الإثنين 29 يناير 2018 / 20:07

صلاح الدين في رام الله والمهدي المنتظر في غزة

بحسب ما يقول محمود الهباش وزير الأوقاف الأسبق وقاضي قضاة فلسطين ومفتي سلطان رام الله ينبغي أن يصلي الفلسطينيون كل يوم شكرا لله على فضله العظيم بمنحهم قيادة تاريخية قادرة على تحقيق المعجزات. ويقصد الهباش طبعا، رئيس السلطة ومجموعة المتنفذين الذين يشاركون الرئيس في إدارة ما تبقى من أراضي الضفة، وفي السعي لإخراج غزة من الجغرافيا السياسية، وفي شطب فلسطين التاريخية من الذاكرة الجمعية، ليرسخوا صورة صلاح الدين العصري الذي يحمل اسم محمود عباس!

وبحسب ما يقول شيخ حمساوي في غزة فإن المهدي المنتظر قادم لا محالة وهو فلسطيني حمساوي ملتزم، ستتجلى عظمته في قدرته على إنطاق الأطفال الرضع وشفاء المرضى والمعاقين. ويقصد هذا الشيخ "التقدمي" أن يقنعنا بتجميد حياتنا حتى ظهور المهدي الحمساوي الذي سينهي عذاب الفلسطينيين جميعا، شريطة أن ينتموا إلى حماس!

واقع الحال أن الضفة تئن تحت وطأة الاحتلال والقمع والتنسيق الأمني، وغزة تموت فقرا وجوعا ومرضا وحصارا، بينما فتح عباس وجماعة حماس تواصلان التفرغ والحشد لخوض معركة مصيرية تنتهي بالقضاء على إحداهما!

وبينما يواصل الاحتلال خنق غزة وقضم أراضي الضفة وقتل الفلسطينيين في الجهتين، يواصل "ساسة" مشروع الانقسام تصعيد الخطاب والممارسة لجعل الانقسام أمرا واقعا يمكن قبوله والتعايش معه.

هكذا تبدو الصورة في مجملها، لكن وراء الأكمة ما وراءها، فالذين يقودون المشروع الانقسامي في المعسكرين البائسين لا يعبرون عن قناعات شخصية بقدر ما يسعون للالتزام بأدوار تم تكليفهم بها.

ولا طريقة لإيصال الناس إلى هذا المستوى من الاحباط والنكوص غير مواصلة التصعيد الداخلي وخلق الأزمات والتخندق في المربعات الفصائلية الضيقة المتصارعة على "المكاسب" بعد أن أسقطت كلها هدفها الأساس، وهو تحرير الوطن، وإن كانت لا تزال ترفع الشعار كذبا.

أمام هذا الواقع يبدو منطقيا أن يتحرك بعض الوعاة إلى الدعوة لخيار الدولة الواحدة ثنائية القومية، وأن تعبر قطاعات واسعة من فلسطينيي الوطن المحتل والشتات عن يأسها من الأطر القائمة، وعن رفضها للمماحكات المملة بين فتح وحماس، وسخريتها من تصريحات أبطال الميكروفونات من "مناضلي" رام الله و"مجاهدي" غزة، و"الرفاق" الذي قبلوا لعب أدوار الكومبارس في الجهتين.

في ذروة الاحباط واليأس من الحاضر، وفي تشبثهم بالأمل في زمن ما بعد الانقسام، يعبر الفلسطينيون عن رفضهم للمؤامرة، ويقولوا لرموز الانقسام "حلوا عنا.. غوروا يرحمكم الله".