منسف التحالف الدولي بريت ماكغورك يلتقي مسؤولين أكراداً في كوباني.(أرشيف)
منسف التحالف الدولي بريت ماكغورك يلتقي مسؤولين أكراداً في كوباني.(أرشيف)
الجمعة 22 ديسمبر 2017 / 14:46

صمت تركي مريب حيال تعاون روسيا مع أكراد سوريا

يتساءل صناع قرار وسياسيون عما يدعو أنقرة للسكوت عن تعاون روسيا مع أكراد سوريين (وحدات حماية الشعب الكردي، واي بي جي)، الذين تتهمهم أنقرة بأنهم "إرهابيون ومتواطئون مع حزب العمال الكردستاني" المحظور.

في السابق، استطاعت أنقرة منع موسكو من التعاون مع الأكراد، ولكن أنقرة، اليوم، مقيدة، ولم يعد لديها تلك السلطة التي تمكنها من منع روسيا من التعاون مع خصمها اللدود

ولفتت غونول تول، مديرة مركز الشرق الأوسط للدراسات التركية، وأستاذة مساعدة لدى معهد دراسات الشرق الأوسط التابع لجامعة جورج واشنطن، إلى أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان لا يفوت فرصة لمهاجمة الولايات المتحدة بسبب تعاونها مع ميليشيات سورية – كردية في القتال ضد داعش.

اتهامات
وكتبت تول في موقع "وور أون ذا روكس"، لما قاله أردوغان بعد زيارة قام بها بريت ماكغورك، مسؤول أمريكي، ومنسق التحالف الدولي ضد داعش، إلى بلدة كوباني السورية والتقطت له صور برفقة قادة أكراد. يومها قال أردوغان للولايات المتحدة: "اختاروا بيننا وبين الإرهابيين". وصرح وزير الخارجية التركي بأنه يفترض إعادة ماكغورك إلى أمريكا، فيما طالب كتاب موالون للحكومة التركية باعتقاله.

صمت
ولكن، عندما يتعلق الأمر بدعم روسيا لوحدات واي بي جي، تلتزم أنقرة الصمت. فلا أردوغان ولا أي مسؤول آخر في الحزب الحاكم أطلق كلمة عندما ظهر القائد العسكري لقاعدة حميميم مع الناطق باسم واي بي جي أمام الكاميرات، وأدليا ببيان مشترك. وقال القائد الروسي إنهم يجرون عملية مشتركة ضد داعش في شرق مدينة دير الزور. ووفرت طائرات روسية غطاء جوياً لوحدات واي بي جي، فيما قدمت قوات كردية الحماية لقوات روسية في الجانب الشرقي لنهر الفرات.

حقيقة مؤلمة
وتلفت تول إلى أن صمت تركيا حيال التعاون الروسي مع واي بي جي يشير لحقيقة مؤلمة عن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا. في السابق، استطاعت أنقرة منع موسكو من التعاون مع الأكراد، ولكن أنقرة، اليوم، مقيدة، ولم يعد لديها تلك السلطة التي تمكنها من منع روسيا من التعاون مع خصمها اللدود. ولربما تأمل أنقرة بأن تتخلى موسكو عن الأكراد فور انتهاء الحملة ضد داعش.
  
علاقة قديمة
لكن، بحسب الباحثة، تعود العلاقة بين روسيا والأكراد إلى القرن الماضي، ولربما تمتد لفترة أطول مما تأمله تركيا. إذ مع احتمال تراجع القوة الأمريكية في المنطقة، تحاول روسيا ملء الفراغ. وعبر حسابات موسكو الإقليمية، قد يثبت الأكراد أنهم أكثر من مجرد مقاتلين شجعان. ولربما يقدمون للكرملين فائدة إضافية.

دور كبير
وتشير غول لدور تاريخي كبير لعبه الأكراد ضمن مساعي روسية لبسط نفوذ موسكو في الشرق الأوسط. وخلال الحرب الباردة، استخدم الاتحاد السوفييتي الأكراد للالتفاف على استراتيجية الاحتواء الأمريكية في المنطقة.

وبعد انتهاء الحرب العالمية بوقت قصير، دعمت موسكو إنشاء جمهورية مهاباد الكردية في كردستان إيران، بهدف تعزيز نفوذها في المنطقة. وبعدما سحق الجيش الإيراني مقاتلين أكراد، لجأ مقاتلون بقيادة مصطفى البارزاني إلى الاتحاد السوفييتي.
  
ورقة رابحة
وفي العراق، استخدمت موسكو الأكراد كورقة رابحة ليس ضد واشنطن وحسب، بل ضد بغداد. فقد دعم السوفييت مطالب أكراد للحصول على حكم ذاتي. وطوال الخمسينات، عندما كانت موسكو خصماً لبغداد، وفر ذلك الدعم رافعة لضبط الحكومة المركزية في بغداد. ولكن حتى في حالة الدعم الذي قدمته حكومات سوفيتية لاحقة، بعد قيام ثورة عام 1958، أرادت موسكو الحفاظ على الأكراد كورقة رابحة.

علاقة وطيدة
وخلال تلك الفترة، أقامت موسكو أيضاً علاقة وطيدة مع أكراد تركيا. وفي السبعينات تأسس حزب العمال الكردستاني ( بي كي كي) كحركة ماركسية- لينية وتنظيم كردي قومي.

وفي التسعينات، عندما كانت تركيا تشن حرباً ضد بي كي كي الذي بدأ تمرداً ضد الدولة التركية، منذ الثمانينات، حاولت روسيا إنشاء برلمان للأكراد في المنفى بموسكو، ونظمت عدداً من المؤتمرات الدولية لمنظمات مقربة من بي كي كي. ولا يزال التعاون الروسي ـ الكردي قائماً فيما تلتزم تركيا الصمت بسبب عجزها عن وقفه.