جنود إسرائيليون في الجولان.(أرشيف)
جنود إسرائيليون في الجولان.(أرشيف)
الأحد 18 فبراير 2018 / 12:40

إسرائيل تستعد لضرب إيران وحزب الله في سوريا

حذر الباحث ريتشارد بافا، من مؤسسة راند للأبحاث والتطوير، من أن إسرائيل تستعد لضرب إيران وحزب الله في سوريا؛ حيث أن المواجهات العسكرية الأخيرة بين القوات الإسرائيلية والإيرانية والسورية قد أثارت تقلبات جديدة في منطقة الشرق الأوسط المتفجرة بالفعل، الأمر الذي يزيد من احتمالات الحسابات الخاطئة والتصعيد العسكري في المنطقة.

أطراف الصراع لا يتطلعون إلى شن حرب أخرى في الوقت الراهن، ولكن الاشباكات العسكرية سوف تستمر على الأرجح طالما أن قوات إيران وحزب الله منتشرة في سوريا وتنخرط في سلوك استفزازي

ويلفت الباحث، في مقال نشرته مجلة نيوزويك الأمريكية، أنه مع استمرار الحرب الأهلية السورية، فإن القلق المتزايد لا يتمثل في اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وسوريا التي استنفدت قواتها العسكرية بشكل كبير، ولكن عوامل التوتر الحقيقية تكمن في إمكانية الوجود العسكري الدائم في سوريا، وكذلك نقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله في لبنان، وكلاهما خط أحمر بالنسبة إلى إسرائيل.

اشتباكات متبادلة

ويشير الباحث إلى أن المواجهة الأخيرة بدأت عندما اخترقت طائرة إيرانية بدون طيار من وسط سوريا المجال الجوي الإسرائيلي وتم إسقاطها، وردت إسرائيل بشن هجوم جوي على قاعدة جوية في وسط سوريا، وهي المنشأة التي تتحكم في الطائرات بدون طيار. وخلال الهجوم أُسقطت مقاتلة إسرائيلية من طراز F-16، وكان انتقام إسرائيل سريعاً وشديداً؛ إذ أطلقت موجتين من الضربات ضد القواعد الجوية السورية ووحدات الدفاع الجوي ومرافق القيادة والتحكم وأهداف إيرانية.

وعلى الرغم أن هذه التصادم الأخير يمثل تصعيداً مهماً في الصراع بين إسرائيل والقوات الإيرانية في سوريا، فإن إسرائيل شنت العديد من الضربات ضد الأراضي السورية في السنوات الأخيرة؛ بغرض استهداف القوافل التي تحمل الأسلحة المتقدمة إلى حزب الله، وكذلك مخازن الأسلحة المتقدمة والمرافق الحكومية السورية، وقاعدة عسكرية إيرانية قيد الإنشاء.

تحذير إيران والأسد

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت بوضوح عن عدم قبولها وجود قواعد إيرانية دائمة في سوريا، علاوة على رفضها لوجود قوات إيران وحزب الله على حدودها الشمالية ونقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله ومرافق إنتاج الصواريخ في لبنان.

ويقول الباحث: "أشارت حكومة نتانياهو من قبل أنها لا تسعى إلى مزيد من التصعيد أو صراع أوسع، ولكنها حذرت إيران من أن إسرائيل سوف تدافع عن سيادتها. ويبدو أن الهجمات الأخيرة كانت بمثابة تحذير فقط لإيران، وكذلك الرئيس السوري بشار الأسد الذي يستضيف القوات الإيرانية وحزب الله على الأراضي السورية، لاسيما أن قوات الحرس الثوري الإيراني (بما في ذلك وحدة العمليات الخاصة المعروفة باسم فيلق القدس) ومقاتلي حزب الله والميليشيات الشيعية، تعمل جميعها في سوريا لدعم نظام الأسد".

ويرى الباحث أن إسرائيل حاولت تجنب التورط في الحرب الأهلية السورية، ولكن وجود إيران وحزب الله في سوريا (وما ينطوي عليه ذلك من حيازة حزب الله لأسلحة متقدمة قادرة على شن ضربات دقيقة) يشكل تهديداً جديداً وخطيراً بالنسبة لإسرائيل. وتقدر الأخيرة أن حزب الله لديه ما لا يقل عن 150 ألف قذيفة وصاروخ. والواقع أن مدى قدرة تلك الصواريخ سيكون بمثابة تغيير في اللعبة، الأمر الذي يتيح لحزب الله تهديد البنية التحتية الإسرائيلية والمراكز السكانية بأسلحة متقدمة، والدليل على ذلك أن إسرائيل، خلال الاشتباك الأخير، أغلقت مطار بن غوريون بصورة مؤقتة خوفاً من أي هجوم انتقامي.

