الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أرشيف)
الخميس 22 مارس 2018 / 20:10

لماذا فاز بوتين بهذا القدر؟

كان فوز فلاديمير بوتين بولاية رابعة امراً متوقعاً، نظراً لضعف المنافسين وقوة المؤسسة الحاكمة في تجنيد المصوّتين والتحكم بالنتائج.

بوتين ومن هم على شاكلته يستفيدون من غياب الخط الفاصل بين الجمود والاستقرار، ذلك أن طول أمد الرئيس في الحكم، قدم للشعوب على أنه ضمانة استقرار في عالم عاصف

غير أن نجاح بوتين له مذاق شعبي، ذلك أنّ الروس الذين أرهقتهم تكاليف الدولة العظمى التي كانت تسمى بالاتحاد السوفياتي، والتي حملوها على أكتافهم أكثر من سبعين سنة، ذاقوا في عهد بوتين طعم تزاوج نادر بين النفوذ الدولي الذي انطفأ مع أفول الاتحاد السوفياتي، وبين الانفتاح على الحياة التي حُرم منها الروس في زمن سطوة الحزب الشيوعي ومؤسساته الفولاذية.

كما أن بوتين ظاهرة قيادية ينتمي إلى نادي الزعماء الأقوياء الذين جعلوا من الديمقراطية الغربية التي بشروا بها في البداية والتزموا بآلياتها عبر تعددية كانت محرمة، وانتخابات كانت موجهة بالجملة والتفصيل.

بوتين .. استخدم الآليات الديمقراطية لتكريس نفوذه المتفرد في القرار، ويفعل هذا الشيء كثيرون غيره من حكام هذا العصر.

ومع الفوارق في الحالتين، يسعى ترامب لأن يكون مثله ولا يمر يوم دون أن يقدم الرئيس الأمريكي دليلاً دامغاً على شغفه بالفردية والتلاعب بالمؤسسات. وكثيرون مثلهما نراهم في معظم أنحاء العالم، وإن بقوالب مختلفة.

بوتين ومن هم على شاكلته يستفيدون من غياب الخط الفاصل بين الجمود والاستقرار، ذلك أن طول أمد الرئيس في الحكم، قدم للشعوب على أنه ضمانة استقرار في عالم عاصف، فمع احتفال بوتين بفوزه، احتفلت الصين بتخليد رئيسها مدى الحياة، وكانت كازاخستان قد فعلت ذلك.

أما عندنا فهذه هي القاعدة وتداول السلطة بتغيير الزعماء هو الاستثناء.

بوتين ليس بحاجة لتزوير الانتخابات، غير أن الذي فاجأني هو احتفاظ الحزب الشيوعي بشعبية تقدر بخمسة عشر بالمائة من الناخبين، ذلك أن المواطن الروسي وجد نفسه أمام نموذجين "ستالينيين"، الأول مستمد من التراث الدموي القمعي لأقوى وأطول حقبة في التاريخ السوفياتي، والثاني يتجسد الآن بستالين محسّن يتداول السلطة مع نفسه دون أن يعرف أحد إلى متى!!

مسيرة بوتين في الانتخابات رسمت بخط تصاعدي، فها هو يحصل على 76% وهذه نسبة أعلى قليلاً من نسبة فوزه في الانتخابات السابقة، ولأن الرجل ما زال بصحة وعافية فمن الممكن أن يتطلع إلى كسر رقمه القياسي بعد ست سنوات.