عهد التميمي (أرشيف)
عهد التميمي (أرشيف)
الأربعاء 21 فبراير 2018 / 08:55

عهد التميمي.. اليوم.. وغداً

يوسف أبو لوز- الخليج

منْ في عائلاتهم أطفال في السادسة عشرة، أي في عمر الطفلة الفلسطينية عهد التميمي يعرفون جيداً حرقة أسئلة من مثل: ماذا تأكل الآن عهد في السجن "الإسرائيلي"؟.. كيف تنام؟ كيف يتعامل معها السّجان وهو يمرّ على حجرة اعتقالها في الصباح وفي المساء وعلى خصره مسدس، وفي عينيه نظرة حقد، ويخاطبها بغلظة وغرور؟

نعم.. وقد مرّ على اعتقال عهد التميمي الآن حوالي الشهرين، وترفض سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" الإفراج عنها بكفالة، وتصرّ هذه السلطات الغاشمة على محاكمتها رغم أن عمرها من الناحية القانونية يبطل المحاكمة من أصلها.. يتساءل المرء كيف يبدأ يوم هذه الطفلة، وكيف ينتهي.. هل تشعر بالجوع والبرد؟ وكيف تفكر بينها وبين نفسها بعائلتها.. أمها وأبيها وأخوتها؟.. ما عمق حزنها اليومي وحرمانها من المدرسة واختطاف طفولتها بهذه القسوة والجبروت الذي لا يفرّق بين طفل وكهل وبعقلية عدوانية لا إنسانية ولا لها أي علاقة بالبشر.

عهد التميمي وحيدة الآن في عتمة السجن، خلف القضبان، وخلف طفولتها المعتقلة.. ونحسبها الآن قوية، صابرة، محتشدة ببطولة مبكرة، وفي روحها تنمو فلسطين صغيرة جميلة مثلها، فلسطين شقراء مثلها، ونقية مثلها لا تعرف الخوف، وشجاعتها مضاعفة لأنها في السادسة عشرة، ولأنها خدشت كبرياء الجنرال، ونزعت عن كتفيه نياشينه اللامعة تحت الشمس، نياشينه اللامعة كالجريمة.

عهد لم تصفع الجندي "الإسرائيلي" وحسب، بل وصفعت أيضاً تاريخه وأسطورته المزيفة.. صفعت "ثقافة"، "إسرائيلية" بكاملها، وأضع كلمة "ثقافة" هنا بين قوسين لأن هذه الكلمة الحضارية المدنية لا تتلاءم مطلقاً مع التوحش بكل دلالاته ومفاهيمه، والتوحش إذا كان مفهوماً، فإن نموذجه "إسرائيلي"، وعهد التميمي فضحت تماماً هذا النموذج.

قبل أيام رفعت حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" دعوى على عائلة فلسطينية تطالبها بتعويض بآلاف الدولارات جراء انقلاب سيارة دورية "إسرائيلية" فوق شاب فلسطيني أطلق عليه جنود الاحتلال النار، فأصيب وانطرح على الأرض لتنقلب عليه السيارة وتقضي عليه.. أي أن الضحية هو المدان، وعليها أن تدفع تعويضاً للقاتل.

منطق استفزازي أعوج كهذا ليس مستغرباً من جانب النموذج المتوحش الذي أشرنا إليه قبل قليل، وعلى القاعدة نفسها، فليس مستغرباً أن تقوم إدارة السجن "الإسرائيلي" بتجويع عهد التميمي وتعريضها للبرد، ووضعها في جوّ تعذيب نفسي، وهذا أسوأ ما يمكن أن تتعرض له هذه الطفلة الجميلة.

الرهان على القوة الداخلية لهذه الطفلة، وسوف تخرج ذات يوم إلى الحرية وإلى فلسطين الشقراء الكبيرة، وقد كبرت هي في شهرين.. عامَينْ.

الرهان على قوة عهد التميمي الداخلية، وسوف تنتصر، لأنها ابنة عائلة فلسطينية مثقفة، ابنة عائلة لها تاريخ وتراث وطني عريق، تربت على الشجاعة والثقة بالنفس منذ جدودها النبلاء الأتمّاء.

ماذا تقرأ عهد التميمي اليوم؟؟

قل ماذا ستكتب عهد التميمي غداً؟؟