مضادات سورية.(أرشيف)
مضادات سورية.(أرشيف)
الجمعة 16 فبراير 2018 / 20:06

حرب اليوم الواحد

حاول الإيرانيون إيصال رسالة إلى إسرائيل مفادها أننا نحن "أصحاب القرار الفعلي" في سوريا، وأن الأسد ونظامه والروس أيضاً ليسوا أصحاب القرار وهو ما أزعج بشكل كبير روسيا

في العاشر من هذا الشهر تسارعت الأحداث بطريقة دراماتيكية في الأجواء السورية والأجواء “الإسرائيلية”، ففي البداية أسقط الإسرائيليون طائرة بدون طيار إيرانية في شمالي فلسطين كانت مهمتها التجسس، وبعد عدة ساعات قام سلاح الجو الإسرائيلي المتتبع للمواقع الحساسة للقوات الإيرانية والسورية في سوريا بقصف "ما ملكت أيمانه" من أهداف كانت بالنسبة له سهلة، وفي خضم ذلك الشعور بالسهولة وبالغطرسة أسقطت الطائرة أف 16، وهي الطائرة الإسرائيلية الأولى التي تسقطها المضادات السورية منذ بدء الاستباحة الإسرائيلية للأجواء السورية في منتصف عام 2012، وبعد مائة عملية قصف أو أكثر نفذها الطيران الإسرائيلي.

خبر إسقاط الطائرة الإسرائيلية جرى التعامل معه إسرائيلياW بأنه "إخفاق شكلي"، فيما الأهداف "الصلبة والمهمة" التي كلف بها طاقم الـ "أف 16" تحققت وبامتياز وبالتالي النتيجة كانت لصالح "المهمة الإسرائيلية"، فيما "طبلت وزمرت "أدوات" الإعلام "المقاوم" للحادثة واعتبرتها تغييراً قسرياً لقواعد الاشتباك وإنهاء مرحلة "العربدة الإسرائيلية" في الأجواء السورية.

على أرض الواقع حصل ما يلي:
أولاً: حاول الإيرانيون إيصال رسالة إلى إسرائيل مفادها أننا نحن "أصحاب القرار الفعلي" في سوريا، وأن الأسد ونظامه والروس أيضاً ليسوا أصحاب القرار وهو ما أزعج بشكل كبير روسيا، فموسكو تعلم أن إيران لم تكن راضية عن "صمتها وعدم اتخاذ أي ردود فعل" على تلك العمليات الإسرائيلية المتكررة ضد قواتها وقوات حزب الله في سوريا، وتريد أي إيران، عبر نظام الأسد إحراج التفاهم الروسي – الإسرائيلي القائم منذ عام 2012 .

ثانياً: بدأ الرئيس الروسي بوتين باستثمار تلك المواجهة "التي اعتقد أنها من الصعب أن تتكرر" بين إيران وإسرائيل في سوريا، وقد بدأ باستثمارها في عدة اتجاهات من أهمها تجاه واشنطن من خلال القول إن "أمن إسرائيل على الحدود الشمالية هو بصورة أو بأخرى في اليد الروسية "، والمطلوب أن تستسلم واشنطن لما تراه موسكو بشأن ترتيبات الأوضاع في سوريا.

ثالثاً: أن موسكو بحكم هذا التصرف "الإيراني – السوري"، هي من تقرر مصير الوضع في سوريا، وفوق ذلك باتت صاحبة القرار في ملفات إقليمية كانت مغيبة عنها، مثل الملف الفلسطيني والعراقي وإلى حد ما الملف اللبناني.

إن حرب المواجهة التي جرت لأقل من أربع وعشرين ساعة في أجواء فلسطين المحتلة وسوريا أظهرت أن مسألتين في غاية الخطورة ممكن أن تجريان وهما:

أولاً: تستطيع إيران وببساطة كبيرة جر إسرائيل إلى حرب "لا تريدها" كما يعبر معظم المحللين الاستراتيجيين في إسرائيل، وبالتالي يقع المحظور.

ثانياً: تستطيع إسرائيل تدمير القوة العسكرية السورية والبنى التحتية للدولة خلال ساعات بحجة الدفاع عن الذات في وجه عدوان إيراني – سوري مزدوج.

حرب اليوم الواحد وهو مصطلح استخدمته الصحافة الإسرائيلية المقربة من نتانياهو هو عنوان ملفت، فالرجل وبعد وقوعه بالفخ وبات "بطة عرجاء بسبب فساده"، أخذ يتجاوز كل الخطوط الحمراء، فلقد بات همه هو كيفية تصديره أزمته للخارج والبقاء فوق المسرح وفي المشهد بأي ثمن كان .