، فضلاً عن الاعتماد على شركاء محليين لمقاومتهم، كلما أمكن لها ذلك.

ولكن عند الضرورة، كانت الولايات المتحدة تعمل بمفردها، فقتلت أو ألقت القبض على إرهابيين وزعمائهم، مستخدمة ضربات بواسطة طائرات مسيرة، وعبر غارات بواسطة قوات خاصة، كالغارة التي أودت بأسامة بن لادن.

تهديدات مختلفة
ولكن، بحسب موناكو، تختلف اليوم التهديدات الإرهابية عما كانت عليها قبل 9/11. فقد عززت أجهزة مكافحة الإرهاب الأمريكية قدراتها الاستخباراتية. وسعياً لتنفيذ استراتيجية مستقبلية عرفت باسم "وصل النقاط"، أنشأت الحكومة الأمريكية وكالات جديدة، وأطلقت عدداً من "مراكز الانصهار" والمهام المشتركة لتعزيز التعاون بين الوكالات.

 وتم تشديد الحراسة والرقابة على الحدود، وتقوية أبواب قمر القيادة، ووضعت قوائم المراقبة. وفي أفغانستان، قضت الولايات المتحدة على حكومة طالبان التي كانت تستضيف القاعدة. ولكن اليوم، رغم مكاسب طالبان الأخيرة، لم يعد تنظيم القاعدة يتمتع بحرية الحركة في أفغانستان، كما كان سابقاً.

 وفي العراق وسوريا، يواجه فرعه، داعش، حالة هروب وهزائم متلاحقة، بفضل حملة تحالف دولي تشكل في عام 2014، وبفضل ضربات جوية وعمليات خاصة تتم بقيادة الولايات المتحدة. فقد سقطت الموصل عاصمة داعش في العراق، وكذلك الرقة في سوريا" عاصمة دولته".

نوع جديد
ولكن بحسب برأي الكاتبة، ظهر اليوم نوع جديد من التهديدات من قبل أشخاص نشأوا داخل أمريكا، ونفذوا عمليات عرفت باسم "إرهاب الذئب المنفرد".

وليس هذا النوع من الإرهاب بجديد، وهو ليس مقصوراً على تنظيمات إسلامية متشددة، بل وحسب دراسة للإف بي آي، قتل متطرفون من البيض في أمريكا، من 2016-2000، عدداً أكبر من ضحايا داعش هناك. ولكن تلك التهديدات تسارعت بصورة خاصة عندما استعان داعش بوسائل التواصل الاجتماعي لتوجيه وإلهام أشخاص، معظمهم من الشباب، لارتكاب أعمال عنف.

 وفي عام 2014، حض أبو محمد العدناني، الناطق السابق باسم داعش، أتباع التنظيم على الاستفادة من أية فرصة "لقتل الكفار". قال: "اقتلوهم بأية طريقة أو وسيلة، حطموا رؤوسهم بأحجار، أو اذبحوهم بسكاكين، أو ادهسوهم بسياراتكم".

ثلاث تحديات
وتقول موناكو إن بعض الإرهابيين استفادوا من تلك التعليمات، ونفذوا عمليات قتل جماعية في أمريكا الشمالية، وفي أكثر من مكان في أوروبا.

إلى ذلك، تشير إلى اتباع استراتيجية تقضي بمواجهة ثلاثة تحديات: ملاذات آمنة يرسم فيها الإرهابيون خططهم، وملاذات افتراضية يدفع من خلالها داعش وجماعات أخرى أنصارهم لارتكاب أعمال عنف، وبيئة عالمية ومحلية تستضيف إرهابيين.

لا مكان للاختباء
وبحسب الكاتبة، من أجل منع الإرهابيين من شن هجمات مستقبلية، لا بد من حرمان تنظيمات إرهابية من التواجد في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومات محكومة واستخدامها للتدريب والتخطيط، بدءاً من أفغانستان وصولاً لشمال أفريقيا.

ورغم أن الاستيلاء على مناطق لم يعد شرطاً لا غنى عنه، كما كان من قبل، فإن ظهور ملاذات افتراضية آمنة، ومراسلات مشفرة هيأ للإرهابيين وسائل جديدة ليس فقط من أجل التخطيط لهجمات بسرية، بل لجمع أموال والحصول على موارد جديدة.