عهد التميمي بين حراسها في المحكمة.(أرشيف)
عهد التميمي بين حراسها في المحكمة.(أرشيف)
الجمعة 30 مارس 2018 / 12:00

عهد التميمي تفضح المحاكمات الإسرائيلية

صباح الأربعاء 21 مارس(آذار) الجاري، دخلت عهد التميمي، ابنة السابعة عشر، محكمة عوفر العسكرية مقيدة القدمين، وألبست سترة خاصة بالسجناء بدت واسعة جداً على جسدها النحيل. ومع ذلك، ابتسمت ابتسامة عريضة.

أدركت عهد أنه مهما قالت أو فعلت، ستكون المحكمة ضدها، ولن تستطيع قط، ولا تحت أي ظرف، الحصول على العدالة داخل تلك القاعة

وأشارت مريم البرغوثي، كاتبة فلسطينية مقيمة في رام الله، في مجلة "نيوزويك"، لقبول القاضي المشرف على قضيتها طلباً لتخفيف العقوبة عليها، فحكم بسجنها لمدة ثمانية أشهر.

 وسجنت أمها ناريمان التميمي، أيضاً ثمانية أشهر، وغرمت الاثنتان 11 ألف شيكل إسرائيلي(3154 دولاراً).كما وقعت ناريمان، التي اعتقلت عقب اعتقال عهد مباشرة، على طلب بضم المدة التي أمضتها داخل السجن إلى مدة العقوبة، وتعليق حكم آخر مقابل دفع غرامة قدرها 2000 شيكل(373 دولار). ويبلغ متوسط دخل الأسرة الفلسطينية حوالي 1500 شيكل شهرياً.

الرحلة الأخيرة
وتقول البرغوثي إن رحلة الأربعاء الماضي كانت الأخيرة التي تقطعها ناريمان وابنتها عهد من سجن هشارون نحو محكمة عوفر العسكرية. إنها رحلة تستغرق ساعات، يجلس خلال السجناء في زنزانة صغيرة قذرة تبنى عادة داخل حافلة ركاب. ولكن مساء ذلك اليوم، كانت تلك أول مرة استطاعت فيه بعض صديقات عهد وبنات عمها من دخول قاعة المحكمة، وهي أول مرة، منذ أشهر، تلتقي عهد بهن.

حديث عادي
وتقول كاتبة المقال إنها لو أغمضت عينيها، وحاولت عدم الاستماع لأصوات حراس السجن، وهم يحاولون إسكات الفتيات الصغيرات أثناء تلاوة محضر الاتهامات ضد عهد، لظنت أنها في صحبتهن داخل غرفة عادية وتستمع لحوارهن المعتاد، كما هو حال المراهقات في أي مكان.
ورغم محاولة حراس إسرائيليين حجب عهد عن عيون صديقاتها المراهقات، استطعن الحديث إليها، عبر إشارات وعبارات قصيرة. فقد تبادلن الحديث ومازحن بعضهن، ونقلن لعهد آخر أخبار صديقاتها.

وتصف البرغوثي أولئك الفتيات الفخورات بأنفسهن، واللواتي تمردن على نظام يحاول سرقة حقهن كمراهقات غير مباليات، ما كشف سخافة تلك المحاكمة.

سد ثغرات
وحسب كاتبة المقال، يعني قبول طلب تخفيف العقوبة أن النيابة العامة قد أسقطت معظم التهم عن عهد. فقد استخدمت فقط أربعاً من أصل 12 تهمة أصلية من أجل إدانتها. والأهم أنه تم إسقاط معظم التهم التي استخدمت من أجل رفض الإفراج عنها مقابل كفالة. فقد تراجعت المحكمة عن التهم التي استخدمت لرسم صورة للفتاة بكونها تمثل خطراً على المجتمع الإسرائيلي. وقال بسام والد عهد: "تهمتنا الأولى أننا فلسطينيون، والتهم الاخرى لسد الثغرات، فحسب".

وسيلة أخرى
وترى البرغوثي أن معظم الفلسطينيين يتفقون مع ذلك الرأي، وأن قبول طلبات تخفيف العقوبة ليس إلا وسيلة أخرى تستخدمها المحكمة العسكرية الإسرائيلية من أجل الترويج لصورة أن الفلسطينيين يمثلون تهديداً، ومن أجل إجبارهم، قدر المستطاع على التقدم بطلبات استرحام. وتنطبق هذه الحالة على 99.7٪ من محاكمات فلسطينيين أمام محاكم عسكرية إسرائيلية.

حقيقة قاسية
في السياق نفسه، قالت عهد في جلسة محاكمتها الأخيرة: "لا عدالة في ظل الاحتلال. نحن نقف أمام محكمة غير قانونية". ولكن عندما ووجهت بحقيقة قاسية تملي عليها إما تمضية سنين داخل سجن اشتهر بسوء معاملة نزلائه وبتجاوزات لحقوق الإنسان، أو بالسجن لبضعة أشهر أخرى، تقدمت عهد بطلب تخفيف العقوبة.

وحسب كاتبة المقال، ما قالته عهد في المحكمة العسكرية يجسد وعي هذه الفتاة وتحديها، رغم قيودها. أدركت عهد أنه مهما قالت أو فعلت، ستكون المحكمة ضدها، ولن تستطيع قط، ولا تحت أي ظرف، الحصول على العدالة داخل تلك القاعة.