مجسم لصاروخ إيراني قرب صورة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.(أرشيف)
مجسم لصاروخ إيراني قرب صورة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.(أرشيف)
الإثنين 19 فبراير 2018 / 13:17

الشعب الإيراني فضح الغرب قبل حكامه

لفت ماثيو كونتينيتي، صحفي وكاتب سياسي أمريكي، في مجلة "كومنتري"، إلى أن الاحتجاجات الأخيرة ضد الحكومة الإيرانية، والتي انطلقت في 28 ديسمبر( كانون الأول)، 2017، فاجأت لا السلطات الإيرانية فحسب، والتي سارعت لاحتواء الانتفاضة التي هددت بزعزعة النظام الديني، إنما المراقبين في الغرب أيضاً. ولذا لا بد من التساؤل: "لماذا كانت الاحتجاجات التي عمت معظم المدن الإيرانية بمثابة مفاجأة للجميع؟".

الشعب الإيراني أظهر تصميمه على نشر الديمقراطية والحرية وحكم القانون في بلده، وهو يعارض حكامه ومجموعة من الثرثارين الغربيين الحريصين، أكثر منه، على الإبقاء على الصفقة النووية مع طهران

وبحسب كاتب المقال، ما جرى كان بسبب وجود خطط للطوارئ بالإضافة لتقلب السياسات الدولية. وقد أدرك ذلك خلال العامين الأخيرين، كل من يتمتع بقدر من الوعي. ولكن في ما يتعلق بالجمهورية الإسلامية، تتوافر عوامل أخرى تعمل على تشتيت توقعاتنا، وتكذيب الرواية الإعلامية المهيمنة. ومن بين تلك العوامل تبرز الطبيعة التسلطية لآية الله خامنئي، والحرس الثوري الإيراني، وباقي الطبقة السياسية الإيرانية الفاسدة والمتسلطة.
  
ضخ إعلامي

ويضيف كونتينيتي إلى تلك العوامل، استمرار وجود مسؤولين في إدارة أوباما السابقة ضمن هيئات ومنظمات غير حكومية، وفي منافذ إعلامية، وهم ينظرون لكل ما يجري في الشرق الأوسط من خلال عدسات الصفقة الإيرانية لعام 2015، وهم يسعون للحفاظ عليها.
كما تعمل الحكومة الإيرانية على قمع الحريات الصحافية، فضلاً عن ابتزاز مراسلين أجانب. وبذلت طهران أيضاً جهوداً كبيرة من أجل الإبقاء على الاتفاق بما يوفره من رفع للعقوبات، والذي يمنحها ضوءًا أخضر للمضي في توسعها الإقليمي، ولا يضع قيود على تطوير سلاح نووي في مستقبل ليس ببعيد. ولا بد أن آية الله وأعوانه سعداء للغاية بحرف النقاش عن حكومتهم غير الشرعية، نحو توقعات بشأن ما سيقوم به الرئيس دونالد ترامب. كما تبدي وسائل إعلام غربية استعداداً لمساعدته في تحقيق ذلك الهدف.

تأثير معاكس
لكن لا يعني هذا، بحسب كاتب المقال، أن الرواية المفضلة غير قابلة للتغيير. فقد ساد، قبل أشهر من خروج الاحتجاجات، اعتقاد بأن تشدد ترامب حيال إيران كان له أثر عكسي وأدى لتعزيز التضامن ووحدة الصف الإيرانية.

وعندما أشار الرئيس ترامب إلى الخليج العربي بهذا الاسم، وليس كما يسميه الإيرانيون، كتب كي آرمين، مراسل مجلة "تايم" الأمريكية، أن ما قاله ترامب يعد بمثابة "انتصار لملالي إيران وقد أصبح الشعار الرسمي المتداول اليوم في طهران ينادي بالوحدة والتضامن ضد أمريكا".

وبعد شهر، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً مطولاً بقلم مدير مكتبها في طهران، ثوماس إرديبرينك، تحت عنوان" بعد انقسام طويل، إيران تتوحد ضد ترامب والسعوديين".

وكتبت صحف أخرى غربية وأمريكية تقارير مماثلة تعطي صورة إيجابية عن التفاف الشعب الإيراني حول حكومته، نتيجة لموقف الرئيس الأمريكي المعارض للاتفاق النووي، وعزمه على إبطاله.

تكذيب

ولكن، يقول كاتب المقال، خلال أقل من شهر كذبت الجماهير الإيرانية تلك التقارير، وخرجت إلى الشوارع. وعندها اضطر إرديبرينك، الذي كان حينها خارج إيران للكتابة، في 29 ديسمبر( كانون الأول) مقالاً بعنوان "احتجاجات متفرقة في إيران"، ما أثار سخرية عدد من المعلقين والمحللين السياسيين.

ويختم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الشعب الإيراني أظهر تصميمه على نشر الديمقراطية والحرية وحكم القانون في بلده، وهو يعارض حكامه ومجموعة من الثرثارين الغربيين الحريصين، أكثر منه، على الإبقاء على الصفقة النووية مع طهران.