شرطي يراقب مسافرين في روما (أرشيف)
شرطي يراقب مسافرين في روما (أرشيف)
الخميس 5 أبريل 2018 / 12:45

متى يستمع العالم للتحذير العربي من قطر والإخوان وأردوغان؟

تطرّقت الصحافية سعاد سباعي في مقالها ضمن صحيفة المغربية الإيطالية، إلى الأخطاء المتكررة التي يقع فيها المتساهلون والمتواطئون في ملفات الإرهاب والتطرف خصوصاً داخل إيطاليا.

فتاوى التطرف والمحاكمات والتشهير والتهديدات والاعتداءات بدت مجهولة بالكامل بالنسبة للوسائل الإعلامية السائدة

تكتب سباعي وهي عضو سابق في البرلمان الإيطالي، عن اليقظة التي بات يتمتع بها الإعلام السائد حول قيام المراكز الجهادية المتطرفة بتحفيز جزء من الهجرة غير الشرعية. وبات هذا الإعلام مدركاً اليوم بأنّ المساجد الارتجالية هي مهد للتطرف وأنّ من يدّعون أنهم أئمّة هم محرضون على الكراهية والجهاد.

بسخرية واضحة، تهنّئ الصحافية هذا الإعلام على "سرعته" في إدراك هذا الواقع، فيما تشدّد على أنّ التحذيرات الكثيرة التي قدّمها المسلمون المعتدلون والناس العاديون والصحافيون الأحرار تلقّتها آذان صمّاء خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. لقد تم تصنيف هذه التحذيرات على أنّها عنصرية وتعاني من رهاب الأجانب والحقد عليهم وقيل حتى إنّها مجرد اختراعات.

فضيحة

تشير سباعي إلى أنّ ما حصل هو فضيحة لا نهاية لها. فقد شنّ البعض حملات تشويه وتحريف للحقيقة فيما تعرّض المحذّرون من التطرف للشيطنة. مع ذلك، بعد الاعتقالات التي طالت جهاديين في عدد من المدن الإيطالية، يشاهد الإيطاليون اليوم أولئك المنتمين إلى الإعلام السائد التابع لفكرة واحدة والذين خاضوا حملات التشويه والتشكيك، يتحدثون عن المساجد العشوائية والتهديدات الجهادية في المراكز الثقافية. ومع ذلك، لا تزال مقابلاتهم ومقالاتهم مترددة، وكأنّ هؤلاء لا يريدون الاعتراف بأخطائهم في الماضي. وهذا لن يؤدي إلّا لإغضاب الذين رفضوا هذا الواقع طوال عدد من السنوات.

آثار تدمير الوعي
تضيف سباعي أنّ فتاوى التطرف والمحاكمات والتشهير والتهديدات والاعتداءات بدت مجهولة بالكامل بالنسبة للوسائل الإعلامية السائدة. وكانت هذه الوقائع مزعجة بالنسبة إلى كثيرين لأنّها بُنيت على توصيفات مستندة إلى براهين واقعية عن توسع الشبكات الجهادية في إيطاليا وأوروبا. تتفهم الكاتبة صعوبة قول الحقيقة على لسان من اعتادوا الالتزام بالسيناريوهات التي يكتبها ذوو المراتب العليا. كما تتفهم الصعوبة التي سيواجهها هؤلاء في فتح أعينهم وأعين قرّائهم حول التطرف الجهادي بعدما تمّ تمرير معلومات كاذبة تمّ تلقينها عبر تدمير أي وعي نقدي.

هزيمة حارقة
حتى وقت قريب، لم يكن يجرؤ أحد على القول إنّه يجب إقفال المساجد التي يخطب فيها أئمة متطرفون لأنّها تهديد دائم على الأمن الإيطالي. لقد اعتاد هؤلاء على القول إنّ هذه المراكز الثقافية هي مورد لنشر الاندماج بين مختلف الثقافات في إيطاليا وإنّ معارضي التطرف يرسمون صورة سلبية عن هذه المراكز. لكن اليوم، يواجه الإيطاليون المساجد والأئمة العشوائيين والقنوات السرية الداعمة للتطرف في المواضع نفسها التي كان يقال من خلالها أن لا جهاديين داخل البلاد. إنّه انتصار للقوى الأمنية التي يبقى عملها مجهولاً للأسف وغالباً ما يتم التقليل من شأنه أو حتى تشويه سمعتها. لكن بالنسبة إلى بعض الإعلام والمثقفين تبدو حملة التضييق على التطرف هزيمة حارقة. والأمر نفسه ينطبق على بعض ممثلي المعارضة الذين ظلوا صامتين لبعض الوقت وكأنّ المشكلة قد انتهت.

ضرورة الإصغاء للتحذير العربي

تؤكد سباعي أنّه يتم اليوم الحفاظ على الصمت نفسه تجاه اتهام العالم العربي لقطر بتمويل التطرف وشبكات الدعوة التي ينشئها تنظيم الإخوان المسلمين وتجاه تشكيل تركيا موقعاً متقدماً للتطرف حيث باتت معرّضة للقمع العثماني الذي يمارسه أردوغان إضافة إلى ديكتاتوريته. وفيما يبقى الجميع صامتاً حول هذه المسائل، يوجهون انتباههم إلى الجهة الأخرى حيث يقف خدّام الفكرة الوحيدة التي يتغذى التطرف عليها.