الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين (تعبيرية)
الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين (تعبيرية)
السبت 17 فبراير 2018 / 14:17

تحقيقات مولر: قصة الاحتيال الروسي الأمريكي

24 - ريتا دبابنة

كشف المحقق الخاص في العلاقات المحتملة بين روسيا وانتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2016، روبرت مولر، عن العملية الخفية لـ"حملة الظل" التي تم تصورها في موسكو ونجحت فعلياً في الولايات المتحدة، وكانت أكثر "انضباطاً" من حملة ترامب الرئاسية.

ونقل الكاتب والمحلل السياسي إيفان أوسنوس، في تقرير تحليلي نشر في صحيفة "نيويوركر"، وصف مولر للعملية الروسية بأنها كانت "حملة مركزة، وإبداعية، ومقنعة"، محذراً الجمهور الأمريكي من الديمقراطية الأمريكية المعاصرة، التي تندرج تحت قصة الخداع والنفوذ والتكنولوجيا.

وقال أوسنوس، في تقريره إن الخبير في الأجهزة الاستخبارات الروسية والمتقاعد من الاستخبارات الأمريكية "سي آي أيه" جون سيفير، أوضح له أن التفاصيل في لائحة الاتهام التي عرضها مولر تكمن في مدى جرأة الجهود الروسية لحصول ترامب على كرسي الرئاسة.

جيش روسي
وذكر سيفير أن "هناك رغبة في المخاطرة، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان بغيضاً جداً تجاه هيلاري كلينتون. والروس لديهم عدو واحد: الولايات المتحدة. فيما نحن نركز على الصين وكوريا الشمالية وإيران وأفغانستان، لا أعتقد أن العملية الروسية طبقت ببراعة، لكنهم وضعوا جيشاً للقيام بما يمكنهم القيام به".

وعادة ما يحذر المدعون العامون الأمريكيون من الإفراج عن حسابات محددة تتضمن أهدافاً استخباراتية أجنبية لأسباب خاصة منها "حماية المصادر" التي تسمح للحكومة بخرق الاتصالات الإلكترونية والتعاملات الخفية. لكن سيفر قال إن الاتهامات التي تضم 37 صفحة، تشير إلى أن فريق مولر اتخذ قراراً استراتيجياً لإدراج مستوى من التفصيل يساعده في استخلاص الوثائق ذات الصلة من الشركات والبنوك، موضحاً أن لوائح الاتهام تفتح الطريق أمام "اكتشاف ما لا يمكن اكتشافه".

وفي تفاصيلها، تندرج لائحة الاتهام التي وجهت أصابع الاتهام لـ 13 روسياً و3 منظمات بمؤامرات واحتيال متعددة تحت تفاصيل حملة "إجراءات نشطة" بحسب وصف المحللين والصحافيين بشكل عام خلال العام الماضي، والتي تقدم مسرحية للتلاعب بالديمقراطية الأمريكية باستخدام مزيج من التجسس الكلاسيكي، ووسائل الإعلام الاجتماعي في القطاع الخاص، والأيديولوجية الحزبية.

وامتدت العملية، التي تركزت على وكالة أبحاث الإنترنت، لتشمل عشرات من الموظفين السريين في بلدان متعددة، بما في ذلك الولايات المتحدة، ومن بين التفاصيل الواردة في الوثيقة، يقول الكاتب أوسنوس "استوقفتني ثلاثة مواضيع تطرح أسئلة لشركات التكنولوجيا والاستخبارات والناخبين".

قوة التخفي
يتابع أوسنوس في تقريره "في قسم تحت عنوان "استخدام البنية التحتية للكمبيوتر في الولايات المتحدة"، أشار المدعون العامون إلى أن بعض المتهمين والمتآمرين اشتروا مساحة على خوادم الكمبيوتر الموجودة داخل الولايات المتحدة لإقامة شبكات خاصة افتراضية". ما يمكنهم من خلق حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتواصل مع نشطاء الحملة الأمريكية، في حين إخفاء الأصل الروسي والسيطرة على النشاط".

