الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.(أرشيف)
الأربعاء 21 مارس 2018 / 15:06

طموحات أردوغان أعمته.. العرب يناهضون إرث العثمانيين

شدّد الصحافي بوراك بكديل في مقاله ضمن مؤسسة الرأي الأمريكية غايت ستون إنستيتيوت، على أنّ الأحداث في الأسابيع الأخيرة تؤكد أنّ العالم العربي يرفض طموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بترؤس أمّة إسلامية.

الأيديولوجيا الإسلامية المتطرفة لدى أردوغان دفعته إلى قلب حقائق المشاعر العربية تجاه الأتراك

ويشير الصحافي إلى أنّ هستيريا قد انتشرت في تركيا ظهرت من خلال تنافس قومي جديد قبض على المخيلة التركية الداخلية حيث يمكن سماع صدى صيحات الاستشهاد والجهاد يتردد في أرجاء البلاد. ولم يتم إعفاء حتى الأطفال من الحديث المقيت عن الموت.

بدأت القصة مع نشر رئاسة الشؤون الدينية التركية كتباً مخصصة للأطفال تمجد فيها ما تقول إنّه استشهاد الإسلاميين. طُلب من التلامذة، حتى من هم في الروضة، أن يسيروا وفقاً للطريقة العسكرية وتلاوة قصائد قومية متطرفة في المدارس. وهنالك مدارس حكومية استبدلت أجراس الاستراحة بمسيرات عسكرية عثمانية.

حزن على السلطنة
في استعراض سياسي جديد خلال تجمع حزبي، رأى أردوغان فتاة تبلغ السادسة من عمرها بين الحضور وأحضرها إلى المنصة كي يقول لها إنّها إذا ماتت كشهيدة فسيلفّ نعشها بالعلم التركي الذي كانت تحمله في جيبها. وسألها: "أنت مستعدة لأي شيء أليس كذلك". فأجابت الفتاة الباكية والمرعوبة بصعوبة: "نعم". إنّ النمط العسكري الإسلامي لدى أردوغان، في دولة فقدت إمبراطوريتها منذ حوالي قرن، لا يزال يجد ملايين الأتباع. في 11 مارس الحالي، وخلال تجمع حزبي آخر، أبدى أردوغان حزنه لخسارة السلطنة العثمانية: "أرضنا (التركية تبلغ مساحتها) 780 ألف كيلومتر مربع. وصلنا إلى هنا (بعدما كانت تبلغ مساحتها) 18 مليون كيلومتر مربع. وهتف الجمهور: "خذنا إلى عفرين". وأعلن رئيس مجلس النواب التركي اسماعيل كهرمان، صديق قديم لأردوغان، الجهاد ضد الأكراد في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي.

أمنيات أردوغان تصطدم بالواقع
يشير الصحافي التركي إلى أنّ الشرق الأوسط أكثر تعقيداً مما يظنه أردوغان. إنّ الأيديولوجيا الإسلامية المتطرفة لدى أردوغان دفعته إلى قلب حقائق المشاعر العربية تجاه الأتراك. يفتخر العرب بثورتهم ضدّ السلطنة العثمانية أوائل القرن العشرين بينما يدّعي أردوغان أنّ هذا الأمر كذبة. إنما الواقع مختلف عن أمنياته. أولاً يخوض أردوغان حرباً عسكرية على أراضي سوريا العربية لاستهداف الأكراد المسلمين الذين وصفهم بالإرهابيين. وتعهد أردوغان بتوجيه حملة عسكرية باتجاه شمال العراق حال الانتهاء من سوريا.

مواقف أبرز الدول العربية
من جهة ثانية، ومع ازدياد التوتر المصري التركي، تعيد السلطات المصرية تسمية الشوارع في القاهرة وتغيير تلك التي تسمت نسبة إلى شخصيات من الحقبة العثمانية. وجاءت الخطوة بعدما وصف أكاديمي مصري الحكام العثمانيين بالمستعمرين. وفي الأسابيع الأخيرة، تم إطلاق مبادرات عامة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في مصر لدعوة المستهلكين إلى مقاطعة البضائع التركية.

في أوائل مارس (آذار) الحالي، قررت شركة أم بي سي حظر المسلسلات التركية على جميع قنواتها. إنّ الضربة العربية التي تم توجيهها إلى الدراما التركية لها تفسير: لقد تحدّث وليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان عن محور شر موضحاً أعداء السعودية الثلاث: إيران، تركيا والميليشيات الإسلامية مثل حماس والإخوان المسلمين وهؤلاء مدعومون من أردوغان.

وقال وزير الخارجية الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش إنّ تركيا لا تتمتع بسياسة عقلانية تجاه جيرانها العرب ونصح أنقرة باحترام سيادتهم. وغرّد كاتباً: "لا يخفى على المراقب أنّ العلاقات العربية التركية ليست في أحسن حالاتها". وأضاف: "لعودة التوازن، على أنقرة أن تراعي السيادة العربية وأن تتعامل مع جوارها بحكمة وعقلانية".

استمرار في التنمّر
وشدّد الصحافي على أنّ طموح أردوغان بأن يصبح قائد الأمة يبدو أنّه قد أعماه. وللأسف هنالك دليل ضعيف على أنّه سينتهج العقلانية عوضاً عن التنمر الإقليمي. وقارن السفير الباكستاني السابق إلى واشنطن حسين حقاني بين أردوغان والديكتاتوري العسكري الباكستاني السابق محمد ضياء الحق (1978 – 1988). شرح ذلك حقاني بالقول إنّ أردوغان أخذ خلطة ضياء الحق عبر مزج القومية المتطرفة بالشؤون الدينية وهذا ما يحاول تطبيقه في تركيا.