ضابط أمريكي مع قوات كردية في شمال سوريا.(أرشيف)
ضابط أمريكي مع قوات كردية في شمال سوريا.(أرشيف)
الأربعاء 21 مارس 2018 / 15:13

واشنطن تتخلى عن الأكراد.. مجدداً

نجحت تركيا وحلفاؤها في طرد قوات كردية من مدينة عفرين المحاذية للحدود التركية – السورية. وفيما تشن أنقره حرباً وحشية ضد مدنيين ومقاتلين أكراد، في حربها المزعومة ضد إرهابيين، لم تحرك إدارة ترامب ساكناً، سوى عبر تذمرها مما يجري في الشمال السوري.

تعاملت تركيا دوماً بوحشية مع الأكراد، وهو توجه طبقه أردوغان عندما بدأ في قتالهم من جديد، في عام 2015 بهدف تحقيق مكاسب سياسية

وتهدد أنقرة حالياً بالتقدم شرقاً نحو مدينة منبج، حيث تتموضع قوات أمريكية إلى جانب مقاتلين أكراد، اعتمدت عليهم أمريكا لإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.

موافقة ضمنية
و كتب في مجلة "ذا أمريكان كونسرفاتيف"، دوغ باندو، زميل رفيع لدى معهد كاتو، ومساعد خاص للرئيس الأسبق رونالد ريغان، أن واشنطن وافقت ضمنياً على خروج أكراد من مناطقهم، والاتجاه نحو الضفة الأخرى من نهر الفرات، بما يعني تصفية أخرى للحلفاء الوحيدين المتبقين لأمريكا في سوريا.

ولكن قد يمثل التخلي عمن قدموا مساعدات جليلة إحراجاً أقل لواشنطن من الاعتراف بحتمية مثل ذلك التراجع. فقد كان من الخطأ أن تدعم الولايات المتحدة دويلة وقوة عسكرية كردية على طول الحدود التركية. كما لم يكن يفترض بالأكراد أن يأملوا بأن يحل قلق أمريكا الأخلاقي حيالهم محل أهدافها السياسة الخارجية الأوسع نطاقاً.

مؤشرات
وبرأي كاتب المقال، صدرت مؤشرات توحي بهذه النتيجة. ففي الخريف الماضي، أدركت سلطات كردية بأن أمريكا لن تتحدى حكومات إيران أو العراق وتركيا من أجل حماية كردستان بعد إجرائه استفتاء على استقلال الإقليم. وقبل سنوات، سلحت واشنطن أنقرة (التي لم تكن حتى تعترف بالأكراد كشعب منفصل)، لكي تشن حملة وحشية ضد انفصاليين أكراد.

ترتيبات
ويقول باندو إن القضاء على داعش وفر فرصة للإدارة لكي تعلن النصر، وتعيد القوات الأمريكية إلى موطنها. فإن سوريا لم تكن تمثل قط أهمية بالنسبة لأمريكا، وهي اليوم هامة أكثر لجيرانها ولروسيا. وفيما تمثل الحرب الأهلية في سوريا مأساة إنسانية، لن تؤثر الترتيبات بشأنها على توازن القوة في الشرق الأوسط، الذي تهيمن عليه واشنطن وحلفاؤها.

ولذا يرى كاتب المقال أنه من الأفضل لأمريكا أن تكف عن تبديد موارد لا لهدف محدد ومفيد، سوى من أجل ضخ أسلحة وقوات في الهوة السورية البعيدة.

قوة حدودية
وعوضاً عنه، قررت إدارة ترامب الاحتفاظ بقرابة 2000 جندي في شمال سوريا. وقد برر الرئيس الأمريكي تلك الخطط بأنها تفيد في تشكيل قوة حدودية ضرورية لمنع انبعاث داعش مجدداً، ولكن يبدو أنها قوة غير ضرورية في ظل وجود قوات سورية وتركية وإيرانية وروسية وقوات معارضة. ومن المستبعد أن يتحول داعش لما يشبه القاعدة، تنظيم إرهابي عابر للحدود، وخاصة أنه لم يكن سوى دولة مزيفة.

مهام خيالية
وخلافاً لما يقوله الرئيس الأمريكي، يشير باندو لاعترافات مسؤولين أمريكيين بأنهم كانوا يشرعون لتنفيذ مهام أخرى تبين أنها خيالية وغير شرعية، وتقوم على احتلال قرابة ربع مساحة سوريا لإجبار الأسد على التخلي عن السلطة، ولطرد الإيرانيين خارج البلاد، والضغط على روسيا لدعم أهداف أمريكا السياسية. وكان عماد واشنطن من أجل تنفيد تلك الخطة الطموحة، هي وحدات حماية الشعب الكردي، أو YPG، والتي كانت أساس قوات سوريا الديموقراطية.

إذعان
وحسب الكاتب، ظنت واشنطن أن أنقره سوف تذعن لإنشاء دولة كردية جيدة التسلح عند حدودها. ولكن ذلك كان من صنع الخيال. فقد تعاملت تركيا دوماً بوحشية مع الأكراد، وهو توجه طبقه أردوغان عندما بدأ في قتالهم من جديد، في عام 2015 بهدف تحقيق مكاسب سياسية. وفي الخريف الماضي، عاقبت أنقرة كردستان بسبب إجراء حكومته استفتاء على استقلال الإقليم.

تقارب مع دمشق
وبرأي باندو، بعدما أيقن الأكراد أن واشنطن سوف تتخلى عنهم إثر الغزو التركي لسوريا، سعوا للتقارب مع دمشق، التي أرسلت قواتها لمساعدتهم في محاربة الأتراك.

ولذا يدعو الكاتب الإدارة الأمريكية إلى سحب قواتها من سوريا، عوضاً عن السعي لتنفيذ خطة محكوم عليها بالفشل، وخاصة بعدما أعلن الرئيس ترامب الانتصار في الحرب على داعش.