الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية المقال ريك تيلرسون.(أرشيف)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية المقال ريك تيلرسون.(أرشيف)
الجمعة 16 مارس 2018 / 13:39

تقرير: أين أخطأ تيلرسون؟

جاء قرار الرئيس ترامب لإبلاغ ريكس تيلرسون عن إقالته عبر تغريدة على تويتر، منسجماً تماماً مع ولايته كوزير للخارجية الأمريكية التي اتسمت بالضعف وعدم الفاعلية، برأي إيلان غولدنبرغ، زميل بارز ومدير برنامج الأمن في الشرق الأوسط، لدى مركز الأمن الأمريكي الجديد.

قادت تلك السياسات والإجراءات لهجرة أدمغة من وزارة الخارجية، حيث غادر قرابة 60٪ من السفراء مواقعهم خلال السنة الأولى من عهد تيلرسون

فقد شهد عهد تيلرسون مشكلتين مركزيتين، أولاهما، عجزه عن التحدث بفعالية، أو تمثيل وجهات نظر ترامب، وثانياً، إدارته الكارثية لبيروقراطية وزارة الخارجية.

طبيعة المهمة
ويقول الكاتب إن المشكلة الأولى ليست ناجمة من خطأ تيلرسون لوحده. فطبيعة هذه الوظيفة تحتم أن يكون وزير الخارجية قادراً على التحدث بمصداقية نيابة عن رئيس الولايات المتحدة، وأن يكون ممثله الرئيسي خارج الولايات المتحدة. وذلك لم يتحقق لتيلرسون الذي كثيراً ما قال أشياء تراجع عنها ترامب.
وعلى سبيل المثال، عندما كان تيلرسون يعمل على اتباع ديبلوماسية ناعمة مع كوريا الشمالية، انتقد ترامب أسلوبه علناً. وقبل يومين، أشار ترامب لاختلافه في الرأي مع تيلرسون بشأن مستقبل الصفقة النووية مع إيران.

مصداقية
وحسب غولدنبرغ، كان لذلك أثره الكبير على مصداقية تيلرسون خلال محادثات مع أطراف خارجية، حيث أدرك هؤلاء أنه لم يكن يتحدث باسم الرئيس، وأن ما يتم الاتفاق عليه قد لا ينفذ.

وهكذا عندما تسربت تقارير وصف فيها وزير الخارجية رئيسه بأنه "أخرق"، كان من شأن ذلك أن يثير مشكلة، وخصوصاً أن تيلرسون لم ينف علناً ما قاله.

سوء إدارة
ولكن، وفق كاتب المقال، كان الأمر الأكثر إحباطاً يعود لسوء إدارة تيلرسون لوزارة الخارجية الأمريكية، وهو تطور لافت بالنظر لخبرته الطويلة كرئيس تنفيذي لشركة "إكسون موبيل"، ويمثل حكاية تحذيرية لكل من يعتقد أن خبرة في القطاع الخاص تنتقل مباشرة إلى القطاع الحكومي. وكان خطأ تيلرسون الأول في قبول مطلب البيت الأبيض بخفض مخصصات وزارة الخارجية بنسبة 30% من الميزانية. وقد سجل ذلك التخفيض رغم نقص في تمويل وزارة الخارجية، منذ سنوات. وقد فقد بسبب تلك الخطوة قدراً كبيراً من مكانته وملفه لدى وزارة الخارجية.

خطة غير مدروسة
وبرأي غولدنبرغ، تمثل الخطأ الثاني الذي وقع فيه تيلرسون بقراره تطبيق خطة غير مدروسة لإعادة تنظيم وزارة الخارجية. وقد بدأ بتجميد تعيين موظفين جدد، وحتى أنه جمد حركة نقل أشخاص بقوا في مواقعهم الحالية لمدة أشهر، ما جعل من المستحيل على الوزارة تطبيق نظامها المعتاد في تناوب العاملين فيها. وقد تسبب قراره بتجميد تعيين أزواج وزوجات العاملين بإحباط لدى عدد كبير من الديبلوماسيين الأمريكيين وأسرهم عند انتقالهم للعمل في سفارات جديدة لبلادهم. كما أثار ذلك مشكلة لسفارات كانت دوماً تملأ، بهذه الطريقة، شواغر عدة لا يستطيع عاملون محليون شغلها.

إخفاق
يضاف إليه، حسب الكاتب، إخفاق تيلرسون في سد شواغر في مواقع هامة على مستوى نائب الوزير ومساعده. ويعمل هؤلاء المسؤولين الرفيعي المستوى عادة كصلة وصل بين خبراء في وزارة الخارجية والوزير. وهم من يعملون على تطبيق السياسات الخارجية. وبدون هؤلاء، اعتمد تيلرسون على كادر صغير من الخبراء من قسم تخطيط السياسات لنقل توجيهاته.

هجرة أدمغة
وبرأي كاتب المقال، قادت تلك السياسات والإجراءات لهجرة أدمغة من وزارة الخارجية، حيث غادر قرابة 60% من السفراء مواقعهم خلال السنة الأولى من عهد تيلرسون. وفي الوقت نفسه، تراجع عدد العاملين الجدد في مجال الخدمة الخارجية من 336 إلى 100 سنوياً. ومن قمة هرمها إلى قاعدتها العريضة، شهدت وزارة الخارجية الأمريكية حالة نزف في أصحاب الكفاءات الديبلوماسية. ولن يعود هؤلاء إلى وظائفهم، وسوف يترك ذلك أثره على الوزارة لسنوات عديدة قادمة.