منظر عام من كورنيش الدوحة (أرشيف)
منظر عام من كورنيش الدوحة (أرشيف)
الأربعاء 14 فبراير 2018 / 14:03

الساعة تدقّ ... هل من يصغي في الدوحة؟

في مقاله ضمن صحيفة "سعودي غازيت"، أطلع الدكتور خالد باطرفي قرّاءه على سؤال طرحه عبر حسابه على تويتر يستطلع من خلاله آراء متابعيه عن سبب إثارة قطر للمشاكل في المنطقة.

حين اندلعت الثورات العربية، كان المسؤولون القطريون ومعهم حلفاؤهم أول من قاد الجموع. لقد استغل هؤلاء شبكة الجزيرة والريالات القطرية والمهارات التنظيمية للإخوان والقوة السياسية للأتراك لتولي قيادة الدول التي اندلعت فيها المظاهرات

ورأت الغالبيّة أنّ المسألة سيكولوجية، أمر وافقها عليه باطرفي. فالمسؤولون القطريون مدركون جيداً لحجم دولتهم التي تضمّ حوالي 300 ألف شخص بمن فيهم مجنّسون أجانب.

ويعيش هؤلاء في شبه جزيرة مساحتها 11581 كيلومتراً مربعاً لكنّها تحل في المرتبة العالمية الثالثة من حيث احتياط الغاز الطبيعي. مع ثروات طائلة كهذه، لكن مع قدرة محدودة جداً، قد يطمح البعض إلى موقع أعلى في السياسات الإقليمية والدولية.

يعطي باطرفي أمثلة على كتبه ذاكراً الرئيس الأوغندي السابق عيدي أمين الذي احتلّ عناوين الأخبار لسنوات متعددة بسلوكه الصبياني لكن الخطير. وذكر أيضاً شخصيات متهورة أخرى مثل موبوتو سيسي سيكو في زائير ومعمّر القذافي في ليبيا وهوغو شافيز في فنزويلا وفيدل كاسترو في كوبا وكيم جونغ أون في كوريا الشمالية.

إيجابيات وسلبيات النظام العالمي الجديد
في السابق، كان من الممكن تخطي هذه الحدود مثلما فعل الإسكندر الكبير. لكن عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، قرر العالم أن ينهي هذا المسار، بعدما تأسست الأمم المتحدة على مبدأ أنه لن يكون هنالك مزيد من السعي لبناء الإمبراطوريات.

أمّا هؤلاء الذين تخطّوا الحدود الدولية كما فعل صدّام حسين مع اجتياح واحتلال دولة أخرى عضو في الأمم المتحدة، فقد واجهوا عقاباً قاسياً. مع ذلك، لا يتفادى النظام العالمي الجديد الهيمنة من خلال استخدام القوة الناعمة في المجالات الاقتصادية والثقافية والتكنولوجية.

لقد تمكنت الولايات المتحدة من توسيع نفوذها الدولي بعد الحرب العالمية الثانية من خلال السيطرة على المعلومات والترفيه والإعلام وشبكات التواصل وعلى القدرات العسكرية والعلمية والصناعية. هذا التفوق ساعدها في بناء التحالفات القوية ونشر القوات العسكرية والقواعد والأساطيل إضافة إلى التمتع بحضور قوي في المنظمات والأحداث الدولية. وساهم هذا الأمر أيضاً في نشر ثقافة شعبية وتسويق المنتجات الأمريكية وكسب العقول والقلوب.

تحالفت مع الإسلاميين وأعدائهم
في المقلب الآخر، سعت دول بقدرات أقل وبطموحات كبيرة، مثل روسيا وإيران وتركيا وبشكل أقل كوريا الشمالية وقطر، لإيصال تأثير أدوات القوة لديها إلى حدّه الأقصى.

تعلم قطر حدود قوتها الجغرافية والإقليمية والسياسية. من هنا، باتت تعتمد على التحالفات. ولتخطي النزاعات والتناقضات بين حلفائها، تعلمت المراوغة. إنّ نسج العلاقات مع تنظيم القاعدة وطالبان وإيران والولايات المتحدة والدول الخليجية وإسرائيل لعبة صعبة.

وبما أن قطر لا تتمتّع بقادة ذوي خبرة أو عملاء مدربين أو موارد بشرية أخرى، كان عليها أن تستغل خبرة، ومكانة وشبكات الإخوان المسلمين كما أعداء الإسلاميين من القوميين العرب واليسار والليبيراليين، كلّهم في وقت واحد.

تولي القيادة ينتهي بالفشل
حين اندلعت الثورات العربية، كان المسؤولون القطريون ومعهم حلفاؤهم أول من قاد الجموع. لقد استغل هؤلاء شبكة الجزيرة والريالات القطرية والمهارات التنظيمية للإخوان والقوة السياسية للأتراك لتولي قيادة الدول التي اندلعت فيها المظاهرات.

دعمت إدارة أوباما هذا المخطط على أساس أن يصبح العالم العربي أكثر ديموقراطية وأكثر تسامحاً على الصعيد الديني وصديقاً لإيران وإسرائيل. في وقت معيّن، بدا المخطّطون كأنهم قد فازوا. أحزاب الإخوان وفروعهم قادت تونس وليبيا والغرب والأهم، مصر العظيمة.

وحصلت على نسب وازنة في برلمانات اليمن والبحرين والكويت والأردن وسوريا. وبدت قطر وتركيا قريبتين من إعلان خلافة سنّيّة جديدة قبل أن تقف السعودية والإمارات ضد سياسات أوباما.

لم تستفق من نومها

يؤكد باطرفي إعادة عكس مفاعيل الدومينو من خلال إسقاط حكم الإخوان في مصر. وكان الباقي سهلاً. ثمّ جاء مبدّل قواعد اللعبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع أجندته الجديدة القاضية بدعم حلفاء أمريكا التقليديين ضد إيران والجهاديين. كان على قطر أن تختار بين العيش في خيالها ومواجهة الواقع.

لكنّ اختيارها كان خاطئاً. لقد انتهى الحلم الكبير وإلى الآن، لم يستيقظ الحالمون من نومهم. ما زال القطريون وحلفاؤهم يناورون ويخططون ويماطلون آملين أن الرياح ستسير لمصلحتهم في زمن ما وبطريقة ما. الآن وبما أنّ التحالف العربي يُجهض كل محاولة لإنهاء مقاطعة قطر، لم يتبق الكثير من الوقت للتخلي عن المشروع الشرير وقطع الشراكة الشريرة.

كلّما انتظروا تضاءلت فرص توصّلهم إلى المصالحة. وختم باطرفي نصيحته محذّراً: "الساعة تدقّ ... هل من يصغي في الدوحة؟"