وتساءل أوسنوس "ما هو الالتزام الذي يجب أن تتخذه الحملات اتجاه المعلومات التي تقدم؟ فبموجب القانون الحالي، يجب على الحملات توثيق مصادر تمويلها لضمان عدم حصولها على تبرعات أجنبية، منافية للقانون".

قمع الناخبين
ولتعزيز مكانة ترامب، يقول التقرير إن "وكالة أبحاث الإنترنت لم تضخم فقط مؤيديه الذين كانوا متحمسين للغاية، بل سعت بنشاط إلى ردع الآخرين عن المشاركة في العملية الديمقراطية، وقبل أشهر من يوم الانتخابات، بدأ المتصيدون الروس بتشجيع مجموعات الأقلية الأمريكية على عدم التصويت أو التصويت لصالح طرف ثالث في الولايات المتحدة".

أميّة الأخبار
ويتابع أوسنوس "في قلب الاحتيال الروسي نظرة أساسية محرجة عن الحياة الأمريكية، وهي أن الكثير من الأمريكيين غير مؤهلين لتقييم مصداقية الأخبار التي تنشر. وأنم يرون بأن الأخبار، التي غالباً ما تكون مليئة بالأخطاء أو تأتي من وسائل غير مألوفة، هي مسؤولية وسائل الإعلام المجزأة اليوم والسياسة المستقطبة. ووفقاً لقرار الاتهام، في سبتمبر (أيلول) 2017، وبمجرد أن بدأت السلطات الأمريكية في القضاء على عملية الاحتيال، اعترفت إحدى المدعى عليهم، وهي إيرينا فيكتوروفنا كافرزينا، عبر البريد الإلكتروني أنها نشرت كمية من الصور والمشاركات، وكان الأمريكيون يعتقدون أنها كتبت من قبل شعبهم".

ويضيف أوسنوس في تقريره "عريضة الاتهام هذه، في نواح كثيرة، هي مجرد بداية وليست غاية. وعندما كشف نائب المدعي العام رود روزنشتاين عن الاتهامات، قال الجمعة إنه "لا يوجد ادعاء بأن أي أمريكي كان متورطاً عن علم في الإجراءات الواردة في لائحة الاتهام". بعد ذلك، لاحظ المحامون أن هذا ليس هو الحال، فيما غرّد ترامب رداً على لائحة الاتهام، وقال إن حملته لم تفعل شيئاً خاطئاً وليس هناك أي تواطؤ".

مولر "يتصيد الصحافة"
في الأسابيع والأشهر المقبلة، قد يعود مولر بشكل أو بآخر، إلى حلقات أخرى من حملة ترامب للتعامل مع الاتصالات الروسية، بما في ذلك دون، الابن، واجتماعه مع محام روسي، وما أثير حول معلومات ضارة عن هيلاري كلينتون.

ويتابع التقرير "تؤكد لائحة الاتهام درجة الدقة التي تحدى فيها تحقيق مولر في قدرة الصحافيين والمندوبين على التنبؤ بمسارها. لم يكد أي من المحللين الافتراض بأن مولر سيبذل خطوة مبكرة بارزة لإدانة مساعدين بالحملة، ولم يكن هناك ما يكفي للإشارة مقدماً إلى أن مولر سيضع المؤامرة الدولية في قلب تدخل روسيا. وبعبارة أخرى، كان مولر (يتصيد الصحافة)".

واختتم أسنوس تقريره "منذ أن فاز دونالد ترامب في الرئاسة، وصف مساعديه مراراً وتكراراً التحقيق حول روسيا بأنه إهانة للناخبين الأمريكيين الذين وضعوا إيمانهم به. وفي بيان صدر في يوليو (تموز) الماضي، بعد أن أدلى بشهادته أمام لجان الكونغرس التي تحقق في التدخل الروسي، قال صهر الرئيس ومساعده كويدنر: "دونالد ترامب كان أفضل رسالة، وشنّ حملة أكثر ذكاء، وهذا سبب انتصاره".

لكن، يقول أوسنوس "كما كشفت مولر، عن القصة الخفية وراء فوز ترامب في الرئاسة، أصبح من الواضح الآن، أن الطريقة الحقيقية للسخرية من الأمريكيين هي التأكيد على أنهم لا يهتمون بما فيه الكفاية لمعرفة الحقيقة".