رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الخميس 15 فبراير 2018 / 20:07

المغامرة القادمة للرجل الذي يغرق

قوة الردع التي اتكأ عليها في السنوات الأخيرة تتهاوى في سلسلة بدأت مع إضراب الأسرى، وانتفاضة القدس ضد البوابات الإلكترونية، ثم ودون مقدمات تلك الصفعة التي وجهتها الفتاة عهد التميمي من قرية "النبي صالح" لضابط القوة الاحتلالية، ومظاهرات نابلس إثر اغتيال أحمد جرار و..إسقاط "ألاف 16"

 مباشرة بعد الإعلان عن توصية الشرطة الاسرائيلية بتوجيه تهمة الرشوة وخيانة الأمانة ل"بنيامين نتانياهو"، ظهر رئيس الوزراء الاسرائيلي في مؤتمر صحفي يتهم فيه الشرطة بملاحقته وعائلته، عبر 15 توصية بتوجيه تهم الفساد انتهت جميعها دون محاكمة.

الابن الثاني للمؤرخ الصهيوني المتطرف "بن تسيون نتانياهو" ، الذي يرأس مجلس الوزراء للمرة الرابعة، وجه خطابه من فوق رأس الشرطة والحكومة للإسرائيليين مباشرة. كان واضحاً أن الخطاب جرى إعداده مسبقاً، كما أن تمارين كثيرة جرت لمحاولة تقديمه بأداء وتعابير ونبرة تضمن إحداث التأثير، أداء هو خليط من الاستجداء والتحريض، الهجوم على الشرطة والحديث عن العائلة المستهدفة التي يطاردها المحققون (زوجته سارة وابنه يائير)، ثم "هو" الضحية الرئيسية لمؤامرة سياسية يستخدم فيها جهاز الشرطة ويشارك فيها اليسار والصحافة، مستحضراً خدماته لـ"الدولة"، ومذكراً الجمهور بخدمته في القوات الخاصة للجيش، وهي الخدمة التي وصل فيها الى رتبة "رائد"، رغم أنها رتبة لا يعتد بها في أوساط النخبة السياسية في إسرائيل، التي ينضم إليها عشرات الجنرالات بعد انتهاء فترة خدمتهم.

الرسالة الأهم التي تكمن خلف كل هذا في "الخطاب"، هي أن الرجل لن يستقيل، لن يترك المقعد ولن يذهب إلى أي مكان سوى انتخابات 2019، وهناك سيفوز من جديد بولاية خامسة.

لا يبدو أن الأمور تسير في الوجهة التي يجذف فيها "بيبي"، الإنجازات التي حاول تسويقها لمواجهة الملاحقات بالفساد التي تطارده منذ سنوات، تتبخر قبل أن تصل إلى يديه.

الوزراء الذين وزعهم حوله مثل حزام شعبوي يمنحه ميزة الاختلاف والحكمة، "ريجيف" الحمقاء ووزيرة العدل "شاكيد"...، يظهرون في الإعلام مثل دمى سخيفة.

قوة الردع التي اتكأ عليها في السنوات الأخيرة تتهاوى في سلسلة بدأت مع إضراب الأسرى، وانتفاضة القدس ضد البوابات الإلكترونية، ثم ودون مقدمات تلك الصفعة التي وجهتها الفتاة عهد التميمي من قرية "النبي صالح" لضابط القوة الاحتلالية، ومظاهرات نابلس إثر اغتيال أحمد جرار ومشهد الجندي الذي يبكي في الجيب العسكري، وضرب الجنديين اللذين دخلا جنين والاستيلاء على سلاح أحدهما (المجندة)، ثم جاء إسقاط "الإف 16" فوق الجليل والهبوط المأساوي للطيارين بالمظلة في عرض حي للجمهور في الشمال.

كان بحاجة لإنجاز يمكن بثه في مواجهة مظاهرات مساء السبت والخطباء الذين يصعدون على المنبر في "تل أبيب" وليس لديهم سوى مطالبته بالاستقالة، وهي تجمعات يبدو أنها ستتفاقم الآن.

إنجاز مثل الإعلان عن تفاهمات مع ادارة ترامب حول ضم المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما نفاه الناطق باسم البيت الأبيض مباشرة.

وقبل ذلك تمرير ما عرف ب "القانون الفرنسي" الذي يحصن رئيس الوزراء من الملاحقة أثناء ولايته، وهو ما خذله فيه "بينيت" وحزبه "البيت اليهودي"، الشريك في الائتلاف، القانون الذي كان سينقذه من أن يكون مشتبهاً به، وليس شاهداً، في ملف الفساد الخاص بصفقة الغواصات الألمانية والمعروف بالملف 3000.

القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي عقبت على اللائحة، بعد الخطاب، بقولها إن سنوات عديدة في السجن تنتظر نتانياهو في حالة ثبوت التهم، بينما دعاه إيهود باراك رئيس الوزراء السابق إلى الاستقالة مباشرة. فيما أضافت مصادر في الشرطة، في رد موارب على اتهامات نتانياهو، بأنه مرر أو حاول تمرير تشريعات وقوانين "تضر بمصالح الدولة"، في إشارة لمحاولة تمرير قانون "حصانة رئيس الوزراء"، استطلاعات الرأي التي ظهرت بعد الخطاب بينت أن ما يقارب ال50% من المستطلعين يصدقون رواية الشرطة و25% يصدقون نتانياهو بينما 26% لا يعرفون.

والأسوأ هو أن مصير حكومة اليمين التي يرأسها أصبح هشاً ومعلقاً بقرار من "موشيه كحلون" والمقاعد العشرة التي يحتلها حزبه في الكنيست، "كحلون" الذي سيعصره حتى آخر قطرة.

ما يحتاجه هو "حرب صغيرة"، "حركة" مأمونة يضمن نتائجها كما فعل دائماً، وكما فعل أسلافه من الحزبين من "مناحيم بيغن" حتى "شمعون بيريس" و"أرئيل شارون"، ولكن الأمر لن يكون سهلاً على الإطلاق في الواقع الذي تشهده المنطقة.

حتى إمكانية أن يحقق انجازاً ما في "الضفة الغربية"، وهي المكان المفضل، يبدو مشوباً بامكانية انفجار الوضع هناك.

ولكنه في النهاية لن يتورع عن الذهاب في مغامرة "البقاء" إلى النهاية، فهو يعرف جيداً أنهم يسنون سكاكينهم ويعدون ملفات جديدة هناك خارج "الائتلاف"، وأنهم يفتحون خزائن ملابسهم ويحدقون في مقعده داخل "الائتلاف".

الرجل الذي يغرق يبدو أكثر "خطورة" الآن.