زعيما تنظيم الحمدين حمد بن خليفة و حمد بن جاسم (أرشيف)
زعيما تنظيم الحمدين حمد بن خليفة و حمد بن جاسم (أرشيف)
الثلاثاء 6 فبراير 2018 / 23:50

حبل الكذب قصير

د.فاطمة حمد المزروعي

إن استمرار المقاطعة الخليجية لتنظيم الحمدين في قطر، منذ أكثر من ثمانية أشهر، لا يعني إلا رفضها الاستماع لصوت العقل والمنطق، للعودة للمسار الصحيح، ووقف دعمها للإرهاب بكافة أشكاله.

ولكن ماذا يفعل تنظيم الحمدين رداً على مقاطعة خليجية مستمرة له، وفتح رجال السياسة، والإعلام، والقانون، وحقوق الإنسان في أنحاء أوروبا وأمريكا، الملفات المتعلقة بدعم هذا التنظيم للإرهابيين، وكشف الشبكات الأخطبوطية الي تمتد أذرعها إلى كل مكان؟.

وكيف يُمكن لهذا التنظيم التحايل على ما يظهر كل يوم، بفضل الكتب التي تصدر، والندوات التي تُقام، أو الوثائق التي تُنشر.

وسعياً للتغطية على ذلك، وحتى لا ينكشف الأمر أمام الشعب القطري، وشعوب العالم؟ يواجه التنظيم ذلك بسلاح الإشاعات والأكاذيب.

ولا يزال تنظيم الحمدين يُسوق أغنية " المظلومية" من الأسطوانة المشروخة، مثل فأر حبيس قفص ويتقافز يميناً ويساراً، حتى تفتق ذهنه على لعبة بث الإشاعات بحياكة الأكاذيب، وترويجها عن طريق قناة الجزيرة ووسائل الإعلام القطرية، وأخرى كثيرة تدور في فلكها.

ولتأمين نفسه لجأ التنظيم إلى إيران وتركيا، لضمان الإمدادات بالسلع والبضائع أولاً، وبقوات أمنية ثانياً، لمنع أي ثورة شعبية محتملة على النظام، أو الانقلاب عليه من داخل العائلة الحاكمة نفسها، ليتفرغ لاحقاً للعبته المفضلة.

وبالعودة لفأرنا في قفصه، نفهم أن الطريقة الوحيدة ليُقنع بها نفسه بأنه حرّ، رغم الواقع، وسيد نفسه وقراره، هي اختلاق الأكاذيب، والافتراءات، هدفها شغل الداخل والشعب القطري، وإثارة البلبلة في المنطقة بما يصرف الأنظار عنه.

أكاذيب ضعيفة الحبكة، واهية الدليل، تافهة القصص، أقرب إلى النكات السمجة، منها إلى الطرفة المسلية.  

ويكفي النظر إلى الأكاذيب تسوقها قطر عن السعودية والإمارات، ليتضح مدى افتقار تنظيم الحمدين لأي دليل أو برهان، على ما يزعم في محاولة لشغل العالم بهذه الافتراءات، التي لا تستهدف البلدين المذكورين بقدر ما تهدف إلى كسب تعاطف وتعاطف بعض الدول التي ظنت بتنظيم الحمدين خيراً، أو لأهداف أخرى لا يعلمها التنظيم نفسه.

ولكن حبل الكذب قصير، أقصر من الكذبة نفسها، فأحياناً يفوت الملفقين الانتباه إلى بعض التفاصيل الدقيقة، فتشغلهم صناعة الكذب عن الانتباه لتفنيده على لسان بعض ضيوف الجزيرة على الهواء مباشرةً ونسف ما استندوا إليه وأكدوه.

ولأن الكذب نوبات مثل الحمى، أصيب عدد من المسؤولين القطريين منذ أشهر بـ "متلازمة الرحلات المكوكية" بحثاً عن إغراء دول عربية وأفريقية بدعم موقف التنظيم في المحافل الدولية، مقابل استثمارات فيها، أو وظائف لبعض مواطني تلك الدول في قطر، رغم تلبد سماء الدوحة بسبب الانهيار التدريجي والمستمر لاقتصادها.

إذا كان المثل الشعبي يقول "تيك التهايم وأنت نايم"، فإن الواقع اليوم أقرب إلى "تيك التهايم وأنت صاحي"، فكل الأكاذيب التي يُطلقها إعلام الحمدين، ترد عليها دول عربية وأوروبية، قبل أن تُفكر الإمارات والسعودية في النظر إليها، أو تجشم مشقة التعليق عليها، ما يؤكد بطلانها وافتعالها.  

وإذا فكرت دولة الإمارات في الرد على الضجيج القادم من الدوحة، فإن ذلك لا يكون إلا بنزاهة وشفافية، لا تتوفر في قطر، لأنها تعرف متأكدة، أنه ليس لديها ما تخفيه.

فالأكاذيب ستظل دائماً وأبداً مجرد أكاذيب، وإن طالت كل شيء، وحدها الأيام كفيلة بكشفها، مثل الافتراءات التي روجها تنظيم الحمدين وإعلامه عن موسم الحج الماضي مثلاً، والتي تبين سريعاً زيفها وفراغها بالصوت والصورة، وشهادة القطري قبل السعودي.

للحق فضائله، ولكن للكذب أيضاً مزاياه، وفي الحالة القطرية، يكشف الكذب وصناعة الغدر، وببساطة "تنظيماً" لا يراعي حرمةً، أو ذوقاً، ناهيك عن الأخلاق، وجهلاً.

ومن مزايا هذا الكذب أيضاً، أنه إضافةً إلى الافتقار إلى الأصول التي نظّرت لها عشرات الأمثال العربية القديمة، مثل"إذا كنت كذوباً فكن ذكوراً" أو"حبل الكذب قصير"، أنه كذب بلا "قواعد" بعد أن جعل تنظيم الحمدين من الكذب بضاعة كاسدة فاسدة، بسبب العجلة، وقلة الدقة، والتناقض أحياناً.

 وبالنظر إلى ممارسات وسلوك هذا التنظيم الذي ينطبق عليه المثل الصيني القائل "ليس للكذب أرجل، لكن للفضيحة أجنحة" فإن السؤال الذي يظل مطروحاً ليس عن الكذب وغاياته، ولكن عن أهداف التنظيم نفسه، ونظرته للواقعين السياسي والاستراتيجي، فهل يسعى التنظيم الحاكم في قطر بهذا إلى تقوية شوكته في الخليج على حساب دول الجوار مثلاً؟

وهل يسعى تنظيم الحمدين، إلى إضعاف الدول الأخرى، لضمان تفوقه في الخليج؟

وهل يعتقد التنظيم فعلاً أن الدول يُمكن أن تُقام وتقوم على الظُلم والإرهاب، وتخريب الدول الآمنة، والسعي لإفسادها؟

وهل يُدرك هذا التنظيم الذي قام أساساً على انقلاب الابن على والده، أن العدل هو أساس الدول الأول، وليس التآمر والغدر، والخيانة؟