الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الجمعة 16 فبراير 2018 / 13:25

عقيدة تركيا لا تنسجم مع السلام.. تنمّر في كل مكان

شرح الصحافي التركيّ، بوراك بكديل، أنّ تركيا تعيش في حال طوارئ منذ محاولة الانقلاب التي يتهم الحكم عبدالله غولن بالوقوف وراءها. وفي مؤسسة الرأي الأمريكية غايت ستون إنستيتيوت، لفت النظر إلى أنّ الحكومة التركية تقول إنّه منذ ذلك الحين، شملت حملة التطهير أكثر من 107 آلاف موظف للاشتباه بضلوعهم في الانقلاب الفاشل.

البحار المحيطة بالشواطئ التركية لا تبدو مسالمة أيضاً. في 29 يناير، حاولت سفينتان حربيتان منع وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس من الوصول إلى جزيرة إيميا المتنازع عليها بين الدولتين في حادثة شبيهة بما حصل عام 1996

 ووفقاً لمحكمة تركيّة عليا، تحقق السلطات مع 6.9 ملايين تركيّ أي ما نسبته 8.6% من المواطنين. ويشرح أنّ الامتناع عن التهديد بالحروب يمكن أن يتم ربطه بالإرهاب، إذ تمّ توقيف 300 ناشط لوقوفهم ضدّ العمليات العسكرية لبلادهم في شمال سوريا.

ويضيف بكديل أنّ هذا الرقم لم يشمل الأطباء الأحد عشر المنتمين لجمعية الأتراك الطبية الذين اعتُقلوا لأنهم دعوا إلى وقف الهجوم العسكريّ. وعلى الرغم من أنّه تمّ إطلاق سراحهم لاحقاً، سيخضعون للمحاكمة. إضافة إلى كل ما سبق، طلبت تركيا من تويتر وفايسبوك ويوتيوب إزالة ما يُنشر على مواقعها من مواد مرتبطة بالهجوم العسكري. خارج الحدود التركيّة، يصعب أن يمر يوم من دون وقوع مواجهة أو صدامات أو توترات. وتقول تركيا إنّها أوقعت حوالي 1000 مقاتل كرديّ بين قتيل وجريح منذ إطلاقها عملية غصن الزيتون. لكنّ الصحافي يوضح أنّ حروب تركيا لا تتضمن جميعها استخدام المدفعية والقصف وإسقاط الضحايا.

مشاكل مع معظم أوروبا
في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، تجمع مئات الأكراد الذين يعيشون في بيروت أمام السفارة التركية للاحتجاج على العملية العسكرية. وطالب وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أنقرة بأن لا تزيد الأوضاع سوءاً في سوريا. وبالتزامن مع إدانته لتزايد أعداد الضحايا المدنيّين، وصف عملية غصن الزيتون بأنها خرق للقانون الدولي. وقبل أسبوع على هذا التصريح، تجمّع الآلاف في باريس للاحتجاج ضدّ الهجوم. من جهته، أعلن وزير الخارجيّة الألمانيّ زيغمار غابرييل إنّ الحكومة الألمانية قد تجمد قرار بيع دبابات حديثة إلى تركيا، تنوي الأخيرة استخدامها في المسرح السوري. أتى القرار الألماني بعد اتهامات وُجهت إلى مقاتلات تركية بتدمير معبد عين دارة الأثري شمال سوريا والذي يقارب عمره 3 آلاف سنة وتحويله إلى أنقاض، في عمليّة شبيهة بتدمير مدينة تدمر الأثرية على أيدي داعش.

في 5 فبراير الحالي، سحبت وزارة الخارجية الهولندية سفيرها رسميّاً من تركيا بعدما حظرت الأخيرة دخوله إلى البلاد إثر نشوب خلاف بينهما في مارس (آذار) 2017. ولن تقبل هولندا أيضاً بتعيين سفير تركي جديد لديها. وفي الثامن من فبراير دعا نواب في البرلمان السويدي حكومة بلادهم إلى استدعاء السفير التركي.

ومع جارتها اليونانيّة

وكتب بكديل أنّ البحار المحيطة بالشواطئ التركية لا تبدو مسالمة أيضاً. في 29 يناير، حاولت سفينتان حربيتان منع وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس من الوصول إلى جزيرة إيميا المتنازع عليها بين الدولتين في حادثة شبيهة بما حصل عام 1996 والذي كاد يودي إلى اندلاع حرب بينهما. وبعد بضعة أيام، قال أحد المستشارين البارزين لدى أردوغان، يغيت بولوت، إنّ أي يوناني تطأ قدمه الجزيرة "سيشعر بغضب تركيا، أسوأ من ذاك (الذي تعبّر عنه) في عفرين". وأضاف "سنكسر ذراعي وقدمي أي ضابط لرئيس الوزراء (اليوناني) أو أي وزير يجرؤ على أن يخطو داخل إيميا في إيجة".

حتى مع القبارصة الأتراك
يشير بكديل إلى أنّ المنطقة الساحلية الجنوبية لتركيا ليست أفضل حالاً في هذه الأيام. حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو شركات التنقيب العالمية من أنّ حقول النفط والغاز التي تسعى للاستثمار فيها قرب قبرص تابعة للجرف القاري التركي. وقال جاويش أوغلو إنّ تركيا "مستعدة لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية" لحماية حقوقها وحقوق القبارصة الأتراك في شرق المتوسط. وهذا الخلاف ليس جديداً في تلك البقعة، إذ منذ اجتياح تركيا للثلث الشمالي من جزيرة قبرص سنة 1974، بقيت قبرص مجزّأة. فالقسم اليوناني معترف به دولياً، أمّا القسم المحتل من تركيا فهو دويلة معترف بها من أنقرة فقط. ويقع هذا الانقسام في صلب الخلاف حول عملية التنقيب والتي تقول تركيا إنّها تريد حماية حقوق مواطنيها القبارصة الأتراك. لكن ليس جميع هؤلاء راضين عن أنقرة، إذ تظاهروا في 26 يناير الماضي ضدّ ما قالوا إنّه نفوذ تركي غير مرغوب به عزّز المجموعات اليمينية المتطرفة وحاول إسكات المعارضة. ورفعوا شعارات ضدّ إثارة تركيا للشرائح "الفاشية والمتطرفة" في المجتمع.

وكتب بكديل أنّه يبدو لدى تركيا أيديولوجيا لا تنسجم مع كلمة "سلام". فالتنمّر التركي يمكن أن يستهدف أي دولة في أي زمان. المتفائلون الذين يظنون أنّ هذا السلوك سيتضاءل مع الوقت سيثبت خطؤهم مجدداً.