رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.(أرشيف)
الأحد 18 فبراير 2018 / 19:21

نتانياهو والحلقة التي تضيق..!!

ما أن أفاق نتانياهو من صدمة توصيات الشرطة، التي رد عليها غاضباً، حتى تلقى لطمة من حيث لا يدري ولا يحتسب، أي من البيت الأبيض، الذي كذّب ما صدر عنه من أقوال وتلميحات عن مباحثات مع مسؤولين أمريكيين حول ضم مستوطنات الضفة الغربية إلى إسرائيل

الأحد هو أوّل أيام الأسبوع في إسرائيل، ومنذ أسبوعين، على الأقل، يبدأ الأحد بأخبار مُزعجة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ففي مثل هذا اليوم قبل أسبوع كانت الشرطة تنظر في احتمال نشر، أو تأجيل، توصيات بشأن اتهامات بالفساد، على ضوء التصعيد العسكري، والغارات الجويّة على أهداف في سوريا. وقد رجحت كفة القائلين بنشر التوصيات، في نهاية ذلك اليوم، ليجد المذكور نفسه في عين عاصفة غير مسبوقة في كل تاريخه السياسي.

واليوم الأحد، أفاق الإسرائيليون على نبأ اعتقالات طالت مُقرّبين من رئيس الوزراء، ومسؤولين في شبكة الاتصالات العملاقة بيزيك، يُشتبه بتورطهم في قضايا فساد تُعرف باسم القضية 4000، الثالثة بين أربع قضايا يُتهم فيها نتانياهو بالرشوة، وخيانة الأمانة، والفساد.

وتجدر الملاحظة أن التوصيات المُعلنة، حتى الآن، تتعلّق بقضيتين، فقط، هما القضية (1000) والقضية (2000) ويُتهم فيهما المذكور بتلقي "هدايا" فاخرة، ومحاولة تعديل قانون الهجرة لتمكين أحد رجال الأعمال المقربين من التهرب الضريبي، ويبقى أن الرابعة (3000) تتعلّق بشبهات فساد في شراء غوّاصات من ألمانيا.

وكأن هذا كله لم يكن كافياً، فما أن أفاق نتانياهو من صدمة توصيات الشرطة، التي رد عليها غاضباً، حتى تلقى لطمة من حيث لا يدري ولا يحتسب، أي من البيت الأبيض، الذي كذّب ما صدر عنه من أقوال وتلميحات عن مباحثات مع مسؤولين أمريكيين حول ضم مستوطنات الضفة الغربية إلى إسرائيل، والإيحاء بالحصول على ضوء أخضر في هذا الشأن. ولم يفشل مراقبو المشهد السياسي في إسرائيل في القول إن الإدارات الأمريكية السابقة، ورغم خلافها مع نتانياهو لم يسبق لها أن اتهمته بالكذب كما يحدث الآن.

ولا يبدو من قبيل المبالغة القول إن ثمة علاقة عضوية بين الأزمة، التي خلقتها توصيات الشرطة، وبين التلميح بالاتفاق مع الأمريكيين على ضم مستوطنات الضفة الغربية. فنتانياهو يرى في المستوطنين، وحلفائهم، قاعدته الانتخابية الصلبة، ودرعه الواقي في مجابهة الأزمة، وبالكلام عن ضم المستوطنات يضمن حمايتهم ودفاعهم عنه بحكم ما لهم من ثقل في معسكر اليمين، ومن نفوذ على شركائه في الائتلاف الحكومي.

ولعل في هذا ما يعيد التذكير بمشهد وصفه الصحافي الإسرائيلي بن كاسبيت في كتاب صدر مؤخراً بعنوان: "سنوات نتانياهو"، في الانتخابات التشريعية في 2015، وحين بدت فرص حزب الليكود، الذي يتزعمه، أقل من منافسيه في "المعسكر الصهيوني"، دعا نتانياهو قادة المستوطنين لاجتماع في بيته، وتحدث معهم بطريقة عاطفية وتحريضية، تماماً، قائلاً: كل ما عليكم الآن أن تحزموا متاعكم، وأن تستعدوا لإخلاء المستوطنات، بعد خسارتنا في الانتخابات، ولكن إذا أردتم لهذا ألا يحدث فلتنزلوا الآن إلى قواعدكم، وإلى الشارع، لحشد وتحريض الناخبين. وكانت النتيجة أن الليكود تفادى الهزيمة، وتفوّق في الانتخابات.
  
ومن غير المُستبعد أن يكون مثل هذا الاجتماع قد تكرر في الأيام القليلة الماضية، وباللغة نفسها، وأن يكون الكلام عن ضم المستوطنات جزءاً من استراتيجية الدفاع، وعدم الاستقالة من منصب رئيس الوزراء بعد توصيات الشرطة، كما دعا عدد من أقطاب المعارضة، الذين أعادوا التذكير بدعوة نتانياهو لرئيس الوزراء أولمرت بالاستقالة من منصبة بعدما قدّمت الشرطة للجهاز القضائي توصيات مشابهة.

التوصيات، في حد ذاتها، ليست مُلزمة، ولا تفرض عليه الاستقالة، طالما لم تصدر لائحة اتهام من جانب المدعي العام.

وهذا يستدعي المزيد من الوقت. ولكن الضرر وقع، ولم يتردد المعلقون الإسرائيليون في القول إن العد التنازلي لحياة نتانياهو السياسية قد بدأ.

والسؤال الآن: ولكن متى يصل إلى نهاية الشوط؟

وهذا ما لا يملك أحد إجابته بصورة واضحة، إذ يمكنه الإفلات من المأزق بحل الحكومة والدعوة لانتخابات مبكّرة، أو التحريض والاستعانة بالضغط الشعبي، وأوراقه في معسكر اليمين قوية، ولا يبدو أن شركاءه في الائتلاف الحكومي بصدد التخلي عنه في وقت قريب. وهناك ورقة التصعيد العسكري في مسارح عمليات مختلفة، رغم أن أمراً كهذا، وفي ظل ظروف كهذه، يبدو مفضوحاً إلى حد بعيد.

ومع ذلك، قد تُسهم هذه الأوراق في التأجيل والعرقلة، ولكن السلطات القضائية هي المرجع الأوّل والأخير. الحلقة تضيق، فعلاً، وفي أوقات متقاربة، وحتى من أسبوع إلى آخر، ولا ينبغي استبعاد استماتة نتانياهو في الدفاع عن نفسه، ولا استبعاد مفاجآت جديدة.