وزيرة الثقافة ميري ريغيف تحض المغنية لورد على إعادة النظر في قرار إلغاء حفلها في إسرائيل.(أرشيف)
وزيرة الثقافة ميري ريغيف تحض المغنية لورد على إعادة النظر في قرار إلغاء حفلها في إسرائيل.(أرشيف)
الجمعة 2 فبراير 2018 / 20:26

المقاطعة

بات منظر دموع التماسيح الصهيونية مكرراً بالنسبة لنا، سواء أكان المحتلون يحييون ذكرى بطل شيطاني مثل أرييل شارون، أو كانت حماس تطلق عليهم صواريخها قليلة الفاعلية التي لا تفجّر سوى الهلع، ولا تسقط ضحايا إلا من الإسفلت

مع تناقص المسببات من حولي للمرح والسرور، وجدت نفسي –غفر الله لي- مضطرة للضحك على حساب بعض المراهقات الحمقاوات.

وأعترف بأن الاستهزاء بهن كان له مفعول السحر على معنوياتي.

فقد بدأت القصة حينما أفلحت رسالة مفتوحة من ناديا أبو شنب، وهي فلسطينية الأصول، وجستين ساكس، وهي يهودية الديانة، في ثني مواطنتهما لورد، مطربة البوب النيوزلندية، عن إحياء حفلها في تل أبيب، داعيتين إلى معاقبة الكيان بمقاطعته فنياً وثقافياً.

وبينما ابتلع 44997 متفرجاً إسرائيلياً أساهم وحسرتهم أمام قرار لورد، قررت 3 من محباتها الإسرائيليات الإقدام على مقاضاة كل من أبوشنب وساكس، زاعمات تعرّضهن لـ "الضرر العاطفي" جرّاء إلغاء الحفل.

وأدرك أن العبارة الماضية قد رسمت علامة استفهام عريضة على وجوهكم الجميلة، على الأغلب لأنكم قد عُنفتم بالشباشب والمساطر والعصي، ولم تفكروا مجرد التفكير في مقاضاة والديكم بتهمة التعرض للضرر العاطفي!

عموماً، أعتقد أننا اعتدنا في هذا الجزء من الكوكب على البكائيات الصهيونية التي لا يكاد يضاهيها في القدم سوى حائط المبكى نفسه.

لقد بات منظر دموع التماسيح الصهيونية مكرراً بالنسبة لنا، سواء أكان المحتلون يحيون ذكرى بطل شيطاني مثل أرييل شارون، أو كانت حماس تطلق عليهم صواريخها قليلة الفاعلية التي لا تفجّر سوى الهلع، ولا تسقط ضحايا إلا من الإسفلت. بل سأجزم بأننا بتنا نجد القليل من الكوميديا المبهجة في سماجة منظر "أنا المسكينة أنا، أنا المظيليمة أنا" الذي تستمر إسرائيل في بثه إلى العالم، وإلى الإعلام الغربي تحديداً.

ولكن للمرة الأولى، لا أود أن نبخس أنفسنا حقها، ونختزل خبر هذه الدعوى القضائية ضد أبوشنب وساكس في كونها تمثيلية ميلودرامية أخرى من العدو أمام المتعاطفين الغربيين.

فانظروا إلى الكلمات المعبّرة التي أدلت بها محامية المراهقات الإسرائيليات.

"هؤلاء الفتيات مناصرات للأيديولوجية الصهيونية .. إنهن يردن القول إن أولئك الذين يقاطعون إسرائيل، أو ينادون بمقاطعة إسرائيل، سيتم تحميلهم المسؤولية، وجعلهم يدفعون الثمن".

وقبل أن تذهب مخيلتكم إلى الصورة النمطية السائدة لليهود الجشعين الذين يسيل لعابهم للمال، فهي لا تعني هنا الدفع بمعناه الحرفي. إن هؤلاء المراهقات الغبيات لم يطالبن إلا بتعويض زهيد لا يتعدى 9 آلاف جنيه استرليني.

ولا يؤكد ذلك إلا إنهن يردن تلقين العالم درساً بالفعل-!-، وهو درس لا أتصور بأنه يمكن أن ينبع سوى من القهر الحقيقي، والشعور الحرفي بالنبذ والإذلال والعار. إنهن –كما قالت محاميتهن بالضبط- "يشعرن بالخجل الشديد والألم جرّاء الاتهامات التي وجهتها الناشطات النيوزيلنديات إلى إسرائيل".

ما أود الإشارة إليه هنا هو أن المقاطعة لم تعد –أو على الأقل، لن تظل- دماً كذباً يُلطّخ به الإسرائيلي قلنسوته أمام الغرب المُشفق؛ إنها في الطريق لأن تصبح خنجراً واقعياً موجعاً في خاصرة الكيان.

فهل لا زلنا نسخر من جدواها؟