الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.(أرشيف)
الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.(أرشيف)
الأربعاء 17 يناير 2018 / 14:24

عباس يخرج عن طوره.. العالم سيتذكّره بهذه العبارة

24- زياد الأشقر

في تعليقه على خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الاجتماع الطارئ للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله، كتب إيان بلاك في صحيفة "غارديان" البريطانية إنه من غير المعروف عن عباس عناوينه الجذابة، وأنه افتقر دائماً إلى الشعبية التي تمتع بها الراحل ياسر عرفات.

"سياسة" ترامب حيال إسرائيل والفلسطينيين ألحقت أذى لا بصدقية الولايات المتحدة عالمياً فحسب، وإنما أيضاً بالفرص الفعلية للمساعدة على وضع حد أو حتى إدارة النزاع الأكثر تعقيداً الذي عرفه العالم

لكن الرئيس الفلسطيني قد يبقى في الذاكرة بعبارة "يخرب بيتو" التي قالها للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في معرض تعليقه على صفقة القرن التي يقترحها سيد البيت الأبيض لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي ولقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

"صفعة القرن"
ولم يقصد عباس بالطبع البيت الأبيض أو برج ترامب. لكن المفهوم الأوسع لا يمكن إخطاؤه. وأطلق عباس تلاعباً لفظياً آخر لافتاً بقوله إن الرئيس الأمريكي وعد ب"صفقة القرن" لكنها هي في الحقيقة "صفعة القرن". وأضاف ساخراً: "سنرد الصفعة".

وأشار الكاتب إلى أن الغضب لم يَضِع في الترجمة، إذ إن خليفة عرفات لا يزال يترنح من قرار ترامب المثير للجدل الذي قلب السياسة الأمريكية السائدة منذ عقود وإجماعاً دولياً واسعاً، واعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل-من دون أن يقول أو حتى يعد بأي شيء بالنسبة إلى حقوق الفلسطينيين، في المدينة المقدسة أو في أي مكان آخر. وبدا أن أبو مازن قد أكد سلسلة تسريبات عن عرض قدمه ترامب بجعل ضاحية أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية قبل أن يهدد بقطع التمويل عن وكالة الأونروا التي تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين وللسلطة الفلسطينية. وبعدما بات أن حل الدولتين قد مات منذ زمن، أتى خطاب عباس في رام الله الأحد ليكون بمثابة الشاهدة الذي توضع على القبر.

النزاع الأكثر تعقيداً
ورأى بلاك أن "سياسة" ترامب حيال إسرائيل والفلسطينيين ألحقت أذى لا بصدقية الولايات المتحدة عالمياً فحسب، وإنما أيضاً بالفرص الفعلية للمساعدة على وضع حد أو حتى إدارة النزاع الأكثر تعقيداً الذي عرفه العالم. وكان غضب عباس وإحباطه واضحين.

ولاحظ الكاتب أن الإسرائيليين سارعوا إلى التنديد بخطاب "متطرف" و"معادٍ للسامية" وركزوا على وصفه للصهيونية كحركة استعمارية من قبل شعب لا علاقة له بالأرض التي استوطن فيها. لقد كان ذلك تذكيراً بارداً بالرواية المتناقضة التي تقبع في صلب الصراع: الإسرائيليون والصهاينة ركزوا دائماً على نياتهم إنشاء دولة يهودية، وكانت النتيجة أن تعرض الفلسطينيون للطرد والقمع من القوى الدخيلة.

صدمة
وقال بلاك إن ذلك سبّب صدمة، لأن الإسرائيليين والآخرين كانوا ينظرون إلى عباس بوصفه الوجه البراغماتي للوطنية الفلسطينية: زعيم يعرف سلفاً الحاجة إلى التحدث مع العدو. وكان إلى جانب عرفات من الداعمين لاتفاق أسلو لعام 1993، عندما اتخذت منظمة التحرير الفلسطينية خطوة تاريخية بالاعتراف بإسرائيل: وهذا الاعتراف وفر لها اعترافاً بها كممثل للشعب الفلسطيني، لكنها أخفقت في ضمان إنشاء دولة فلسطينية. وبخلاف عرفات، عارض عباس الانتفاضة الثانية التي اندلعت عام 2000، مدركاً أن العودة إلى الكفاح المسلح لن تنجح في مواجهة خصم أقوى بكثير.

ضوء وسط الظلام
وخلص بلاك إلى أنه إذا كان ثمة ضوء وسط هذا الظلام، فإن عباس كرر التزامه بحل الدولتين، بالاستناد إلى القانون الدولي وحدود 1967. ويبقى ذلك نقطة ثابتة من الواقعية المبدئية والسياسية على حد سواء حتى في الأيام العصيبة من عصر ترامب. لكن تحقيق ذلك يبدو أصعب من أي وقت مضى.