القائد العام للقوات المسلحة الليبية الجنرال خليفة حفتر.(أرشيف)
القائد العام للقوات المسلحة الليبية الجنرال خليفة حفتر.(أرشيف)
الخميس 19 أبريل 2018 / 11:48

بين متطرفي قطر وخليفة حفتر.. على أوروبا حسن الاختيار

لا ترى الصحافية سعاد سباي أي لغز في اعتبار تنظيم الإخوان المسلمين وشبكاته الدعوية الجهادية الدولة الليبية هدفاً جذّاباً. وتضيف في مقالها ضمن صحيفة المغربية الإيطالية أنّه ليس سراً تشكيل حضور الجنرال خليفة حفتر، رجل بنغازي القوي، رادعاً مذهلاً ضد سيطرة الإخوان المطلقة والشاملة على تلك البلاد. تشهد ليبيا اليوم هشاشة وتفتتاً غير مسبوقين على الصعيد الإثني-السياسي.

وجود حفتر وقوته هما عائق أمام طموحات الإخوان المسلمين

وكما جرت العادة في وسط الفوضى، يتدبر الإخوان أمر تسللهم إلى أوروبا بطريقة فعالة كما جرى في تونس ومصر، من أجل إبقاء التركيز على شمال أفريقيا. وفي الأيام القليلة الماضية، سلط حدثان الأضواء على ليبيا وعلى الثنائية التي طبعتها خلال السنوات الأخيرة: تعيين خالد المشري رئيساً للمجلس الأعلى في الدولة والشائعات التي تم نفيها حول موت خليفة حفتر. كان المشري واحداً من معارضي الجنرال الأساسيّين، وبالتالي أقلقت هذه المصادفة هؤلاء الذين يخافون من أن تَضعف بشدة الجبهة المناهضة للإسلاميين المتطرفين، وفي الوقت نفسه، من معاودة جبهة الإسلاميين نشاطها بقوة.

لم تسقط في يد الإخوان وقطر
إنّ واقع أنّ حفتر لا يزال حياً كما قال الناطق باسمه يعيد تنشيط الآمال بأنّ ليبيا ليست كلها في أيدي الإخوان المسلمين والطموحات التوسعية للدولة القطرية التي تستمرّ في تمويل أعمال الإخوان المسلمين وشبكاتهم الدعوية منذ حوالي عقد. من الواضح أنّ ليبيا هي دولة استراتيجية للغرب بما أنها تشكل الجار الأول له في جنوب المتوسط كما تشكل المركز الأساسي لموجات الهجرة الكبيرة. لكنّ أهميتها لا تعبر عن أولوية بالنسبة إلى الغرب وحده. فليبيا هي أيضاً دولة استراتيجية بالنسبة إلى القوى المعتدلة في شمال أفريقيا مثل المغرب وتونس ومصر. هذه الدول لن تنظر بإيجابية إلى احتمال حصول تغير في طرابلس الغرب باتجاه التطرف، وهو ما قد يضر التوازن الإقليمي على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط. وتشرح سباي أنّ هذا التوازن قد تمّ تحقيقه من خلال بذل تضحيات جمّة.

الإخوان يفضحون أنفسهم
تضيف الصحافية أنّ خطوة تنظيم الإخوان الذي جعل تعيين المشري رئيساً للمجلس الأعلى أمراً ممكناً تشكّل بلا شك تغييراً في وتيرة "الفوضى المستقرة" داخل ليبيا التي سيتحدد مصيرها وفقاً لتوجهات قيادتها السياسية والأيديولوجية. إنّ وجود حفتر وقوته هما عائق أمام طموحات الإخوان المسلمين. وحين يسارع كثير من الناس لإعلان وفاته بناء على تغريدة عبر تويتر، يعمد التنظيم إلى تسريع هذه الوتيرة أكثر، على الرغم من أنّ هذه الخطوة ستكشف منطلقات استراتيجيتهم.

قادر على تطوير علاقة متوسطية

تشير الكاتبة إلى أنّ ما يحصل اليوم يشبه ما حدث بعد الإطاحة بالرئيس الليبي السابق معمر القذافي حين تمّ تعيين مصطفى جليل رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي الليبي لا من قبل جماعته بل من قبل الغرب الذي أراد تقديم "وجه نظيف" للعالم. إنّ الصورة التي أظهرت رئيس الوزراء البريطاني السابق دايفد كاميرون والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي إلى جانب جليل، مسرورين ومنتصرين في ليبيا، يجب أن تذكّر الجميع بأنّ عمليات كهذه تؤدي دوماً إلى الفشل أو إلى الكارثة كما بدا في تلك البلاد. بمواجهة هذه الظروف واستراتيجية تنظيم الإخوان المسلمين، يجب على الغرب الاختيار بين البقاء، إمّا مع المتطرفين الذين تمولهم قطر وإمّا مع الاستقرار الذي يؤمنه رجل قوي قادر على تطوير علاقة تعاون بين الدول المتوسطية. إنّ موجات المهاجرين التي لا يمكن السيطرة عليها والتي وصلت إلى أوروبا خلال السنوات الأخيرة، يجب أن تذكر الأوروبيين بالجهة التي عليهم دعمها في المرحلة المقبلة.