الأحد 25 فبراير 2018 / 09:04

أمريكا في القدس

صادق ناشر- الخليج

لم تترك الإدارة الأمريكية هامشاً للمناورة في موضوع نقل سفارة بلادها إلى مدينة القدس، فأعلنت عن تنفيذ قرارها القاضي بنقل السفارة منتصف شهر مايو "أيار" المقبل، وهي مناسبة تذكّر العالم بالنكبة التي حلت بفلسطين عام 1948 إثر احتلالها من قبل "إسرائيل" بتواطؤ دولي واضح.

إعلان الخارجية الأمريكية اعتزامها تنفيذ قرار نقل سفارتها إلى مدينة القدس الذي سبق أن تم اتخاذه قبل أشهر قليلة، يؤكد ما ذهب إليه كثيرون من أن إدارة ترامب تتبع سياسة مع قضية السلام من الواضح أنها لا تقود إلى سلام حقيقي، بحسب ما يروّج له المسؤولون الأمريكيون، من بينهم ترامب نفسه، الذي اعترف بأن قرار نقل السفارة إلى القدس لقي معارضة دولية لا تصدق، لكنه أكد أنه ماض فيه لأنه "القرار الصائب". 

واعتبر قادة فلسطينيون قرار الإدارة الأمريكية واختيار ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني تاريخاً للقيام بهذه الخطوة مخالفة فاضحة للقانون الدولي والشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة، وإمعاناً في تدمير خيار الدولتين، إضافة إلى استفزاز مشاعر جميع العرب والمسلمين، في اختيار هذا الموعد، ويرون أن الإدارة الأمريكية قد عزلت نفسها عن أي دور كراعٍ لعملية السلام، لأنها بمثل هذه القرارات أصبحت بالفعل جزءاً من المشكلة ولا يمكن لها أن تكون جزءاً من الحل.

خطوة نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس جاءت بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى "إسرائيل"، حيث وقع في الزيارة على الخطة الأمنية الخاصة بالسفارة الجديدة، وهي امتداد لزيارات عدة لمسؤولين كبار من بينهم نائب الرئيس مايك بنس، الذي يعد واحداً من أبرز الداعين لنقل السفارة إلى القدس والداعمين لـ"إسرائيل".

الجديد في الموضوع أن خطوة نقل السفارة تسارعت بشكل كبير، وجاء الإعلان عنها مفاجئاً لكثير من المراقبين، الذين كانوا يعتقدون أن الولايات المتحدة ستتمهل باتخاذ الخطوة، خاصة أنها سبق أن أعلنت أن عملية تنفيذ القرار ستكون في نهاية عام 2019، حيث سبق أن أعلن تيلرسون نفسه أن القرار سيحتاج إلى أعوام عدة ولن يتخذ سريعاً، لكن من الملاحظ أن المسألة كانت مدروسة ومحدد وقتها الزمني عند الإعلان عن القرار الذي اتخذه ترامب خلال شهر ديسمبر "كانون الأول" الماضي.

تبيع الولايات المتحدة الأمريكية الوهم للفلسطينيين والعرب عبر الحديث عن حل شامل ونهائي للصراع العربي "الإسرائيلي"، لأن الوقائع على الأرض تشير إلى أن مثل هذا الحل بعيد، ويحتاج إلى مصداقية في التعامل مع الواقع وليس مجرد تمنيات.

لم يعد الرهان اليوم على موقف أمريكي وغربي في أزمة القدس، فمن الواضح أن الغرب، وإن كانت هناك أصوات معارضة تبرز من هنا وهناك، يسير خلف المشيئة الأمريكية في ما يتصل بهذه الأزمة، على الرغم من إدراك الجميع أن الحل ليس بالطريقة التي تريدها الولايات المتحدة و"إسرائيل" بل بتوافق الأطراف المعنية بالصراع، وفي قلب هؤلاء الفلسطينيون الذين يعانون كل يوم مظالم الاحتلال وفظاعاته على مدى ستة عقود.