الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الرئيس الإيراني حسن روحاني.(أرشيف)
الأربعاء 21 فبراير 2018 / 14:09

الزمن يتغيّر.. لكن ليس لمصلحة إيران

ذكرت كاميليا إنتخابيفارد كيف تدهور سعر صرف الريال الإيراني بشكل قياسي، إذ عادل الدولار الواحد 50 ألف ريال إيراني خلال الأسبوع الماضي. وفي صحيفة "ذي أراب نيوز" السعوديّة، كتبت أنّ الإيرانيين المذعورين سحبوا أموالهم من المصارف ووقفوا في طوابير طويلة أمام مكاتب الصرافة في طهران من أجل شراء العملات الأجنبية.

خلقت الأزمة المالية الحالية تهديداً جدياً بمزيد من الغضب الشعبي ومظاهرات جديدة محتملة بسبب تأثيراتها على أسعار السلع والتضخم

حاول الرئيس الإيراني حسن روحاني تهدئة المواطنين ووعد بإدارة اضطراب "السوق المزيفة". لكنّ هذه السوق استجابت بعدائية أكبر مع زيادة في عمليات التحويل عقب رسالة روحاني.

يوم الأربعاء الماضي، هاجمت الشرطة والأجهزة الأمنية الصرافين واعتقلت 90 شخصاً من بينهم مغلقة عشرات مكاتب الصرافة. لكنّ إنتخابيفارد رأت أنّه من السذاجة الاعتقاد بأنّ بضعة من هؤلاء الأشخاص يُسألون عن الأزمة. لم يعد الإيرانيون يثقون بالحكومة وهم قلقون من مصير الاتفاق النووي والتداعيات التي ستواجهها إيران لو قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب بلاده من الاتفاق النووي في 12 مايو (أيار) المقبل.

مخاوف من ترامب 

لقد طالب ترامب حلفاءه الغربيين بمناقشة برنامج الأسلحة النووية في إيران وسياساتها الإقليمية إذا أرادوا بقاء الولايات المتحدة في الاتفاق. وهدّد ترامب الغربيين بالانسحاب منه إذا لم يعالجوا الثغرات التي سلّط الضوء عليها، بما يعني أنّه سيعاد فرض العقوبات إذا أعلنت واشنطن انسحابها منه. لعلّ ما شهدته الأسواق المالية الإيرانية كان رد فعل على التحرك الأمريكي المحتمل في مايو المقبل، بما أنّ النظام يرفض أي انخراط يؤدي إلى إجراء محادثات حول المسائل المقلقة في الاتفاق النووي. وطالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإيرانيين بإجراء محادثات منفتحة حول برنامجهم الصاروخي كتلك التي أجروها حول الاتفاق النووي. وأضاف أنه يمكن للمجتمع الدولي مراقبة هذا البرنامج مقترحاً إدخال قوى إقليمية في هذا الموضوع.

الغرب متعاطف مع واشنطن
أتى الجواب الإيراني بالنفي الذي عبّر عنه الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي الذي قال الخميس إنّ إيران لن تضع حدوداً لقدراتها الدفاعية. إنّ عقوبات محتملة على إيران بسبب برنامجها النووي قد تدفع طهران إلى الانسحاب من الاتفاق النووي وهو أمر قد يدفع المراقبين إلى توقع إمكانية نهاية الاتفاق بعد ثلاثة أشهر. في الوقت الذي لا يمكن معرفة ما يجول في ذهن الإيرانيين، يبدو أنّ الأمريكيين ينشطون في محاولة إظهار جدّيتهم إزاء إيران، بينما يظهر القادة الغربيون تعاطفاً مع ترامب حول مواجهة المساعي الإيرانية للهيمنة الإقليمية ولتطوير البرنامج البالستي. خلال مؤتمر حول الأمن في برلين عُقد الأسبوع الماضي، عبّرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تمنيهما الالتزام بالاتفاق النووي، لكنّهما أضافتا ضرورة معالجة مسائل أخرى مثل البرنامج الصاروخي. وقالت ماي: "نتقاسم المخاوف الأمريكية حول نشاط إيران المزعزع في الشرق الأوسط، ونقف مستعدين لاتخاذ إجراءات إضافية مناسبة للتصدّي لهذه المسائل".

خداع الشعب الإيراني صعب

تشير الكاتبة إلى أنّ هذه التطورات هي رسالة واضحة لطهران بأنّ الزمن يتغير وهو ليس لمصلحة الإيرانيين. لقد كان النظام الإيراني يراهن على الاتحاد الأوروبي للوقوف في وجه القرار الأمريكي، لكنّ طهران الآن تواجه احتمال فرض عقوبات جديدة عليها ومزيداً من الصعوبات الاقتصادية إذا رفضت أن تجري محادثات حول برنامجها الصاروخي. الشعب الإيراني محبط وغاضب من النظام الذي وعد بتحسين حياته بعد التوقيع على الاتفاق، غير أنّ التغييرات التي حدثت منذ ذلك الحين لم تكن ملموسة. سوف يكون صعباً إخبار الشعب الإيراني اليوم بتحمل المزيد من العقوبات ومواجهة الإمبريالية الغربية، فيما أولئك المقربون من النظام يكسبون رواتب كبيرة ويتمتعون بالرفاهية.

مزيد من الغضب الشعبي
خلقت الأزمة المالية الحالية تهديداً جدياً بمزيد من الغضب الشعبي ومظاهرات جديدة محتملة بسبب تأثيراتها على أسعار السلع والتضخم. لذلك، إنّ خيارات النظام محدودة جداً بما أنه واقع تحت ضغط شعبي يطالبه بإصلاحات وتغييرات سريعة فيما يحضه المجتمع الدولي على مزيد من التعاون حول المسائل الإقليمية ويتحدى سلوكه العدائي في المنطقة. لم تكن هذه الضغوطات الإضافية ضرورية لو أنّ إيران أبدت سياسة إقليمية طبيعية منذ توقيعها على الاتفاق النووي. والأمر نفسه ينطبق على الحرس الثوري لو حصر وجوده في الداخل الإيراني. ورأت الكاتبة أنّ الأزمة لا ترتبط بقيمة الدولار بل بثقة الشعب الإيراني المتهالكة إزاء مسؤوليه والتي تؤثّر على العملة المحلية.