نساء يشاركن في مسيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي في مدريد. (أف ب)
نساء يشاركن في مسيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي في مدريد. (أف ب)
الجمعة 9 مارس 2018 / 20:08

لماذا أحتفي بيوم المرأة

نكاية في هؤلاء الذين ضاقت أعينهم لتحسد المرأة على الفتات، احتفيت مُكرهة بيومها العالمي، وسأفعل في كل عام

أدير بؤبؤ عيني تهكماً مع حلول الـ8 من مارس(آذار) من كل عام، فقد تبرمجت على كونه اليوم العالمي لترديد الترهات بشأن المرأة، والتي يتذكّر البعض فجأة في هذا اليوم بأنها أمهم وأختهم وابنتهم. ويبدو أنها تعود كائناً ميكروبياً دقيقاً لا يُرى بالعين المجردة بعد أن تدق الساعة الـ12 مساء.  

لطالما رحبت بذراعين مفتوحتين بكافة الانتقادات الموجّهة إلى اليوم العالمي للمرأة، ومنها –مثلاً- أنه يوفّر منصة مجانية للشركات لتمارس ما يُعرف بالـ "بينك واشينغ"، أي استغلال المرأة في الحملات الإعلانية، والتظاهر بتبني قضاياها، بغرض الترويج للمنتجات والخدمات.

لقد اتفقت مع المنتقدين لوقت طويل حول هذا اليوم العالمي للمرأة، حتى أدركت مؤخراً أن الضرورة تقتضي مني تغيير موقفي. ولو تصنّعاً.

لنعد بالذاكرة إلى 2014، حين خرج السود في مظاهرات عمّت مدن أمريكا احتجاجاً على العنصرية الممنهجة ضدهم. إن المظاهرات تلك كانت قد انطلقت تحت راية حملة سبقتها في مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "حياة السود مهمة".

وليس في ترديد هذه العبارة ما ينفي الأهمية عن حياة من هم ليسوا سوداً، أو يستبيح دماءهم وأموالهم وأعراضهم، ولكن ما كان من الحزب الآخر -أو لنسميهم "العنصريين" اختصاراً للوقت والجهد- إلا أن أطلقوا حملة مناهضة لها في مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان "حياة الجميع مهمة".

تذكرت تلك الرغبة الأنانية في التخريب والتهميش وسحب البساط من الآخرين حين اعترض أحد الرجال العرب على تخصيص يوم للمرأة.

أود ادعاء السذاجة، والافتراض بأنه يكترث حقاً بأن هذا اليوم سيقوم بتشييء المرأة، وعزلها ككائن غير بشري غير مساو للرجل، وجعلها أقرب للشجرة الصمّاء التي يخصص لها أسبوع سنوي.

أود تقمّص الغباء، كمن صدّقوا بأن حملة "حياة الجميع مهمة" لم يصنعها من كرهوا الاضطرار إلى الالتفات إلى ذلك الرجل الأسود الذي يُخنق ويُسحل ويُضرب ويُسجن، على الرغم من أن الحملة لم تحمِه من أن يُخنق ويُسحل ويُضرب ويُسجن. أن يُخصص يوم سنوي للمرأة، مهما كان هذا اليوم رمزياً وهمياً في أهميته.

إن هؤلاء الرجال قد انزعجوا حرفياً من إجبارهم على سماع نفس الأكذوبة السنوية عن المرأة، تلك التي تومئين لها أنتِ برأسكِ بينما تعلمين أنها سراب لن يتجسد في القريب العاجل. لقد أتعبهم تسليط بقعة مؤقتة من الضوء عليكِ، حتى وهم يدركون بأنها تمثيلية تخفي الظلام، أي ذلك الذي نصبوه بأنفسهم خلف الستارة. وشر البلية ما يضحك.

نكاية في هؤلاء الذين ضاقت أعينهم لتحسد المرأة على الفتات، احتفيت مُكرهة بيومها العالمي، وسأفعل في كل عام.
ودمتن بخير.