من مؤتمر مراجعة استراتيجيات الحركة الوطنية الفلسطينية (أرشيف)
من مؤتمر مراجعة استراتيجيات الحركة الوطنية الفلسطينية (أرشيف)
الثلاثاء 3 أبريل 2018 / 20:00

مراجعات رام الله

يفتح مؤتمر "مراجعة استراتيجيات الحركة الوطنية الفلسطينية" الذي أقامه "مركز الأبحاث الفلسطيني" بصيغته الجديدة جروحاً لدى من تبقى من الباحثين والأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين الذين عايشوا تطوراته منذ تأسيسه بقرار من أحمد الشقيري في عام 1964 حتى "ضاقت حلقة المهتمين" باستعادة أرشيفه المنهوب على حد قول أحد القائمين عليه في عصره الذهبي.

حين لفت باحثون فلسطينيون نظر إدارة "الأرشيف الوطني" في رام الله إلى ضرورة السعي لاستعادة محتويات المركز لاسيما وأنها مواد أرشيفية تؤرخ لمراحل من التاريخ الفلسطيني تم إبلاغهم بوضوح أن "أرشيفنا" هو أرشيف الدولة لا الثورة

لمن لم يتابع قصة المركز ومحتوياته التي حملها جيش الغزاة الإسرائيلي على متن عشرات الشاحنات من بيروت عام 1982 وتحولت إلى لغز بعد استعادتها في صفقة تبادل الأسرى بين منظمة التحرير وإسرائيل في العام التالي يمكن التوقف عند الأقاويل التي اتسع حضورها منذ ذلك الحين وبات الوصول الى الحقيقة خاضعا لتقاطعاتها وربما تغييب بعضها حينا وترجيحه في احيان اخرى.

إحدى الروايات التي تتحدث عن محتويات المركز المفقودة تفيد أنها رحّلت إلى الجزائر لتتسلمها منظمة التحرير هناك في صفقة التبادل ولكن لم يتم التأكد مما تمت استعادته ومثل هذه الرواية تفتح هامشاً واسعاً للحديث عن نقصان المحتويات أو إيصالها إلى الجانب الفلسطيني تالفةً.

لا يستطيع البعض من الباحثين عن محتويات المركز المنهوبة، التي خبئت زمناً في الصحراء الجزائرية، استبعاد فرضية خضوع هذه المحتويات للتخريب أو التلف وربما الاحراق في ظل الإهمال الذي تعاملت به القيادة الفلسطينية مع ما يفترض أنه مستودع للذاكرة.

هناك رواية لا تخلو من الطرافة وإن كانت مثيرة لأسف الباحثين الفلسطينيين وهي محاولة الدولة الجزائرية حماية محتويات المركز من قرارات وإجراءات فلسطينية طائشة قد تؤدي إلى إهدار تلك المقتنيات بإهدائها لهذه العاصمة العربية أو تلك مقابل بعض المكتسبات السياسية العابرة، وفي هذا السياق يجري حديث حول عرض جزائري بإقامة مركز أبحاث فلسطيني في الجزائر تم تقديمه في سنوات سابقة واختلف عليه الفلسطينيون.

حين لفت باحثون فلسطينيون نظر إدارة "الأرشيف الوطني" في رام الله إلى ضرورة السعي لاستعادة محتويات المركز لاسيما وأنها مواد أرشيفية تؤرخ لمراحل من التاريخ الفلسطيني تم إبلاغهم بوضوح أن "أرشيفنا" هو أرشيف الدولة لا الثورة، وتوصل الباحثون دون عناء إلى أن مقتنيات أرشيف السلطة لا تتضمن ما يمت بصلة لتاريخ الفلسطينيين منذ الثلاثينيات حتى عام توقيع اتفاق أوسلو مما يعني محاولة شطب مراحل المقاومة من التاريخ للتعايش مع متطلبات الراهن في الوقت الذي توجد نسخة من الأرشيف المنهوب في الجامعة العبرية.

إعادة اطلاق مركز الأبحاث في رام الله بقرار رئاسي لم تبتعد عن كل هذه المناخات، فقد جاء تسليمه إلى د.محمد أشتية الذي طرح اسمه في بورصة خلافة محمود عباس، ثم تم التراجع عنه، في إطار ترضيات بين قيادات حركة فتح المتنازعة على السلطة وليس بناءً على كفاءته كباحث قادر على القيام بالمهمة التي قام بها باحث مرموق مثل أنيس صايغ في يوم من الأيام.

يُلقي إرث الهزائم والانكفاءات التي مر بها المركز والقضية الفلسطينية ظلاله على مؤتمر مراجعة "استراتيجيات الحركة الوطنية الفلسطينية" الذي شارك فيه أصدقاء وزملاء ورفاق نكن لهم كل الاحترام والتقدير. فالظروف التي عقد فيها المؤتمر تحوله إلى تظاهرة إعلامية لا ترتقي لأن تكون ورقة يتم التلويح بها للجانبين الأمريكي والإسرائيلي على أمل الخروج من المأزق الذي تواجهه قيادة السلطة وتبقيه بعيداً عن بحث حقيقي لبدائل السياسات التي أوصلت الفلسطينيين الى ما وصلوا إليه ووجود وزير خارجية السلطة وكبير المفاوضين في الجلسة المخصصة للبحث عن "استراتيجية مستقبلية" يكرس قناعة بان المقصود من المؤتمر تأبيد النهج المتبع وليس مراجعة المسيرة العتيدة.