شارع قديم في القاهرة.(أرشيف)
شارع قديم في القاهرة.(أرشيف)
الخميس 22 فبراير 2018 / 14:10

مصر تنفض عنها إرث الحقبة العثمانية

تطرّق الكاتب عمرو إمام في صحيفة "ذي أراب ويكلي" الصادرة من لندن إلى إعادة السلطات المصرية تسمية بعض الشوارع في القاهرة مستجيبة لدعوات تغيير أسماء تعود إلى الحقبة العثمانية، في وقت يتزايد فيه التوتر المصري التركي. لقد اكتسبت هذه الدعوات الزخم بعد تقرير لأكاديمي مصري يصنّف فيه الحكام العثمانيين بالمستعمرين ممّا أدّى إلى تغيير اسم شارع سليم الأوّل الذي نُسب إلى أحد السلاطنة العثمانيين.

لجنة تسمية الشوارع في القاهرة ستتقدّم بخطة للحكومة المصرية من أجل إعادة تسمية الشوارع التي تحمل أسماء عثمانية أو غير مصرية

وأعلن نائب محافظ القاهرة محمّد أيمن تأييده لهذه الخطوات: "من غير المنطقي وبشكل كامل أن تُسمّى شوارعنا نسبة لوجوه عثمانية، حين يكون لدى دولتنا أشخاص يستحقون هذا الشرف أكثر بكثير". وأضاف: "يجب علينا تغيير أسماء الشوارع هذه".

مكافحو الإرهاب أولى بالتكريم
تابع الكاتب مقاله مضيفاً أنّ لجنة تسمية الشوارع في القاهرة ستتقدّم بخطة للحكومة المصرية من أجل إعادة تسمية الشوارع التي تحمل أسماء عثمانية أو غير مصرية. وتنشئ اللجنة المعنيّة قاعدة بيانات بالشوارع المحتمل أن تطالها الخطوة الجديدة. ويتوقع أن تتضمن اللائحة المئات من الشوراع في هذا الإطار. وطمأنت السلطات السكّان إلى أنّهم سيكونون جزءاً من مشروع اختيار الأسماء الجديدة. من بين المقترحات التي قُدمت، إعادة إعطاء الشوارع أسماء من سقطوا من رجال الشرطة والجيش في الحرب على الإرهاب.

غضب مصري
يأتي هذا المشروع في خضمّ تدهور العلاقات المصرية مع الأتراك. وساءت الأخيرة بعدما دعم الجيش المصري ثورة شعبية ضدّ الرئيس الإخواني محمد مرسي سنة 2013. منذ ذلك الحين، واجهت القاهرة وأنقرة العديد من الخلافات بما فيها اتهام مصر لتركيا بدعم تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي المحظور وبتدخلها في الشؤون الداخلية للدولة المصرية. وقالت أنقرة إنّها اعتبرت اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والقاهرة والذي توصلت إليه الدولتان سنة 2013، باطلاً. وغضبت القاهرة من التهديد التركي لمصالحها في شرق المتوسط، بعدما أعلن بيان لوزارة الخارجية المصرية أنّ القاهرة ستواجه أي محاولات لانتهاك أو تحجيم حقوق مصر في تلك المنطقة.

مجرمون لا أبطال
كتب إمام أنّ بروفسور التاريخ في جامعة حلوان محمد صبري الدالي نشر دراسة تلقي الضوء على السجل الدموي لسليم الأول في مصر، الأمر الذي دفع محافظ القاهرة عاطف عبد الحميد لإصدار أوامر بشأن تغيير اسم الشارع الذي يقع شمال شرق العاصمة المصرية. لقد كان سليم الأول الحاكم العثماني الذي احتلّ مصر في القرن السادس عشر. ووصفه الدالي بأنّه "أول مستعمر" لمصر. وقال الدالي إنّ العثمانيين ارتكبوا كوراث خلال القرون الخمسة التي احتلوا فيها مصر. وأضاف: "لقد تركوا لنا إرثاً دنيئاً يحوّلهم إلى مجرمين، لا إلى أبطال يستحقون التبجيل". وفي حين قد ينتقد البعض مشروع إعادة تسمية الشوارع لكونه محاولة لإعادة كتابة التاريخ، يدعم مواطنون كثر مساراً وطنياً أطلقته الحرب المصرية على الإرهاب إضافة إلى تحديات إقليمية متنوعة.

ولاء وطني
أضعفت سنوات من الاضطرابات الداخلية التي أعقبت ثورة 2011 مكانة مصر الإقليمية. وهددت سنة من الحكم الإسلامي بعد الثورة بمزيد من زعزعة الاستقرار وضرب هويتها الوطنية والعربية. بعد الإطاحة بمحمد مرسي، عاد الشعور الوطني التقليدي إلى مصر. لذلك إنّ احتفاظ القاهرة بشوارع تكرّم وجوهاً من الحقبة العثمانية يظهر تناقضاً مع هذا الشعور. نفى أيمن أن تكون تلك الخطوة مرتبطة بالخلافات السياسية بين القاهرة وأنقرة أكثر من ارتباطها بالمحاولات المصرية لإظهار الولاء الوطني.

وأعرب العديد من المشرّعين المصريين عن دعمهم العلني لمشروع إعادة التسمية رابطين إياه بتوترات إقليمية. قال النائب محمد الكومي إنّه سيقود تحركاً في البرمان للضغط على المسؤولين الإداريين في جميع المحافظات المصرية لتغيير أسماء الشوارع الأجنبية، مشدّداً على أنّ التاريخ العثماني في مصر بعيد جداً عن أن يكون مشرقاً: "لقد جاؤوا إلى هنا كمحتلين وتركوا بلادنا في الدمار والتخلف". وتساءل: "لماذا يجب علينا أن نسمّي شوارعنا باسم من استعمروا ودمروا بلدنا؟"