جانب من المواجهات في غزة.(أرشيف)
جانب من المواجهات في غزة.(أرشيف)
الجمعة 6 أبريل 2018 / 19:57

شكراً هآرتس!

الأهمية الاستثنائية لهذه الصحيفة أنها باتت "صوت إسرائيلي" مؤثر داخل المجتمع النخبوي الأمريكي، وهي بذلك تسد بعضاً من "الفراغ المرعب" الذي تركه الفلسطينيون والعرب في مسألة لعبة الإعلام والتأثير على الجمهور الأمريكي وفضح الدعاية الإسرائيلية

تعتبر صحيفة هآرتس من أبرز وأعرق الصحف الإسرائيلية حيث صدرت عام 1919، أي منذ 99 عاماً في تل أبيب وباللغة العبرية وهي الآن تصدر باللغة العبرية بالإضافة إلى نسخة باللغة الانجليزية بالتعاون مع الصحيفة الأميركية العريقة "هيرالد تربيون"، وتنتمي هآرتس إلى خط اليسار الإسرائيلي الذي يؤمن بحل الدولتين، وكانت الصوت الأقوى في الدفاع عن اتفاقيات أوسلو عام 2003 ومازالت تشكل خط الدفاع الأول ومن داخل المجتمع الصهيوني في الدفاع عن الحق الفلسطيني والصوت الناقد لسياسات حكومة اليمين برئاسة نتانياهو.

الأهمية الاستثنائية لهذه الصحيفة أنها باتت "صوت إسرائيلي" مؤثر داخل المجتمع النخبوي الأمريكي، وهي بذلك تسد بعضاً من "الفراغ المرعب" الذي تركه الفلسطينيون والعرب في مسألة لعبة الإعلام والتأثير على الجمهور الأمريكي وفضح الدعاية الإسرائيلية.

لم تنتظر هآرتس تغير العقل السياسي النمطي لدى الكثير من العرب وتحديداً في إعادة النظرة إلى "المجتمع الإسرائيلي" وطبيعته، ولم تراهن على عامل الزمن في تحقيق ذلك، لكنها بادرت وبسقفها السياسي ورؤيتها العقائدية في استفزاز الفكر الصهيوني اليميني وهي في المقابل لم تنتظر "شكراً" منا، كما لم تقبل مجاملتنا عندما نكون خارجين عن نص "السلام" بمعنى دعم الأعمال الإرهابية التي تقتل المدنيين بدم بارد، أو الأفكار التي تُشرع لاستمرار العداء التاريخي بين العرب واليهود مع دفاعها المستميت عن حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وفقاً لقراري مجلس الأمن رقمي 242 و338.

في افتتاحيتها التي طالما كانت سبباً في استفزاز الصحف اليمينية وتحديداً "إسرائيل اليوم" التابعة سياسياً لنتانياهو والممولة من تاجر الجنس والقمار على مستوى العالم "شيلدون إدلسون"، انتقدت هآرتس بشدة ما قام به جيش الاحتلال يوم الجمعة الماضية ضد المنتفضين في غزة وقالت في افتتاحية لها يوم الخميس الماضي أي قبل يوم الجمعة السادس من أبريل(نيسان) حيث توقعت الصحيفة أن يكون مماثلاً للجمعة الدامية يوم الأول من الشهر الماضي بذكرى يوم الأرض وقالت في افتتاحيتها:

غداً "المقصود اليوم الجمعة الموافق السادس من أبريل"، سيقفون وجهاً لوجه. متظاهرو غزة وجنود الجيش الإسرائيلي. وما جرى يوم الجمعة الماضية يجب ألاّ يتكرر غداً المقصود "اليوم" أيضاً. ففي الأسبوع الماضي أطلق الجيش نيرانه الحية على متظاهرين غير مسلحين لم يهددوا حياة أحد، وقتل 18 وجرح مئات. وقد أظهرت أشرطة الفيديو عمليات إطلاق النار على ظهور المتظاهرين، وعلى رأس متظاهر رافعاً يديه، أو إطلاق نار على متظاهر كان ينهض بعد إنهاء صلاته. تقريباً كل المنظومة السياسية أيّدت الجيش وحتى شجعته. وزير الدفاع قال هذا الأسبوع أيضاً إن كل من يقترب من السياج الحدودي يعرّض حياته للخطر. هذا موقف لا إنساني ولا أخلاقي وغير قانوني.

تتوقع افتتاحية هآرتس المشار إليها "أن يستخلص الجيش الإسرائيلي من دروس الفشل من يوم الجمعة الماضي، وأن ينتهج أسلوباً آخر، فمقتل 18 متظاهراً وجرح مئات هو بالتأكيد فشل. إن أغلبية الذين يقفون في مواجهته ليسوا جنوداً ولا مخربين. هم مواطنون قرروا خوض نضال غير عنيف دفاعاً عن حريتهم. هذا من حقهم. ومن واجب الجيش الإسرائيلي أن يقوم بمهماته، لكن خنق هذا الاحتجاج ليس بينها".

هآرتس هي الصحيفة المؤثرة على المستوى الإسرائيلي والعالمي التي كالت الاتهامات لجيش الكيان الغاصب، وكنت أتوقع بعد مجزرة غزة الأسبوع الماضي أن يتم تنظيم حملة إعلامية عربية على مستوى الإعلام الفضائي الرسمي أو الأهلي أو على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي أولاً: لإدانة المجزرة التي مرت بصمت "مريب" وثانياً: لتعظيم ودعم النضال الشعبي الفلسطيني في قطاع غزة أو الضفة الغربية ضد الجيش "المهزوز"!

مؤسف للغاية أن تعقد المؤتمرات المتخصصة بالإعلام والندوات الفكرية والسياسية ولا يجري التوقف عند ما يجرى في فلسطين، ومؤسف أكثر أن هآرتس باتت صوت الحق الفلسطيني والعربي في غياب "صوتنا"!
.... شكرا هآرتس.