عناصر من الجيش السوري الحر في عفرين ينزعون لافتات كردية في على جدران المدينة (إ ب أ)
عناصر من الجيش السوري الحر في عفرين ينزعون لافتات كردية في على جدران المدينة (إ ب أ)
الثلاثاء 20 مارس 2018 / 19:50

أكراد سوريا ينددون بخذلان الغرب لهم بعد خسارة عفرين

يشعر أكراد سوريا الذين كانوا رأس حربة المعركة ضد تنظيم داعش، بأن حلفاءهم الغربيين "تخلوا عنهم" مع العملية التركية في عفرين وينددون بعملية "تطهير إثني" بينما يقف العالم "متفرجاً".

وكتبت جمعية أكراد يتحدرون من عفرين ويقيمون في أوروبا، في صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن "صمت المجموعة الدولية يساهم في الخطة المروعة التي دبرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. صمت يوازي القبول".

وناشدوا في رسالتهم الأسرة الدولية بالقول: "لا تتخلوا عن حلفائكم"، فيما طردت وحدات حماية الشعب الكردية من معقلها عفرين الأحد من قبل الجيش التركي وفصائل سورية معارضة مدعومة من أنقرة.

ووحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة "إرهابية" بسبب ارتباطها بحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمرداً مسلحاً ضد تركيا، حليفة أساسية للتحالف الدولي ضد تنظيم داعش في سوريا بقيادة واشنطن.

تطهير إثني
لكن رغم ذلك يقول الممثل الرسمي في فرنسا للادارة الذاتية الكردية في شمال سوريا روج آفا، خالد عيسى، إن "المقاتلين الذين حاربوا بشجاعة ضد داعش، هم أنفسهم اليوم الذين تُركوا لرحمة الجيش التركي"، مندداً "بتطهير إثني تبقى القوى الكبرى متفرجة عليه".

شكلت خسارة عفرين ضربة قوية للأكراد السوريين الذين تعرضوا للقمع في ظل حكم عائلة الأسد لكنهم أعلنوا الإدارة الذاتية بحكم الأمر الواقع في مناطق شاسعة إثر النزاع الدائر في سوريا منذ 2011.

وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فر حوالي 250 ألف مدني من العنف في عفرين، وقُتل عشرات آخرون وكذلك حوالي 1500 مقاتل كردي.

لكن "بسبب انتماء المعتدي لحلف شمال الأطلسي، فإن هذا الانتهاك المتكرر للقانون الدولي لن يُعاقب أبداً" حسب ما قالت المجموعة الكردية في ألمانيا، حيث يقيم حوالي مليون كردي.

وقال مساعد مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، ديدييه بييون إن "عفرين تجسد بالشكل الأكثر وحشية لما نطلق عليه اسم السياسة الواقعية".

وعلق هذا الخبير الفرنسي في الشؤون التركية أن "الغربيين خاصةً الأمريكيين كانوا بالطبع راضين لرؤية القوات الكردية السورية على الأرض تحارب تنظيم داعش. لكن أنقرة العضو في حلف شمال الأطلسي ستكون على الدوام أكثر أهمية من عفرين".

موقف محرج
تقول مسؤولة برنامج تركيا والشرق الأوسط في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، دوروثي شميت، إن "عفرين تضع الغربيين في موقف محرج".

وتوضح الباحثة أن "الالتزام إلى جانب الأكراد يعني دعم مستقبل سياسي للأكراد في سوريا، خاصةً روج آفا، لكن الغربيين لم يحسموا أبداً هذه المسالة. بالتالي هذا سيعني الغوص مجدداً في النزاع السوري في وقت يريد فيه كل العالم الخروج منه".

فحذرت واشنطن الإثنين أنقرة، معبرة عن "قلقها العميق" بعد السيطرة على عفرين.

وعبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أيضاً عن "قلقه العميق" ودعا موسكو، الطرف الأساسي على الساحة السورية، "إلى بذل أقصى جهودها لوقف المعارك والخسائر المدنية".

مأساة إنسانية
لكن ردود الفعل هذه لا ترقى إلى حجم المأساة الدائرة على الحدود التركية السورية، كما يحذر الأكراد الذين يتهمون أنقرة بالتحالف مع الجهاديين للسيطرة على عفرين.

وحذرت جمعية الأكراد المتحدرين من عفرين، من أنه "على الحكومات الأوروبية أن تدرك أن الأمر لا يتعلق فقط بأمن شعبنا، لأن سقوط عفرين يعني خلق بؤرة جهادية جديدة تهدد أمن باريس وبرلين ولندن".

وحذر أردوغان من أنه يعتزم توسيع نطاق الهجوم التركي إلى مناطق أخرى في شمال سوريا بينها مدينة منبج الواقعة على بعد مئة كلم شرق عفرين.

ومثل هذه المبادرة ستنطوي على مخاطر شديدة لأن مئات العسكريين الأمريكيين الذين يدعمون وحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة الجهاديين ينتشرون هناك.

لكن أحد المطلعين على هذا الملف يتساءل: "هل يملك أردوغان الإمكانات العسكرية لتحقيق الطموحات التي يعبر عنها في سوريا؟ أشك في ذلك".

ويخلص ديديه بييون إلى القول: "رغم تصريحات أردوغان الحربية، لن تتمكن تركيا من المضي كثيراً أبعد من ذلك"، مشيراً إلى أن المسألة الكردية على طول الحدود التركية السورية "تتطلب سلوك طريق المفاوضات".