الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية ريك تيلرسون (أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية ريك تيلرسون (أرشيف)
الأحد 25 فبراير 2018 / 16:08

لا توافق أمريكياً تركياً في سوريا.. بعد

بعد سلسلة لقاءات رفيعة المستوى في أنقره أخيراً، يبدوبحسب كانسو غاميلبيل كاتبة عمود سياسي في صحيفة "حريت" التركية، أن إدارة ترامب استطاعت وقف التدهور السريع في العلاقات الأمريكية - التركية، والتي ساءت بشدة بسبب الحرب في سوريا.

يواجه الأمريكيون مهمة شاقة في إخراج YPG من المعادلة دون استعداء الأكراد، ودفعهم نحو مزيد من التقارب مع الروس

ولكن، في رأي غاميلبيل، ما زال زخم تلك "التفاهمات" ضعيفاً، ولا يوحي بأن إجماعاً نهائياً في الرأي بين واشنطن وأنقره، قد يتحقق خلال المرحلة المقبلة في سوريا.

شرط مسبق
وتلفت كاتبة المقال لاشتراط تركيا انسحاب حليف أساسي لأمريكا في شمال سوريا، وحدات حماية الشعب الكردي YPG، نحو شرق نهر الفرات، وهو ما تعهد به الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، لكن واشنطن لم تف بعد بذلك الوعد.

وفي رأي غاميلبيل، كانت اللقاءات الثنائية التي عقدها مستشار الأمن القومي الأمريكي، أتش آر ماكماستر، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، ضرورية لتحقيق مساعي الولايات المتحدة لتبديد قلق تركيا، خاصةً بعدما هددت بمهاجمة منبج لطرد YPG بعيداً عن تلك المدينة ذات الغالبية العربية.

ولكن معظم ما تم تحقيقه، قام به وزير الخارجية الأمريكي، تيلرسون عند زيارته إلى أنقره.

لقاء بلا مترجم
وتعتقد كاتبة المقال أن سبب قبول تيلرسون لطلب الرئيس التركي، أردوغان، أن يلتقيه دون وجود مترجم، أو مدون ملاحظات من الجانب الأمريكي، في هذه الفترة العصيبة بالذات، قد يرجع لخبرة 40 عاماً اكتسبها تيلرسون من خلال إدارته لشركة إكسون للنفط.

وربما أدرك تيلرسون أن تنازله لأردوغان وقبوله بغياب مترجم في لقائهما، قد يعرضه للمساءلة من قبل بعض الأعضاء في إدارته، خاصةً لأنه جاء في وقت ساءت فيه سمعة الرئيس التركي في واشنطن.

إشارات
ولكن، كما تشير غاميلبيل، مهما كان رد الفعل الأمريكي، يبدو أن إشارات كتلك شكلت أهمية بالنسبة لأردوغان. وفي نهاية اللقاءات، كان تيلرسون هو من حاول استعادة ثقة حليف غاضب.

ورغم ذلك، تشير وقائع لعدم تسوية أي من الخلافات بين تركيا والولايات المتحدة في لقاءات الأسبوع الأخير.

فقد تم الاتفاق على أن لا يعمل الجانبان بشكل منفرد على الساحة السورية، مع تعهد بتسوية الخلافات من خلال ثلاثة لقاءات عمل، بما يوحي بأنها كانت وسيلة بارعة للاعتراف بأن مساومات قاسية تكمن على الطريق.

استراتيجية أمريكية جديدة

ولا يخفى على أحد، حسب كاتبة المقال، أن الولايات المتحدة غير مستعدة للتخلي عن شراكتها مع قوات سوريا الديموقراطية قسد، والتي تشكلت بدايةً من قبل مقاتلي YPG- الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور PKK.

لكن مسؤولين كباراً في إدارة ترامب يعملون على ابتكار استراتيجية جديدة لإعادة هيكلة قوات حليفة على الأرض.

وفي الواقع، منذ تحرير مدينة الرقة، تم تجنيد مزيد من المقاتلين العرب ضمن قوات قسد، رغم أن معظم قادتها من مقاتلي YPG.

تفكيك
وفي رأي كاتبة المقال، قد تعمل الولايات المتحدة على تفكيك القوات الحالية وإعادة تشكيلها، وأخذ احتجاجات تركيا بعين الاعتبار.

ويرجح أن تبدأ هذه العملية في منبج، التي تحولت إلى معضلة مع بداية الهجوم التركي في عفرين. ويواجه الأمريكيون مهمة شاقة في إخراج YPG من المعادلة دون استعداء الأكراد، ودفعهم نحو مزيد من التقارب مع الروس.

اختبار
وسيصبح مجلس منبج العسكري بمثابة اختبار لمعرفة كيفية ضم أنقره إلى عملية تدقيق جديدة في شمال سوريا.
  
وحسب مصادر عليمة باللقاءات، سأل الجانب الأمريكي بصراحة الأتراك في أنقره عما إذا كانوا يرفضون أن يعملوا مع جميع الأكراد في سوريا. فأجاب الأتراك بأن خطهم الأحمر الوحيد يتعلق بحزب PKK وفروعه، ما دفع الأمريكيين لتحديد المجموعات الكردية الي يستطيعون العمل معها. ويبدو أن تلك مهمة لافتة وجديرة بالمتابعة: إيجاد الأكراد المفضلين لدى تركيا في سوريا.

اقتراحات واقعية
وحسب كاتبة المقال، سيكون تمثيل كردي في مفاوضات جنيف، أو في أي مكان آخر، لتقرير مستقبل سوريا، جزءاً من المساومة الأمريكية مع الأتراك. ولكن هذا لن يتم بحثه اليوم، ولذا ستجبر أنقرة على التأقلم مع هذا الواقع في ظل اقتراحات مبتكرة وواقعية، عوضاً عن تجاهل مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد في سوريا.

وبعد أن نجحت واشنطن في وقف هجوم تركي محتمل على منبج، قد تحاول الآن إقناع الأتراك بالتوقف عن المضي قدماً في السعي لإسقاط مركز مدينة عفرين. فالمعارك تخاض معركة تلو أخرى.