وفي الوقت نفسه، لا تسعى إيران وحزب الله إلى التصعيد في الأمد القريب؛ إذ لا يزال تركيزهما على الصراع في سوريا، ولكن استعداد إيران لاختراق المجال الجوي الإسرائيلي باستخدام طائرة بدون طيار وبناء منشأت في سوريا ومواصلة نقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله في لبنان، كلها أمور تعتبرها إسرائيل استفزازاً شديداً يزيد من إحتمالية الحسابات الخاطئة واندلاع الحرب؛ وبخاصة في ضوء لجوء إسرائيل المتكرر إلى اتخاذ إجراءات عسكرية ضد مثل هذا التهديد.

حرب واسعة النطاق
ويحذر الباحث من أنه إذا اندلعت الحرب بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله من جهة أخرى، فمن المؤكد أنها ستكون أشد وأوسع نطاقاً وتدميراً من الصراع السابق في 2006؛ إذ تتوافر لدى حزب الله قوة عسكرية قادرة وصواريخ بعيدة المدى يمكن أن تضرب بشكل أكثر عمقاً في الأراضي الإسرائيلية. وفي المقابل سوف تشعر إسرائيل، على الأرجح، بأنها مضطرة إلى إحراز انتصار حاسم في ساحة المعركة (على عكس ما حدث في 2006) وستحاول القضاء على قدرات حزب الله العسكرية بقدر الإمكان. وإذا استهدفت ضربات حزب الله البنية التحتية الإسرائيلية الحيوية أو المراكز السكانية، فإن إسرائيل سوف تشن حملة جوية شرسة ضد البنية التحتية اللبنانية ومجموعة واسعة من أهداف حزب الله، فضلاً عن أن أي عملية عسكرية إسرائيلية سوف تتضمن أيضاً حملة عسكرية برية.

وخلافاً لما حدث في 2006، فإن هذا الصراع لن يكون قاصراً على لبنان وإسرائيل، ومن المؤكد أن الهجمات الإسرائيلية سوف تشمل أهدافاً في سوريا أيضاً، نظرا لوجود إيران وحزب الله في سوريا. وعلاوة على ذلك فإن وجود القوات الروسية والإيرانية والأمريكية على مقربة من هذا الصراع يقود إلى المخاطرة بتوسيع الحرب، ويمكن لإسرائيل طلب المساعدة الرسمية من القوات الأمريكية إذا تعرضت لهجمات صاروخية من حزب الله، وهذا يضع القوات الأمريكية في مواجهة مباشرة مع القوات الإيرانية والروسية.

طموحات إيران
وبحسب الباحث، فإن انتهاء الحرب ضد داعش، يسمح للولايات المتحدة بالعمل مع إسرائيل وروسيا على حد سواء لوقف عملية نقل الأسلحة المتقدمة إلى حزب الله، وضمان انسحاب القوات الإيرانية وقوات حزب الله من سوريا من أجل تقليل مخاطر نشوب صراع تصعيدي، وسوف يمثل ذلك تحدياً مهماً؛ إذ إن إيران سوف تقاوم على الأرجح لأنها تسعى إلى تأمين نفوذها في سوريا على المدى الطويل وضمان سهولة وصولها إلى حليفها حزب الله في لبنان. وفي الوقت نفسه لن تتسامح إسرائيل مع وجود عسكري طويل الأمد لإيران بالقرب من حدودها وما ينطوي عليه ذلك من توفير أسلحة متطورة في ترسانة حزب الله أو منشأت إنتاج الصواريخ المحلية في لبنان.

ويخلص الباحث إلى أن أطراف الصراع لا يتطلعون إلى شن حرب أخرى في الوقت الراهن، ولكن الاشباكات العسكرية سوف تستمر على الأرجح طالما أن قوات إيران وحزب الله منتشرة في سوريا وتنخرط في سلوك استفزازي، مما يزيد من احتمالات اندلاع حرب جديدة مدمرة بين إسرائيل وحزب الله وإيران.