غلاف "الكويت والفجر الفلسطيني".(أرشيف)
غلاف "الكويت والفجر الفلسطيني".(أرشيف)
الجمعة 30 مارس 2018 / 20:08

فلسطين وفجرها الكويتي

مثلما لم تبخل الكويت على الشعب الفلسطيني في العطاء منذ عام 1921 لم تبخل على باقي الشعوب العربية، وأتطرق هنا بشكل خاص إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد النموذج الآن في التقدم

في الأسبوع الماضي كان لي موعد مع بعض من ذاتي وبعض من هويتي، كان موعدي مع إشهار كتابي "الكويت والفجر الفلسطيني" الذي أطمح لأن يكون فصلاً من فصول تاريخ العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والكويتي، فالكويت تحمل رمزية خاصة في الوجدان العربي بصورة عامة وفي الوجدان الفلسطيني بصورة خاصة، فهي لم تتقاعس يوماً عن دعم القضية الفلسطينية حتى وهي بلد فقير يعتاش على صيد السمك واللؤلؤ والتجارة مع الهند.

استغرب الكثيرون خلال حفل إشهار الكتاب عندما تطرقت لجذور العلاقة بين الشعبين الكويتي والفلسطيني، وأشرت إلى أن بعثة فلسطينية وصلت الكويت في عام 1921 لجمع التبرعات لإعمار وترميم المسجد الأقصى، منذ ذلك الوقت وربما قبله كانت الكويت تتحرك بقلب وعقل عروبي وبقيت على ذات النهج إلى أن تحولت في فترة من الفترات إلى رئة الحرية الكبيرة التي كانت تتنفس من خلالها أجيال الخمسينيات والستينيات والسبعينيات والثمانينيات حتى وقوع كارثة الغزو العراقي لها، فكان هذا الغزو بمثابة معول هدم أعاد الأمة عدة عقود إلى الوراء على كل المستويات والأهم أنه أفقد القضية الفلسطينية قيمتها كقضية قومية ومركزية بعد أن ربط صدام حسين فلسطين بالكويت عبر أغرب معادلة في تاريخ الشعوب ألا وهي للذين لا يذكرون "الخروج من الكويت بعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية"، شكلت تلك المعادلة طوق "نجاة ذهبي" للاحتلال الإسرائيلي الذي كان يعيش وقتذاك أسوأ أوضاعه السياسية بل والاقتصادية علاوة على بشاعة صورته الإعلامية بسبب همجيته في التعامل مع الانتفاضة الفلسطينية التي خمدت وانطفأت شعلتها بعد احتلال الكويت.

مثلما لم تبخل الكويت على الشعب الفلسطيني في العطاء منذ عام 1921 لم تبخل على باقي الشعوب العربية، وأتطرق هنا بشكل خاص إلى دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعد النموذج الآن في التقدم، فالعطاء الكويتي الأخوي تجاه الإمارات يعود إلى الخمسينيات من القرن الماضي أي قبل الاتحاد وقبل الاستقلال، فقد وصلت الإمارات أول بعثة تعليمية – كويتية عام 1955 وقامت بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان الاتحاد، كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات، كما التفتت الكويت ومبكراً إلى حاجة اليمن الماسة للبنى التحتية في المجال التعليمي والصحي وعملت على إنشاء المدارس والمستشفيات في شمالي اليمن وجنوبه وكذلك الأمر بالنسبة لسلطنة عمان.

ليست مصادفة على الإطلاق أن تبقى الكويت منارة قومية تضيء الطريق بنزاهة لم يسبقها إليها بلد لا عربي ولا أجنبي، والسبب أنه بلد متصالح مع ذاته "وهذا التصالح" أكسبها فائضاً من الثقة والعطاء وجعله واحة للحرية والديمقراطية – الدستورية الأولى على شاطئ الخليج العربي.

والعطاء الكويتي لفلسطين ولشعبها ولغيرها من الشعوب العربية لم يكن مادياً فحسب، بل كان عطاء مميزاً بنكهة امتزج فيه المادي بالسياسي، فالكويت وكما وصفها عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح في كلمته خلال حفل إشهار الكتاب "كانت اطفائية الخلافات العربية – العربية"، وكان سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح عميد دبلوماسية التصالح والتوافق العربي – العربي منذ أن كان وزيراً للخارجية في ستينيات القرن الماضي ومازال يمثل صوت العقل من أجل تجنيب العرب مزيداً من الكوارث.

في كلمته خلال حفل إشهار الكتاب أشار عباس زكي إلى الشهيد فهد الأحمد الجابر الصباح وكيف قاتل في لبنان كعضو في حركة فتح واعتبر الشهيد ظاهرة بحد ذاته تضيء على العمق الذي تحتله فلسطين وشعبها في الوجدان الكويتي.

ومن المفارقات "القاتلة والمحزنة حد الكارثة" فيما يخص الشهيد "أبو الفهود" كما كان يسميه رفاقه في فتح وبقية الفصائل الفلسطينية، أن هذا المقاتل الشرس والفدائي الباسل كما يصفه من شاركوه تجربة النضال المسلح، نجا من الرصاص الإسرائيلي ولكنه سقط شهيدا برصاص "الغدر والخيانة" على بوابة قصر دسمان في صباح الثاني من أغسطس (آب) 1990 .