المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بين قادة الحرس الثوري.(أرشيف)
المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بين قادة الحرس الثوري.(أرشيف)
الأحد 18 فبراير 2018 / 14:25

السعودية لقنت إيران درساً سنة 1984.. لِمَ لا تكرّره أمريكا اليوم؟

رأى الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ريتشارد غولدبيرغ أنّه آن الأوان كي يشنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً ضدّ الحرس الثوري الإيراني.

على الإدارة الحالية أن تستهدف قواعد عسكرية أساسية للحرس في سوريا، وسيكون الأمر عبارة عن مقاربة يمكن أن تساعد في تفادي نزاع على نطاق واسع

وكتب في صحيفة "نيويورك بوست" مقال رأي يؤكد فيه أنّ إرسال إيران لطائرة من دون طيار كي تخرق الأجواء الإسرائيلية هو اختبار لترامب لا لإسرائيل وحدها. فالدرون الإيرانية المستندة إلى التكنولوجيا الأمريكية بحسب بعض التقارير، كانت تذكيراً بتخلي أمريكا عن قوة ردع عسكرية نشطة بدأ سنة 2011 مع باراك أوباما. فالأخير سمح لإيران باستعادة طائرة من دون طيار بالغة الأهمية بالنسبة إليها، بدلاً من إرسال صاروخ لتدميرها.

في السنوات التالية، فرض أوباما ضغطاً كبيراً لتفادي هجوم إسرائيلي ضدّ منشآت نووية إيرانية وتخلى عن ديبلوماسية إكراهية من أجل تطمين إيران في المفاوضات النووية، وكاد يردّ على عمليّة احتجاز طهران لعشرة بحارة أمريكيين بشكرها وطلب المزيد من هذه العمليات. وأضاف غولدبيرغ أنّ الأسوأ من كل هذا هو رفض أوباما تنفيذ خطه الأحمر حول منع نظام الأسد من استخدام السلاح الكيميائي. وقالت إدارته إنّ سوريا وضعت نظام دفاع جوي خطراً جداً كي يتم تنفيذ الخط الأحمر. لكن بعد موت مئات الآلاف من السوريين لاحقاً، استطاعت القوة الجوية الإسرائيليّة محو نصف الدفاعات الجوية السورية في العاشر من فبراير (شباط) الحالي.

مستويان لتعامل ترامب مع إيران
لاحظ المسؤولون الإيرانيون واستوعبوا الضعف الأمريكي. وردّوا عليه باستكمال البحث عن الهيمنة الإقليمية بالغطاء المالي والديبلوماسي الذي أمّنه الاتفاق النووي المليء بالشوائب من أجل نشر الإرهاب والصواريخ عبر الشرق الأوسط. وأشار الكاتب إلى مستويين من تعامل الإدارة الحالية مع طهران. من جهة، إنّ قرار ترامب فرض عقوبات على الحرس الثوري مع تشدده إزاء إدانة طبيعة النظام الإيراني في الأمم المتحدة. وهذا يظهر إرادة أمريكية بالانخراط في حرب عقائدية واقتصادية ضد طهران. من جهة ثانية، لا يزال الاتفاق النووي ساري المفعول ولم تفعل هذه الإدارة الكثير لرفع الكلفة على إيران بسبب توسعها الإقليمي.

أسلحة وصواريخ إلى البحرين واليمن
لا تزال إيران تشحن الأسلحة إلى البحرين، حيث القيادة المركزيّة للبحرية الأمريكية، وتشحن الصواريخ إلى اليمن لشنّ هجوم ضد المملكة العربية السعودية. وهي في الوقت نفسه، تبني مصانع لإنتاج الصواريخ في سوريا ولبنان. ويدعو غولدبيرغ الولايات المتحدة إلى إعادة تأسيس ردع عسكري صلب ضدّ التوسع الإيراني بالتعاون الوثيق مع حلفاء أمريكا الإقليميّين. يجب على الإدارة الحالية أن تستهدف قواعد عسكرية أساسية للحرس في سوريا، وسيكون الأمر عبارة عن مقاربة يمكن أن تساعد في تفادي نزاع على نطاق واسع.

الإيرانيون يهربون من المواجهة
يشرح الباحث أنّ المسؤولين الإيرانيين يميلون إلى تفادي مواجهة عسكريّة مباشرة مع قوة عسكريّة متفوّقة. ويذكر أنّ المسؤولين السعوديين يحبّون سرد واقعة إسقاط جيشهم لمقاتلتين إيرانيتين اخترقتا الأجواء السعودية سنة 1984. ومنذ ذلك الحين لم تجرؤ إيران على اختبار السعودية مجدداً. إضافة إلى ذلك، يعلم المسؤولون أنّهم إذا موّلوا مزيداً من العمليات الخارجية فستتدهور أوضاعهم الاقتصادية والسياسية أكثر. وإذ يهتف الشعب الإيراني مطالباً سلطاته بالتفكير بهمومه لا بالأوضاع في سوريا، سترفع زيادة الكلفة على إيران من مستوى التوتر الداخلي. وسيكون على ترامب أن يستعد لمروحة من الردود الإيرانية المحتملة خصوصاً من وكلائها في العراق وسوريا ولبنان، لكنّ تهديد الوكلاء ليس جديداً وستتخطى مكاسب التحرك الامريكي أكلافه بشكل كبير.

ما هي مكاسب هذا الردع؟
في البداية، ستتغير حسابات طهران الاستراتيجية فتتقلص مخاطرتها داخل المنطقة ويتعزز أمن حلفاء أمريكا على المدى الطويل وقد يتغير سلوك النظام على الأرجح حول نشاطاته غير الشرعيّة. من ناحية ثانية، سيقفل الردع العسكري الأمريكي الجسر البري الذي يربط طهران بالمتوسط. وقد يدعّم هذا الردع تهديدات الرئيس الأمريكي تجاه الخروج من الاتفاق النووي ممّا يعزز من إمكانية نجاح محاولات إصلاح الاتفاق إذا إراد، أو قد يقلّص مخاطر لجوء إيران للتصعيد في حال قرّر الخروج منه. ويضيف الباحث مكسباً آخراً يتلخص بتفوق النفوذ الديبلوماسي الأمريكي على موسكو في سوريا. فإذا أراد الرئيس الروسي الاحتفاظ بوجود طويل الأمد في البلاد والاستفادة من إعادة الإعمار، سيكون عليه إجلاء القوات الإيرانية من سوريا، أو يتولّى الأمريكيون وحلفاؤهم المهمة عنه. لكن من دون هذا الردع، ستبقى واشنطن تسير وهي نائمة في عصر هيمنة إيرانية على الشرق الأوسط.